لاسلاميون وخصومهم تنافسوا فى إبداء أقصى مشاعر الشماتة والتشفى
ووصفوا خصومهم بأبشع الألفاظ وأطلقوا الهاشتجات للتنديد بهم
هيكل والسعيد وياسين وعيسى وسيف اليزل وزويل والأبنودى أهدف مشروعة للإسلاميين
عاكف وعمر عبدالرحمن وجمعة أمين نالوا القسط الأكبر من شماتة العلمانيين
الطرفان يتبادلان الاتهامات الإخوان دعموا القتل والمذابح والليبراليون يردون الشماتة أسلوب حياة عند الإسلاميين
خبراء: أحد مظاهر التيه السياسى والتفوق العنصرية وانتحار للإنسانية
باع دينه بدنيا غيره.. ماذا كان ينقصك لكى تنهى حياتك بهذه السقطة.. مات عراب الهزائم الموكوس.. هلك الشيوعى الأحمر.. ماذا سيقول لربه.. دعمت القتل وحرَّضت عليه، وشمتَّ فى الدم وسخَّرت قلمك للحرب على كل قيمة إسلامية، فعليك من الله ما تستحق وعند الله تجتمع الخصوم… مات مفتى الإرهاب.. هلك القاتل بفتواه.. الجنازة حارة والميت عاكف.. مات نائب مرشد الإرهاب.. هذا كان حصرًا لبعض ردود فعل قوى الصراع السياسى فى مصر بإسلامييه وليبرالييه، لدى تعليقهم على موت خصومهم السياسيين، فلم يجدوا إلا الشماتة فى الموت للتشفى وهو ما يعتبره مراقبون أحد مصادر التيه السياسى، الذى تمر به مصر خلال السنوات الماضية.
لعل ما كشفت حالات الوفاة، التى شهدناها خلال الأسابيع الماضية، والضجة التى أشعلها بعض الإسلاميين، ردًا على نعى بعض الرموز المحسوبة على التيار الإسلامى، للكاتب الصحفى صلاح عيسى، حيث أقاموا الدنيا ولم يقعدوها تعليقًا على ذكر الكاتب الصحفى وائل قنديل لبعض مآثر عيسى، لاسيما من جهة دفاعه عن الحريات ومعارضته لكامب ديفيد وانحيازه للأغلبية الفقيرة من الشعب، وهى مواقف دفع ثمنها سنوات من حياته داخل السجون.
لم يكتف الإسلاميون والمتعاطفون معهم، فى انتقاد نعى قنديل للكاتب الصحفى الراحل، بل صبوا كل اللعنات على عيسى، محملين إياه مسئولية الانحياز لمن أطاحوا بأول رئيس مدنى منتخب، ودعم المذابح الدموية، التى جرت بعد الثالث من يوليو 2013، بل ووصفوه بأقذع الألفاظ قائلين له من ربه ما يستحق، شماتة قطاع واسع من الإسلاميين فى خصومهم، لم تقف عند حد عيسى، بل امتدت القائمة لعشرات من الشخصيات السياسية، التى لقيت حتفها بعد الثالث من يوليو 2013ومنهم على سبيل المثال لا الحصر “الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل والكاتب أحمد فؤاد نجم والثنائى المعروف أحمد رجب ومصطفى حسين والكاتب والمحلل السياسى الدكتور سيد ياسين والدكتور بطرس غالى واللواء سامح سيف اليزل والدكتور أحمد زويل وغيرهم”.
ولم يكتف قطاع من الإسلاميين، بالشماتة فى موتهم، بل أطلقوا هاشتجات على شبكة التواصل الاجتماعى فيس بوك: “اللهم احشرهم مع الظلمة والمنافقين أمثالهم، واجعل قبورهم قطعة من جهنم”، فى معرض تعليقهم على وفاة أى من خصوهم السياسيين
الوضع فى المعسكر الآخر، ليس أفضل حالاً من جانب الإسلاميين، فكلما رحل أى من الرموز الإسلامية، وإلا سارعت أبواق السلطة والسائرون فى فلكها، بنعته بأسوأ الصفات وعدم تقدير جلال الموت، وهو ما جرى لدى وفاة 3من الرموز الإسلامية خلال السنوات الأخيرة.
