في طقوس عجيبة، يتعرض الطالب الليبي يوم تخرّجه من الجامعة إلى الضرب بالبيض والحجر، والتنكيل بسكب الزيت وإهالة التراب على جسده من طرف أصدقائه وأقاربه، كتعبير غريب عن فرحتهم بنجاحه في إنهاء دراسته الجامعية، واستعداده للدخول في الحياة المهنية.
يستحضر يونس الشيخي الذي يعمل اليوم في قسم التسويق في مؤسسة #النفط، يوم تخرجه من كلية الاقتصاد عام 2010، عندما أنهى مناقشة أطروحته أمام لجنة الأساتذة التي أعلنت نجاحه بتفوق، قبل أن يتفاجأ عند خروجه بأصدقائه وزملائه يتربصون به وينتظرون ظهوره للاحتفاء به على طريقتهم.
ويقول لـ”العربية.نت”: حاولت الاختباء بالجدران للتسلل إلى وراء الجامعة، إلا أنهم تفطنوا لي، وقاموا بالركض ورائي وإسقاطي أرضاً، لم أستسلم في البداية ودخلت معهم في معركة من أجل التخلص منهم، لكن دون جدوى، خارت قواي بين أيديهم التي كانت تحمل قوارير زيت السيارات المحترق، فتمّ سكبها على جسدي ثم رميي بالتراب وبالبيض، فتحولت في دقائق إلى مهرّج مرعب ومخيف، قبل أن يتم تقييدي ووضعي في السيارة والقيام بجولة في المدينة”.
وعلى الرغم من أن هذا التقليد المتوارث عبر الأجيال والمثير للاشمئزاز كان مؤلماً ليونس، إلا أنه يؤكد أنه يجري على سبيل الدعابة والهزل، مضيفاً أنه لم يرغب في منع أصدقائه من مشاركته فرحته يوم تخرجه حتى ولو كان على حسابه.
ويعتبر الشيخي أنها “عادة جميلة تعبّر عن الفرحة واللحمة بين الأصدقاء، بقيت ذكرى رائعة لا تزال عالقة في ذهني إلى اليوم، لقد كان كل شيء ممتعا وجنونيا في الجامعة، على عكس الحياة المهنية التي تتميّز بالروتين والجدية”.
وعلى عكس يونس، يرفض الطالب بالجامعة الخاصة لتقنيات الحاسوب أمين خلف من مدينة #مصراتة، هذه الطريقة الفريدة من نوعها التي تميّز احتفالات التخرج في ليبيا، معتبراً أنها “مظاهر سخيفة يجب وقف التعامل بها”، لافتاً إلى أنه لن يسمح بأن يتم التنكيل به يوم تخرجه بعد عام ونصف، وتقويض فرحته.
ويبرّر أمين موقفه بأن هذه العادة هي “سلوك دخيل على الشباب الليبي لا يساهم إلا في تفشي مظاهر #العنف وتحويل أجمل يوم في حياة الطالب إلى أتعس يوم”، موضحاً أنها “قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة إذا تعرض الطالب إلى إصابة ما عند ضربه والتنكيل بجسده”.
ويقول: “يوم التخرج يجب أن يكون أجمل يوم في حياة الطالب، يرتدي أفضل ما لديه من الثياب، ويلتقط الصور مع أصدقائه وعائلته وأساتذته، ويكون في قمة سعادته، لماذا كل هذا الجنون والعنف؟”.