القاهرة – فاطمة عبد الرءوف : —
في الوقت الذي تعاني فيه ملايين الفتيات من تأخر سن الزواج إذا بي التقي في الفترة الأخيرة بنساء تزوجن وطلقن ثم تزوجن وطلقن ثم تزوجن وسعدن في المرة الثالثة وكل ذلك في فترة زمنية قياسية ..هؤلاء النساء تزوجن برجال من الممكن وصفهم بالمميزين ..شغلني الأمر كثيرا فلماذا فتاة لا يتقدم لها أحد ؟أو يتقدم لها من تملؤه العيوب الواضحة وأخرى تتزوج بمنتهى السهولة وتطلق ويتكرر الأمر حتى المرة الثالثة
العروس الأولى التي تزوجت للمرة الثالثة تقدم لها جار شاب يعمل في مركز مرموق ..مطلق وليس لديه أولاد وتقدم لها وهي لا تزال في فترة العدة واعتذر عن ذلك أنه خشي أن يسبقه أحد .
والعروس الثانية التي تعرفت عليها تسكن في الريف وخاض زوجها الذي يتزوج للمرة الأولى حربا طاحنة مع أسرته الريفية حتى يقبلوا بزواجه من عروسه التي تتزوج للمرة الثالثة والتي حالت ظروفه المادية أن يتزوجها منذ سنوات فهي أيضا جارته .
لعل الظن الأول الذي يتبادر إلى الأذهان أن العروستين جميلتان بطريقة أخاذة ..والحقيقة ليست هكذا أبدا فمع أن الجمال مسألة بالغة النسبية ولكن وفقا للمتعارف عليه في المجتمع فهما ذات جمال عادي وهاديء جدا تشبهان ملايين المصريات ..كل شيء عادي ..ملامح عادية ..تعليم عادي ..ظروف مادية عادية فلماذا إذن ؟
يقينا أعرف أن الزواج رزق كما السعادة كما المال ..كل شيء رزق ولكن للرزق أسبابه أيضا وهذا ما دفعني للتأمل فوجدت بينهما رابطا مشتركا ربما يغيب عن الكثيرات ولعل هذا هو سبب الرزق ..إنهما شديدتا الثقة بشكل واضح ..إذا جلست إحداهما تصدرت المجلس وبادرت بالحديث ..لا تبحث عن ركن بعيد وتجلس فيه كأنما تخشى أن يراها أحد ..بعض الفتيات إذا ذهبن إلى عرس لا تتواجد فيه غير النساء يجلسن خجلات منزويات يجبن التحية بخفوت وكأنما يخشين أن يسمعهن أحد ..بعضهن إذا جاءها خاطب تجلس للرؤية الشرعية لا ترفع عينيها ولو للحظة حتى ربما لا تعرف شكل الخاطب ..إذا سألها عن شيء لا ترد أو تتكلم بكلمات باهتة لا معنى لها ..أكثر من شاب يترك تلك الجميلة المنزوية الغامضة الصامتة بحثا عن تلك التي تتمتع بالحيوية ..والله سبحانه يقول ” وقلن قولا معروفا ”
تحكي صديقة مقربة عن قريب لها له سنوات يبحث عن عروس جميلة حتى قارب الأربعين فأشرت إليها بصديقة بارعة الجمال ولم تكمل الخامسة والعشرين بعد جميلة بطريقة لا يختلف عليها اثنان ومتواضعة جدا وهادئة للغاية ومتدينة ..انها عروس مثالية ولدهشتنا جميعا رفضها رغم أنه اعترف بشدة جمالها لأنه وكما قال شعر أنه جالس مع تمثال جميل لا روح فيه وتزوج بعدها بشهور قليلة بفتاة من نفس عمره من جنسية عربية ..وتحدى أسرته التي كانت تخشى من مشكلات الحمل في هذا السن ..العروس العربية جميلة نعم ولكن كالكثيرات ممن ذهب إليهن لكنها شديدة الثقة بنفسها لم تشعره ولو للحظة أن لديها مشكلة بسبب تأخرها بالزواج فهي لن تتزوج من أي أحد وحياتها غير متوقفة بحثا عن زوج فهي مشغولة جدا وحياتها مليئة بالفاعليات و..الأكثر من ذلك إنها اشترطت عليه شروطا كثيرة قبلها جميعا .
الأمر الثاني الذي اكتشفته في العروستين اللتين تزوجا للمرة الثالثة هو اهتمامهن الشديد بالنفس فالعروس الريفية منتقبة وعلى الرغم من ذلك لا تخرج إلا إذا وضعت مكياج كامل حتى لو كانت ذاهبة للسوق وفي أي تجمع نسائي عندما ترفع النقاب تظهر بأجمل صورة من الممكن أن تظهر فيها ..تهتم بكل تفاصيلها الصغيرة وهو ما يمنحها تلك الثقة التي تتعامل بها مع الجميع .والعروس القاهرية لا ترتدي أبدا وفقا للسائد فلديها دائما ذوق خاص بها مختلف عن الأخريات ..بالطبع هي ليست دعوة منى لارتداء ملابس التبرج ولكنها دعوة للاهتمام فالبعض قد يدفعهن الاحباط إلى حالة اللا مبالاة وتذكري دائما قوله صلى اله عليه وسلم (لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً (أنثى)، لَكَسَوْتُهُ وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنْفِقَهُ ) ..الاهتمام هو ذلك السر الذي جعل صديقتي المطلقة التي تناهز الستين عاما تتزوج بذلك الرجل الرياضي الأرمل ذو المركز المرموق والذي يساويها في السن تماما فهي مؤمنة تماما أن الأنوثة ليس لها سن محدد.
