حالة من الاستقطاب السياسى، تشهدها البلاد بين مؤيدى الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، وصلت إلى الزج بأسماء شهيرة فى عالم الرياضة فى هذا الصراع المحتدم.
واللافت أن أبرز الأسماء، التى تدخل فى هذا الصراع هما لاعب ليفربول العالمى محمد صلاح، ونجم النادى الأهلى ومنتخب مصر السابق محمد أبو تريكة، فالكثير يحاول الزج بهما فى حالة السجال الموجودة من خلال نسب تصريحات لهما عن الأوضاع السياسية داخل البلاد.
محمد صلاح
محمد صلاح، هداف الدورى الإنجليزى برصيد 28 هدفًا، أصبح حديث الساعة فى الداخل والخارج، واستطاع بجدارة أن يكون نجم الشباك فأصبح اللاعب هدفًا للاستقطاب السياسى.
“أنا الموضوع بالنسبة لى كان مفاجأة جدًا، كنت فى معسكر المنتخب للتحضير لأمم إفريقيا، فكنت نازل آكل لقيت المهندس إيهاب لهيطة، مدير المنتخب، بيقولى: يا محمد عندك اجتماع بكرة مع رئيس الجمهورية، بصيت له قولتله: اجتماع! ليه؟، هكذا يحكى صلاح كواليس لقائه بالرئيس السيسى، للإعلامية المصرية لميس الحديدى، التى قاطعته: «ليه خير؟! خُفت يعنى ولا إيه؟» ليرد صلاح: «مفاجأة، قالى محدش يعرف(السبب)، الاجتماع بكرة الساعة 2، فأنا معرفش أى حاجة، معرفتش غير وأنا هناك إن الاجتماع ده تكريمًا لدورى مع الشباب، وإنى قدوة كويسة للشباب، عملت الاجتماع؛ ما أخدش وقت كتير ومشيت عشان المعسكر».
الاجتماع الذى لم يستمر طويلًا، أعقبه بيان من الرئاسة يتضمن شكرًا لصلاح بعد تبرعه لصندوق «تحيا مصر»، بمبلغ خمسة ملايين جنيه، والأهم من ذلك؛ انتهى بصورة جمعت الرئيس السيسى باللاعب العالمى، واستمر استخدامها دعائيًّا فترات طويلة من قبل الإعلاميين.
السيسى خلال تكريمه لمنتخب مصر، عقب صعوده إلى كأس العالم، وجه الشكر للمنتخب، ولصلاح وقال له: «أنا بشكرك يا محمد، أنت كان عليك ضغط شديد جدًا فى آخر أربع دقائق، وهو قدام 100 مليون مصرى الكرة دى لازم تخش جون عشان نفوز والكل يبقى فرحان، وأنا بسجل احترامى ليكم كلكم فى شخص محمد».
أبو تريكة
بين لحظة وأخرى، انتقل كابتن مصر والنادى الأهلى محمد أبوتريكة، من لوحة شرف أمير القلوب إلى القائمة السوداء لوزارة الداخلية، حيث أدرجته على قائمة الإرهاب، حتى بعد أن أوصت نيابة النقض ذات الرأى الاستشارى، بحذفه من القائمة.
تريكة، حبيس محاولات الاستقطاب السياسى من قبل الأنظمة، وضعه فى سلة واحدة مع جماعة الإخوان.
أبوتريكة، فى حوار له مع مجلة “الأهرام الرياضى” قال: إنه يفكر فى سحب استمارة عضوية لحزب الحرية والعدالة، وذلك حينما قررت الجماعة إنشاء حزب سياسى فى هذا الوقت، وبعدها ظهر اللاعب فى قناة “25 يناير” ليعلن دعمه لمحمد مرسى فى انتخابات الرئاسة.
وهناك محاولات لرأب الصدع، حيث أعلن الإعلامى أحمد سعيد، أن اللاعب محمد صلاح يقود مصالحة بين الدولة وتريكة “خاصة أن الأخير لم يضر مصر بأى شىء”.
أبو المعاطى: الاستقطاب السياسى للرياضيين مستمر منذ عقود.. وصلاح وتريكة أحد ضحاياه
يقول أبو المعاطى زكى، الناقد الرياضى ورئيس تحرير صحيفة نجم الجماهير، إن الاستقطاب السياسى للرياضيين تم منذ عقود عديدة سابقة، وفى كل العصور بشخصيات مختلفة، والدليل أن البرلمان انضم له شخصيات رياضية مختلفة، أبرزها خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، أمثال أحمد عفت الرياضى الشهير والإعلامى الكبير فهمى عمر، وقطاع كبير جدًا ممن تعرضوا للاستقطاب داخل البقعة السياسة.
