فيينا : مصطفي درويش : —
شاهدت منذ يومين بمواقع التواصل الإجتماعي صور يظهر فيها تعامل الممرضات بالضرب مع المرضي “وفقآ للتعليق المرفق بها” ، وراعني ماشاهدت وأصبت بصدمة كبيرة وألم أكبر . فمن المعروف أن مرضي مستشفي العباسية يعانون من أمراض نفسية ويحتاجون إلى رعاية صحية خاصة . وكان ردي على هذه الصور بأنه إن كانت هذه الصور حقيقية فألامر مؤلم ومؤذي للمشاعر الإنسانية . وانتهي الموضوع بالنسبة لي عند هذا الحد .
ولكني أصبت بخيبة أمل أكبر عندما قرأت مساء الخميس الموافق 08.02.2018 رد فعل السيد وزير الصحة على الصفحة الإكترونية لجريدة الشروق الواسعة الإنتشار في مصر بقوله أن “أهل الشر” وراء تصوير مرضي مستشفي العباسية . وأقول للسيد الوزير إن الشر ليس في الذين قاموا بالتصوير – وهي واحدة حسب زعمك – ولكن الشر في الذي يقومون بهذه الأعمال الإجرامية مع أناس لا حول لهم ولا قوة . وهل التصوير هذا “يؤذي المصابين بأمراض نفسية في العباسية” كما تقول أنت سيادة الوزير أم أنه يفضح واقع مؤلم يندب له الجبين .
ثم ما دخل مطالبة الممرضات بزيادة رواتبهم أكثر من مرة وقيامهن بوقفات احتجاجية لهذا السبب وبين التصوير الذي يظهر تعرض المرضي للضرب . هل ضرب المرضي هو أحد آليات العلاج بهذه المستشفي ؟
أليس من حق هذه الممرضة المجتهدة التي واصلت التعليم وحصلت على بكالوريوس الإعلام أن تترك مهنة التمريض والعمل في الإعلام ؟ هل العقد المبرم مع هذه الممرضة عقد احتقار وعبودية ؟ ولماذا يتم رفض طلبها ؟ وهل كتب عليها العمل في التمريض رغمآ عنها ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تم إيقاف بقية الممرضات عن العمل ؟ هل هي واحدة التي قامت بالتصوير كما قلت أنت سيادة الوزير ؟ أم أنهن جيمعآ قاموا بضرب المرضي أو حتي تصويرهم أثناء استحمامهم ؟ أم لأنهم يطالبون بزيادة رواتبهم ؟ فكان العقاب الجماعي ؟
وقمت سيادتكم بوقف مدير المستشفي عن العمل لأنه “لم يكن حازمآ بشكل كاف” كما تزعم ، فما الذي تقصده سيادتكم بهذا الحزم ؟ ألم تقل بنفسك أن الممرضة صاحبة بكالوريوس الإعلام هي التي قامت بالتصوير ليلآ ؟ تري لو كان مدير المستشفي حازمآ بالقدر الكاف ما كانت تجرأت على التصوير ؟ أم عدم حزمه هو الذي دفع الممرضات العشر الأخريات بالمطالبة بالزيادة أكثر من مرة وتنظيمهن وقافات احتجاجية ؟ أليس هذا حقآ من حقوق الإنسان في الإعتراض ؟ ثم أن وقفاتهن الإحتجاجية هذه تعد تصرفآ حضاريآ وديمقراطيآ سيادة الوزير!
وأخيرآ ختمت كلامك سيادة الوزير بأنك “مستاء وحزين على ما يحدث في مصر هذه الفترة”. وما هذا إلا تعميم وتضخيم وبعد عن الواقع المؤلم الذي حدث في مستشفي العباسية . فليعمل وليهتم كل في مجاله ومجالك سيادة الوزير هو وزارة الصحة وما يحدث فيها وهو بلا شك حمل ثقيل أعانك الله عليه . ثم ما الذي يحدث في مصر هذه الفترة مما يجعلك مستاءآ وجزينآ؟
كان من الأولي أن تهتم سيادة الوزير بما يحدث داخل مستشفي العباسية والعمل على رفع كفاءة العمل بها ، بل وبكل مستشفيات مصر على السواء . نعم إن الصور مؤلمة والتصوير مؤذي للمشاعر “سواء كان ضربآ أو استحمامآ” ولكن الواقع أشد ألمآ وأكثر مرارة .
فيينا : 09.02.2018 مصطفي درويش