كشف المهندس أبو العلا ماضى، رئيس حزب الوسط، قصة عرض الرئيس الراحل أنور السادات، على جماعة الإخوان المسلمين فى منتصف السبعينيات، تأسيس حزب سياسى لمواجهة المد اليسارى والشروط التى تمسك بها السادات ورفضها الإخوان لتأسيس هذا الحزب.
وقال ماضى، خلال تدوينة له على شبكة التواصل الاجتماعى عبر سلسلة “شخصيات عرفتها “، وتدور حول المهندس عثمان أحمد عثمان وزير الإسكان ونقيب المهندسين الأسبق وأحد من دعموا سياسة الرئيس أنور السادات لدمج الإخوان فى المشهد السياسي.
وقبل أن يسلط الضوء على قصة الارتباط بين جماعة الإخوان والمعلم “عثمان ” سرد رواية حول عرض السادات على الجماعة تشكيل حزب سياسى قائلاً: محمد عثمان إسماعيل محافظ أسيوط الأسبق قال لى حين عرض على الرئيس السادات عودة الإخوان لمواجهة المد اليسارى، وتكليف الرئيس السادات له بالعرض على الإخوان تأسيس حزب بغير اسم الإخوان، وأن يبعدوا عنه رجال النظام الخاص، ولكن والكلام لا يزال لمحافظ أسيوط السابق: رفض الإخوان هذه الفرصة فى ذلك الوقت كما شرحت سابقًا، فقد سمعت من المهندس حلمى عبد المجيد، شخصيًّا أيضًا هذه الرواية، حين طلب أن أزوره بعد الصدام الشهير بيننا وبين قيادة الإخوان بسبب مشروع حزب الوسط، وسألنى عن الأمر فأخبرته، وكان فى هذه الأيام قد ابتعد عن العمل التنظيمى داخل الإخوان، فأخبرنى بروايته عن عرض الرئيس السادات الذى حكاه محمد عثمان إسماعيل.
ودعم رئيس حزب الوسط، رواية محافظ أسيوط الأسبق برواية نائب المرشد العام للإخوان حلمى عبد المجيد، لواقعة عرض السادات على الإخوان تأسيس حزب: لقد قابلت الرئيس السادات مع المهندس عثمان أحمد عثمان، وقدمت له طلبًا لعودة جماعة الإخوان المسلمين، فقال الرئيس السادات: اعملوا حزب بغير اسم الإخوان.
ولم يذكر المهندس حلمى عبد المجيد، والذى كان يطلق عليه المرشد السرى لجماعة الإخوان بعد وفاة المستشار حسن الهضيبى عام 1973حتى اختيار الأستاذ عمر التلمسانى مرشدًا للجماعة 1977فى هذه الرواية – الشرط الثانى الذى ذكره الرئيس السادات، إلى محمد عثمان إسماعيل، وهو ابتعاد رجال النظام الخاص عن هذا الحزب (هناك احتمالان: إما أن الرئيس السادات لم يذكر فى هذه المقابلة هذا الشرط أو أن يكون ذكره والحاج حلمى عبد المجيد – كما كان يحلو للمعلم/ عثمان أحمد عثمان أن يسميه – لم يحب أن يذكر لى هذا الشرط، حيث إنه كان من رجال النظام الخاص).
ويستكمل حلمى عبد المجيد، روايته بحسب المهندس ماضى بالقول: إنه أبلغ الرئيس السادات اعتذار الإخوان عن قبول فكرة الحزب من غير اسم الإخوان، نظرًا لتمسُّكهم باسم الإخوان المسلمين.
فقال الرئيس السادات والكلام منسوب للمرشد السرى للإخوان: إذن اشتغلوا من غير رخصة، وكتب على طلب عودة الجماعة باللغة الإنجليزية “”Green Light أى ضوء أخضر، ولقد أراد المهندس حلمى عبد المجيد، أن يقول لى إن فكرة قيام حزب ليست قضية مهمة، فلقد عرض علينا الرئيس السادات هذا الأمر منذ أكثر من ثلاثين عامًا وقتها، وقد رفضنا لتمسُّكنا باسم الجماعة!!.
وعاد ماضي، بعد سرده لتفاصيل الحزب الإخوانى إلى التركيز على صلة المهندس عثمان أحمد عثمان بجماعة الإخوان، قائلاً: حين اقتربنا من المهندس عثمان أحمد عثمان وكنا فى ذلك الوقت من الإخوان، وكنا قد سمعنا من عدد كبير من الإخوان كبار السن مدحًا فى المعلم وفى ذكر حبه للإخوان، عرفنا لماذا يتعاطف مع الإخوان وكشف المعلم عن هذا السر بالقول تتلمذت أنا وشقيقى حسين، على يد الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان ونحن صغار بالمدرسة، وحكى ذلك فى كتابه “صفحات من تجربتي” فى فصل بعنوان: “مع حسن البنا” فيقول اختصارًا بعد شرح: “وكان حظى أن أتتلمذ على يد المرحوم الشيخ حسن البنا، الذى أكد عندى الخط الدينى الذى نشأت عليه فى منزلنا حتى أصبح هذا الخط محورًا لكل حياتي”.