وأبدى الليبراليون واليساريون، أقصى درجات الشماتة فى وفاة محمد مهدى عاكف، مرشد الإخوان الراحل، حيث وصفه الإعلامى أحمد موسى، بأنه يملك تاريخًا فى الإجرام، وبأنه كان يريد أن يبيع البلاد، وأنه كان يسرق تبرعات باسم دعم الفلسطينيين.. ولم يكتف بسرد هذه الاتهامات وغيرها، بل أشهر من على شاشة التليفزيون بضعة أوراق، زاعمًا أنها مستندات تدين من أسماه «السفاح مهدى عاكف».
وخرجت روز اليوسف، المحسوبة على اليساريين، بالقول الجنازة حارة والميت عاكف، وشاطرتها جريدة “الإخبار”، وعشرات من القنوات الفضائية، لتصف عاكف بمرشد الإرهاب والمحرض على قتل الشعب والمتآمر على أمن مصر واستقرارها وهو ما تكرر وإن كان بشكل أقل حدة عام 2015، لدى وفاة نائب مرشد الإخوان الشيخ جمعة أمين عبدا لعزيز، واصفين إياه بالإرهابى وممول شلالات العنف من مقر أقامته فى لندن، ضد مصر وجيشها وأمنها.
واستمر الأمر كذلك، ومعه ردود الأفعال التحريضية، التى تتجاهل أى حرمة أو قدسية للموت، لدى تعليق بعض رموز التيار العلمانى فى مصر على وفاة الدكتور عمر عبدالرحمن، أمير الجماعة الإسلامية الراحل، حيث وصفته جميع الصحف بمفتى الإرهاب والقاتل بفتواه بل وخرج أحمد موسى، مطالبًا مصر بعدم استقباله أو السماح لأنصاره بتنظيم جنازة شعبية وبل تساءل موسى هل تحول دور وزارة الخارجية لنقل جثث الإرهابيين من الولايات المتحدة إلى مصر؟.
وعلى نفس المنوال، وجه الكاتب والطبيب خالد منتصر، أبشع أنواع الانتقادات لأمير الجماعة الإسلامية الدكتور عمر عبدالرحمن، واصفًا إياه بالقاتل بفتواه والمسئول عن توفير الغطاء الدينى لأبشع الجرائم، التى شهدتها مصر فى إشارة لمقتل السادات والهجوم على مديرية أمن أسيوط، من قبل الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد رغم وجود دلائل تبرئ أمير الجماعة الإسلامية من إصدار فتوى صريحة للقتل.
على نفس الصعيد، تبنى الإعلامى عمر أديب، نفس النهج فى التعليق على وفاة مرشد الإخوان الراحل مهدى عاكف، متسائلاً كيف لجماعة الإخوان أن تدعى كذبًا وافتراءً استشهاد مهدى عاكف وقتله وتعذيبه فى السجن، وهو كان يعالج فى مستشفى قصر العينى منذ يناير الماضي، ووصل عمره الـ90عامًا، ومريض بالسرطان، مردفًا: «الرجل متخطفش ده عنده 90 سنة، ومكانش مرمى فى زنزانة انفرادية بيعذبوه فيها».
وتابع: أنه عندما قتل أسامة بن لادن، قام الأمريكان بإحراق جثته، وألقوا بالرماد فى البحر، لافتًا إلى أن أمريكا لم تفرج عن عمر عبد الرحمن، وكان متقدمًا فى السن ومريضًا، مردفًا: «بقول للإخوان هو انتوا طلعتوا مبارك إفراج صحي، وكان فوق سن الـ80.. الإخوان طول عمرهم ملهومش أمان».
واستطرد: “لماذا الإخوان تبتز الدولة والبشر، بسبب مهدى عاكف، أمال لو مرسى مات فى السجن هتعملوا إيه.. ركزوا فى الجهاد أحسن فى إشارة لتورط الجماعة فى عملية عنف وإرهاب ضد الدولة بحسب قول أديب”.
ولم تكن الشماتة هذه المرة آتية من معسكر الخصوم السياسيين والأيديولوجيين فقط، بل جاءت هذه المرة من قبل الدكتور محمد حبيب، نائب مرشد الإخوان الأسبق، حيث كال الانتقادات لعاكف قائلاً: إنه أى الأخير لم يكن يتصور أن يصبح المرشد وحينما وقع الاختيار عليه كان مذهولاً، بعدما فاز بفارق صوت واحد فقط.
