فيينا : مصطفي درويش : —-
في هذا المقال يتم تناول موضوع قصة يوسف عليه السلام كما هي مقررة على تلاميذ الفصل الخامس الإعدادي بالمدارس الإلزامية النمساوية ورد فعل التلاميذ علي بعض ما جاء فيها . ويأتي ذكر هذه القصة في الكتاب المدرسي في الفصل الخاص بالتاريخ الإسلامي وقصص الأنبياء ، وهي مقسمة في عددة أجراء وكل جزء منها يحمل عنوانآ خاصآ به . فالجزء الأول جاء بعنوان رؤية يوسف وطفولتة والجزء الثاني بعنوان يوسف في السجن ثم الجزء الثالث بعنوان أمين الصندوق في مصر ثم الجزء الرابع والأخير بعنوان يوسف وأخوته .
وفي احدي الفصول لم تقبل التلميذات فكرة دخول يوسف إلى السجن وتسآئلن عن السبب وراء ذلك . يذكر الكتاب أن الحسد والغيبة من الأسباب التي أدخلت يوسف السجن . ولكن التلميذات رفضن هذه الأسباب . والجدير بالذكر هنا أن التلميذات أخذن يتدبرن في دقائق الأمور ويفندن الأسباب ويبدون رأيهن فيها . فذكرت لهن ما حدث بين يوسف وزوجة العزيز بمفردات تتناسب مع المرحلة العمرية التي يمرون بها وذكرت لهن الآية {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٢٦﴾ . ثم كان الحوار التالي :
التلميذات : بما أن قميصة قد من دبر فالمرأة هي الكاذبة ، فلماذا دُفِع بيوسف إلى السجن ؟
المدرس : ربما أراد الزوج أن يبرأ زوجته ويحفظ ما ء وجهه ويدفع التهمة عن بيته ؟
التلميذات : ولكن هذا افتراء وكذب وظلم
ثم تواصل الحوار بين تلميذتين
التلميذة 1 : وماذا كنت تفعلين لو كانت أمك مكان هذه الزوجة ؟
التلميذة 2 : إذا كانت أمي محل هذه الزوجة وهي التي أخطأت فعليها تحمل وزرها .
التلميذة 1 : أتدافعين عن الرجل ولا تدافعين عن أمك ؟
التلميذة 2 : الحق لا يعرف أمي أو أمك ولا يفرق بين رجل وامرأة .
التلميذة 1 : وما الحل في مثل هذا الموقف ؟
التلميذة 2 : الحق حق والظلم ظلم بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الدين .
تابعت هذا الحوار بإعجاب شديد لقدرة التلميذات على التحاور وعلى تطورهم التربوي بأن يكون لهن رأي مع احترام الرأي الآخر بالإضافة إلى التطور الواضح في شخصيتهم المستقلة . كما اندهشت من هذه البراءة والفطرة الإيمانية في نفوسهم وتذكرت قول المولي سبحانه وتعالي {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ }الأنعام 152 . وقلت في نفسي حقآ لقد فقدنا برائة الأطفال وتلك الفطرة الربانية فضاع العدل وانتشر الظلم بين الناس . ومازال المعلم يتعلم من تلاميذه !
فيينا : 16.02.2018 مصطفي درويش