ومضى ماضي، إلى القول نعود للمهندس عثمان أحمد عثمان ومواقفه الدالة على عمق علاقته بالإخوان، وكان قليلاً ما يأتى إلى النقابة وخاصة فى الاجتماعات، وسأحكى بالتفصيل لاحقًا بإذن الله كيف كانت العلاقة بيننا فى النقابة فترة أن كنا أغلبية فى مجلسها فى آخر دورة له.
وحيث كان يتعمد أى المعلم وبحسب ماضي، أن يزورنا نهارًا فى مقر النقابة الرئيسى بشارع رمسيس فى وجود عدد قليل من قيادات النقابة، وفى إحدى المرات كان موجودًا المرحوم د. حلمى حتحوت وكيل النقابة، والمرحوم المهندس مراد جميل الزيات الأمين العام، وأبو العلا ماضى الأمين العام المساعد.
ويكمل ماضي: فى أثناء الحديث سأل المهندس عثمان د. حلمى حتحوت رحمهم الله جميعًا، وكان د. حلمى من الإخوان الذين دخلوا السجن عام 1965م: أنت دخلت السجن يا دكتور حلمي؟ فردَّ د. حلمي: نعم يا عثمان بك. فقال م. عثمان: قعدت أد إيه؟ فردَّ د. حلمى : 10 سنين فشهق م. عثمان وقال: يا نهار أبيض، ده أنا قعدت ساعتين كنت هموت.
واستكمل المعلم عثمان قصة الساعتين – طبعًا أيام الرئيس جمال عبد الناصر – فقال: أنتم عارفين إنى بحب الإخوان وكنت عايز أساعدهم وكنت عايز أعيِّنهم – أوظفهم – فى شركة المقاولون العرب، ثم قال: فذهبت للمرحوم اللواء حسن طلعت وكان مدير المباحث العامة – أمن الدولة لاحقًا والأمن الوطنى الآن – وقلت له: يا حسن بك مش الإخوان اللى خرجوا من السجون لو ظلوا لا يعملوا هيفكروا فى عمل تنظيمات و(يقرفوكوا).
فرد مدير المباحث العامة: صحيح. فقال م. عثمان: طيب أنا أعينهم فى الشركة عندنا ولكن بشرط، كل واحد مطلوب تعيينه سوف أرسل لك خطابًا أسألك عن تعيينه، فإذا وافقت عينته. فقال له اللواء حسن طلعت: موافق.
ويسرد وزير الإسكان، فصول قصة القبض عليه قائلاً: فأصبح فى ملف كل واحد من الإخوان خطاب موافقة على تعيينه من مدير المباحث العامة اللواء حسن طلعت، وحين حدث قبض على الإخوان مرة أخرى عام 1965م (وواضح أن التعيين كان بعد خروج الإخوان غير المحكومين منذ عام 1959م وما بعدها حتى عام 1965م) طلب الرئيس عبد الناصر تصنيفًا للمقبوض عليهم من الإخوان، فوجد أن هناك 168موظفًا ومهندسًا من الإخوان فى “المقاولون العرب”، فقال الرئيس جمال عبد الناصر: إيه ده، ده تنظيم داخل المقاولين العرب، هاتوا عثمان.
وأردف مؤسس شركة المقاولون العرب، كما جاء فى تدوينة رئيس حزب الوسط: وتم القبض على وسؤالى فى المخابرات عن هذا التنظيم البالغ عدده 168 من الإخوان داخل “المقاولون العرب”، قال: فقلت لهم إن كل واحد من هؤلاء لم يتم تعيينه إلا بموافقة كتابية من اللواء حسن طلعت، والخطاب موجود فى ملف كل واحد، ثم ضحك وقال: وأخلوا سبيلى بعد ساعتين كنت هموت فيهما!!.
وخلص ماضى فى نهاية تدوينته إلى القول وقد تعززت هذه العلاقة بعد وصول الرئيس السادات إلى السلطة وقربه من المهندس عثمان، أو قرب المهندس عثمان منه، وهو ما يؤشر عليه اللقاء الذى رتبه لنائبه الأول المهندس حلمى عبد المجيد مع الرئيس السادات، بشأن طلبه عودة جماعة الإخوان للعمل والتأشير على الطلب بكلمة “green light ” كما أسلفنا