وأكد، “عاكف” لم يكن عند حسن الظن خلال قيادته للجماعة من حيث القدرة والكفاءة والعلم والفقه، مؤكدًا أنه لم يكن أهلًا للمسئولية والأخطاء التى ارتكبها يتحملها الجميع الآن،، متابعًا: “اتسم (عاكف) بشدة الانفعال وانفلات اللسان، ولم يك يستطيع السيطرة على انفعالاته، ولاحظ الجميع انعدام الحكمة فى الإدارة بشكل كبير لديه”. مشيرًا إلى أن “الرجل لم يكن له أى أثر يذكر فى القيادة، واعتقد أنه لن يكون لوفاته أثر أيضًا”.
تكشف حالة الشماتة، المتبادلة بين قطاع من الإسلاميين وخصومهم، كيف تدنت النخب السياسية فى مصر، ووصلت عبر الشماتة فى الموت لافتقاد أى معايير إنسانية، فلا يوجد سقف مع الخصوم السياسيين، حيث تُستغل وفاته لكيل الانتقادات لهم ووصمهم بأبشع الانتقادات وعدم الاستجابة لأى أصوات تنادى بإبعاد الموت عن أى سجال أو خصومة سياسية بين النخب ومراعاة جلال الموت وهيبته ناهيك عن المعايير الأخلاقية والدينية المتعارف عليها فى بلد كمصر فى التعامل مع الموت .
فيما يرى الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شئون الاجتماع السياسى والحركات الإسلامية، أن الشماتة فى الموت وعدم تقدير جلال الموت، أحد مظاهر التيه السياسى والعنصرية الإيديولوجية، التى تعانى منها النخبة السياسية فى مصر منذ عقود، فهذه النخب لا ترى إلا نفسها أو المقربين منها إيديولوجيًا فيما لا تجد مانعًا فى شيطنة خصومهم السياسيين.
واستدرك حبيب قائلاً: ليس كل النخبة تتبنى مشاعر الشماتة، ولكنى اعتقد أن جناحًا من القادة الميدانيين من الطرفين، هم من تورطوا فى هذا الأمر، معتبرًا أن الشماتة فى الخصوم السياسيين أحد تجليات مرحلة عدم اليقين التى تعانى منها جميع النخب السياسية وفقدان الثقة فى أى أمل.
مثلاً الإسلاميون والكلام لا يزال لحبيب، فى مصر كانوا يعتقدون أنهم سيمكثون فى الحكم 500عام، فيما يرى خصومهم أنهم استطاعوا طرد الإسلاميين من المشهد تمامًا، لذا يتعاملون مع الأمر، بمبدأ إنكار وجود الخصم تطبيقًا لنظرية نهاية التاريخ التى قالها فرنسيس فوكايما.
واعتبر، أن مشاعر الشماتة، التى تبديها النخب تعكس شعورًا بالتفوق الإيديولوجى وعدم قبول الآخر استعلاء وملكية الحق المطلق، فهم لا يرون الميت من خصوهم مستحقًا للرحمة بشكل يؤكد أن نخبتنا عادت إلى مفهوم الإنسان البدائى، الذى لا يعرف حدوده ولا يدرك أن مواقفه هذه تأتى فى سياق انتحار المشاعر الإنسانية .
ويوافق على الطرح السابق السفير عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، الذى يعتبر مشاعر الشماتة المتبادلة فى الموت، أحد مظاهر الكارثة السياسية والإنسانية، التى تمر بها مصر، فضلاً عن الانتكاسة النفسية التى تعانى منها النخب وتجردها من جميع مظاهر الإنسانية.
واعتبر، أن ما يجرى هو مظهر من مظاهر الردة الإنسانية ودليل عنصرية وفساد وتضخم الذات لدى هذه النخب، وتأكيد على أن الخلاف بين النخب السياسية وصل إلى مرحلة من التعقد بشكل يصعب معها حدوث أى مصالحة وطنية فى مصر.
واتهم الأشعل، السلطة وأجهزتها، بتغذية هذه المشاعر، وقطع الطريق على خصومها السياسيين من الإسلاميين والليبراليين والعلمانيين للتقارب، خصوصًا من جانب القوى المحسوبة على ثورة 25يناير، وتشكيل جبهة ضد السلطة الحالية.