وأضاف زكى، أنه يتم استخدام نجوم الكرة للعديد من الأغراض السياسية، كما يتم استخدام أهل الفن وذلك ليس عيبًا خاصة فى القضايا القومية، لكن العيب عند استخدامهم لأسباب فئوية بسيطة وتافهة ولمصالح خاصة، وذلك ما يسمى بـ”الاستقطاب النفعى اللحظى”، لأنه يحدث خلال مرحلة زمنية محدودة بحثًا عن المصلحة، وهناك من يتم استقطابهم من قبل رجال المال والسياسة بشكل خاص، الذين يبحثون دائمًا عن القبول الشعبى من خلال الرياضة سواء بالتبرع لهم بالملايين ودعم الأندية لكسب عاطفة الجماهير.
وأوضح رئيس تحرير نجم الجماهير، أن أكبر مثال على ذلك خلال فترة حكم الإخوان، كان يتم الزج ببعض الرياضيين، وكنا نراهم بالدعاية الانتخابية لمحمد مرسى وبالمؤتمرات، لأن الرياضى نفعى بطبيعته ويبحث عن مصلحته الخاصة قبل أى شىء، مؤكدًا أنه خلال هذه الفترة تم الزج بعدد كبير من الرياضيين سياسيًا، لأن الإخوان كانوا يعلمون جيدًا أن الزمن القادم زمن الرياضيين وحاولوا ركوب هذه الموجة ومن أبرز من تم استقطابهم ذلك الوقت “ربيع ياسين، وهادى خشبة وعماد النحاس وجمال عبد الحميد ومحمد عامر، وغيرهم من نجوم الكرة ممن كانوا يطلقون لحيتهم وظهروا خلال مؤتمراتهم.
وأشار أبو المعاطى، إلى أن الأمر مختلف بالنسبة لأبو تريكة، عن كل من تم استقطابهم والزج بهم سياسيًا، فيعد مستواه أعلى من الآخرين لأنه كان على علاقة بجماعة الإخوان.
واستكمل زكى، أن موقف أبو تريكة تغير مؤخرًا خلال الشهور الماضية فقط، بعد التحفظ على ممتلكاته وسفره للخارج وبالتحديد عقب وفاة والده، ظهر عليه تطور فكرى جديد وبدأ يشارك فى بعض الأشياء الخاصة بالجيش ومن خلال كتابة البوستات عبر حسابه الخاص على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك لم يحدث من قبل.
وأما بالنسبة فيما يخص محمد صلاح، أوضح الناقد الرياضىـى، أن هناك العديد من المحاولات للزج به سياسيًا من خلال ترويج بعض الشائعات، مثلما حدث فى موضوع لحيته لكنها كلها باءت بالفشل، وظهرت عنه هذه الشائعات نتيجة ارتباطه وقربه من أبو تريكة خلال تدريب المنتخب والتواصل المستمر معه، لكن الحقيقة، أن صلاح، لا علاقة له بأى تيار سياسى، فهو ينتمى فقط إلى بلده والدليل على ذلك تبرعه لمشروع تحيا مصر، وما يقوم به من أعمال خيرية فى قريته، فهو ينتمى فقط للإنسانية مثله مثل الكابتن محمود الخطيب، فهو على مدار تاريخه لم ينتم إلى أى فصيل سياسى.
وأكد أبو المعاطي، أن الأمر لم يقتصر على استقطاب الرياضيين والزج بهم فى عالم السياسية خلال مجتمعاتنا العربية فقط، بل يحدث بالخارج وعلى مستويات رفيعة، وعلى سبيل المثال ماردونا، أشهر نجوم الكرة فى العالم، وكذلك بيليه، تم استقطابه لأفكار سياسية معينه وتعمق فى السياسية حتى أعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية، وعقب ذلك وصلته هدية عبارة عن رأس فيل مقطوعة بداخلها كنوع من رسالة التهديد للبعد عن السياسة.
أستاذ علوم سياسية: ارتباط وثيق بين الرياضة والسياسة
يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن الرياضة دائمًا مرتبطة بالسياسة، فعندما تتواجد شخصية عامة تنجح فى حب وامتلاك قلوب الملايين من الجماهير، يحدث الاستقطاب السياسى له من خلال بعض التيارات، مؤكدًا أن هناك بعضًا من الشخصيات الكروية تكون فى الأساس منجذبة لهذه التيارات، ولهم اتجاهات معينة وواضحة ويتم استغلالهم من خلالها، وأكبر مثال على ذلك علاقة محمد أبو تريكة بجماعة الإخوان، وكان يتم استغلاله لعمل الدعاية لهم.
وأضاف صادق “، أنه بالنسبة لمحمد صلاح، فشهد العديد من النجاحات، وكانت هناك محاولة للزج به بالتيار الإسلامى “اسلاميكو”، وذلك من خلال ترويج إشاعة إطلاق لحيته، التى انتشرت مؤخرًا لكنه لم يلتفت إليهم، موضحًا أن صلاح هو ابن النظام ومن محبى الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأعلن ميوله وعلى مسمع الجميع، لكن هناك بعض الفئات لم ترض عن ذلك وحاولت إفساده والتأثير على شعبيته.
وأكد أستاذ علم الاجتماع، أن ذلك الأمر يحدث بالدول الأوروبية، ولا يقتصر على عالمنا العربى فقط، فالرياضة والسياسة مزيج واحد لدى الجميع، وذلك أمر منتهى.