وأخيرا تذكري
الزواج رزق له أسبابه وهذه هي أهم الأسباب :
ـ الاستغفار بنية التيسير والزواج والإنجاب ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارً) ودلت التجارب الكثيرة جدا على أنه بالاستغفار تحل أصعب المشكلات وأعقدها فكوني على يقين من هذا
ـ الدعاء أن يكفيك الله بحلاله عن حرامه ويغنيك بفضله عمن سواه مع الالتزام بآداب الدعاء والإصرار والإلحاح .
ـ الصدقة بنية الرزق ولها أثر مشاهد ملموس
وهذه بعض الأسباب الاجتماعية للزواج :
ـ التواجد الاجتماعي للأسرة فالأسر المنزوية اجتماعيا حيث دائرة العلاقات الضيقة والمحدودة غالبا تتأخر بناتها في الزواج وربما لا يتزوجن إطلاقا حيث لا يكاد يعرفهن احد أو هي تلك المعرفة السطحية الباردة .
ـ كثير من الأسر التي تزوجت بناتها كانت أسرة الفتاة تلمح بالقبول والتيسير ومراعاة أحوال الشباب لمن حولهم من الأسر الأخرى .
أما على مستواك الشخصي يا عزيزتي فلابد من
ـ الثقة بالنفس وهي لا تعني التكبر أو الغرور أو التعامل مع الناس بتعال نهائيا ولكن تعني أن تكوني متواجدة بقوة في المكان الذي أنت فيه فلا تقبلي أن تكوني ظلا أبدا ..إذا كنت في عمل فكوني مبادرة ليس لأجل البحث عن زوج ولكن لأنك تستحقين ذلك وسيأتي الزوج لاحقا لا تتعجلي ..كانت صديقتي المعلمة قد بادرت بتعليم بعض الفتيات أحكام التلاوة في أوقات الفراغ ..كانت شديدة الثقة بنفسها وحجابها ورسالتها وهي تعمل في مدرسة كل من فيها من معلمات غير متزوجات ومعظمهن شديدات التبرج فكانت المفاجأة أنها أول من تتزوج منهن ويتقدم لها زميل غير ملتزم كانت الكثيرات تحاولن التقرب منه لوسامته الشديدة ولكنه انجذب إلى حجابها وثقتها في نفسها ودروسها التي كان يختلس السمع لها لقد مل عالمه وأراد أن يرتقي إلى عالمها .
إذا دعيت إلى مناسبة يا عزيزتي فكوني شديدة الثقة بنفسك ..للثقة جاذبية تشبه المغناطيس وكما ترين نفسك سيراك الناس فإذا كنت مهزوزة لا تشعرين باستحقاقك لزوج جيد فسيراك من حولك هكذا ..أرجوك توقفي عن بث تلك الرسائل السلبية إلى نفسك ..قد يحتاج الأمر لبعض الوقت لا بأس ولكن لابد من الممارسة والمحاولة حتى تصبح الثقة جزء أصيل من شخصيتك ..راجعي موقف أم سليم عندما تقدم لها أبو طلحة ولاحظي قدر الثقة في خطابها ..راجعي قصة زواجه صلى الله عليه وسلم بأمنا خديجة رضي الله عنها ..راجعي كلام أم المؤمنين عائشة وهي تمتدح نفسها ..راجعي ثقة أم المؤمنين أم سلمة عندما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ورفضت في البداية ولم تسارع في القبول ..انظري من حولك ستجدين هؤلاء الواثقات من أنفسهن وقد حققن نجاحات كثيرة فلماذا لا تكوني مثلهن ؟
ـ الاهتمام الحقيقي بالنفس على كافة المستويات ..تذكري يا عزيزتي أن ثقتك بنفسك ستكون ثقة ساذجة فارغة أو ثقة مثيرة لسخرية من حولك إذا لم يدعمها اهتمام حقيقي وصادق بنفسك بدءا من عقلك وإثرائه انتهاءا بمظهرك وأناقتك الملتزمة مرورا باكتساب أفضل المهارات الشخصية التي أنت بحاجة إليها ..الأمر ليس صعبا فقط أحسني الظن بالله واعملي جهدك وستتوالى عليك نتائج لم تكوني أبدا تتوقعينها .وأخيرا لا تتصوري أن الزواج هو نهاية حلمك كما تفعل الكثيرات فتخسر كل شيء وأوله زواجها نفسه
حالتك الإيمانية ودعائك واستغفارك وشكرك ليس له علاقة بحالتك الاجتماعية ..ثقتك بنفسك لا تلقيها قربانا لمن تحبين وإلا فلا تفزعي عندما تجدينه يمتن عليك بزواجه منك بعد أن كان يتلهف لقبوله زوجا وستجدين نفسك تحت مطرقة الزواج الثاني لأخرى أكثر ثقة في نفسها ..اهتمامك بنفسك هو وقود الثقة وإذا لم تهتمي بنفسك فلن يهتم بك أحد لن يلتمس لك أحد العذر لمشاغلك الكثيرة وضغوط الحياة التي ألقيتها فوق رأسك .