ونبه الأشعل، إلى الحاجة لإخضاع مظاهر التشفى والشماتة التى تبديها بعض قطاعات النخب السياسية فى خصومها إلى دراسة معمقة من الجوانب السياسية والاجتماعية والفكرية، معتبرًا هذه المشاعر دليلاً أو أحد مظاهر الكارثة السياسية التى تعانى منها مصر.
والتقطت خيط الحديث، لدكتورة هالة حماد استشارى الطب النفسى والعلاج الأسرى، أنه من غير المقبول أو المعقول لا أخلاقيًا ولا دينيًا ولا إنسانيًا أن يشمت أو يفرح أحد فى موت أحد، أيًا كانت ديانته أو مشاعره أو سلوكياته أو أفكاره أو معتقداته.
وأضافت، أنه لشيء مقزز للغاية، أن تجد أشخاصًا يشمتون فى الموت، هذا يعتبر شخصًا غير سوى وغير واع، فالموت شىء يصيبنا جميعًا، وهذا هو قدر وشىء سنلقاه جميعًا، فإن الرسول “ص” قدوتنا ومثلنا استخدم أساليب متعددة مع الكافرين فى دعوتهم للدخول فى الإسلام.
وتابعت الدكتورة هالة حماد، أن الإنسان الراقى لا يحكم على حياة الآخرين، حيث إن الحكم لله فقط فهو المطلع علينا جميعًا وعلى نفوسنا وأخلاقياتنا وأعمالنا، فمن يملك الصفاء والنقاء والرحمة لا يمكن أن تكون لديه الرغبة على الكرة والانتقام والعداوة، ومن يشمت فى الموت فهو ليس مريضًا نفسيًا فقط بل هو مريض اجتماعى وأخلاقى، ونجد أنه من الصعب فى هذه المرحلة أن تجتمع الكراهية والحب معًا.
——————————————————–
ليبراليون وعلمانيون واجهوا شماتة الإسلاميين
محمد حسنين هيكل.. هلك عراب الهزائم
أحمد فؤاد نجم بـ”من باع آخرته وخاتمته بدنيا غيره ولم يجد قبرًا يسعه إلا مقابر الإخوان المسلمين
أحمد رجب: دعمت القتل وحرَّضت عليه وشمتَّ فى الدم
أحمد زويل
مصطفى حسين.. “اللهم اجعل قبره قطعة من جهنم”،
عبدا لله كمال … وراح أبوالعز الحريرى .. أخو الشيطان
أحمد زويل:عليه من الله ما يستحق كان عالمًا، لكنه لم يكن إنسانًا رضى بالقتل والاعتقال
المستشار هشام بركات: ماذا سيفعل قاضى الأرض أمام قاضى السماء
الفنان ممدوح عبدالعليم مات العبد الفاجر المنافق الشامت
رفعت السعيد.. إلى مزبلة التاريخ وقاع جهنم
صلاح عيسى: عليه من الله ما يستحقه
————————————————–
إسلاميون شربوا من نفس الكأس
جمعة أمين نائب مرشد الإخوان: هلك نائب مرشد الإرهاب
مهدى عاكف: تاريخ من الإجرام
عمر عبدالرحمن: القاتل بفتواه
——————————————————–
تغريد خرج السرب
خلال صيف عام 2012، حاول أحد الصحفيين، استطلاع رأى الشيخ رفاعى أحمد طه، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية فى وفاة اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات الراحل، خلال وجوده فى محبسه فى سجن المنيا، محاولاً استفزاز القيادى فى الجماعة الإسلامية، فى ظل الخصومة السياسية التى تجمعه بسليمان، على خلفية تسلم الجهاز السيادى لرفاعى طه، عام 2001بعد إلقاء القبض عليه فى مطار دمشق الدولى.
ورغم حرص الصحفى، على استفزاز طه، إلا أن الأخير كان حادًا ورفض أبداء أى مشاعر شماتة فى اللواء الراحل قائلاً: “لا شماتة فى الموت.. هو فى دار الحق.. أفضى لما قدم” رافضًا التطرق للخصومة السياسية بينه وبين سليمان.