يعاني الكثير من اللاجئين في ألمانيا من مشكلة تصديق ومعادلة شهاداتهم الدراسية، خاصة اللاجئين أصحاب الشهادات العليا. هؤلاء يعانون بشكل أكبر لاسيما فيما يتعلق بأمور العمل البحثي والأكاديمي في ألمانيا.
لم يدر في خلد اللاجئ السوري سامر (الاسم تم تغييره) أن قدومه إلى ألمانيا، سيسبب له صعوبات جمة في مجاله البحثي والأكاديمي. فسامر والذي يحمل الدكتوراه في الفلسفة من جامعة دمشق، ولغته الفرنسية ممتازة، لم يتسن له العمل في ألمانيا بسبب مصاعب اللغة. ويقول سامر: “للأسف لغتي الفرنسية لم تفد في مجال التدريس والعمل الأكاديمي، كما أنه لم يقنع المؤسسات البحثية”. وتابع ” لقد طلبوا مني دراسة اللغة الألمانية من أجل الحصول على وظيفة”، وتمتم غاضبا “دراسة اللغة ستستغرق مدة طويلة، فكيف لو أردت استخدامها في المجال البحثي؟!”.
صعوبات متلاحقة
ولعل سامر بالرغم من حظه السيئ كما يصفه، أفضل حالا من نوران كما عرفت نفسها، مكتفية باسمها الأول فقط، إذ أن سامر تمكن من العثور على فرصة تدريب في إحدى الجامعات الألمانية لفترة مؤقتة، وقد ساعده على ذلك معرفته المتوسطة باللغة الإنجليزية.
نوران والتي لديها دكتوراه في الأدب العربي من جامعة دمشق، ومارست مهنة التدريس لعدة سنوات في إحدى الجامعات السورية، قبل أن تضطرها ظروف الحرب إلى الهجرة إلى ألمانيا، كانت مشكلتها أكثر صعوبة، ووفقا لنوران فإن دراستها كانت بالعربية، لذلك فهي لا تجيد أية لغة أوروبية، ما أدى إلى إخبارها بأنه لا يوجد أي شاغر لها في ألمانيا، ما شكل صدمة لها كما تقول. فاضطرت لدراسة اللغة الألمانية، إلا أن هذا الأمر كان مرهقا لها، فهي لا تزال في مرحلةB1 في اللغة بالرغم من وجودها منذ عام 2015. وعن هذا تقول اللاجئة السورية “لا أعتقد أنني سأوفق بأي عمل هنا، أعتقد أنني أضيع وقتي فقط”. وتتساءل كم من الوقت سيلزمها من أجل إتقان اللغة والتمكن من ممارسة العمل البحثي أو الأكاديمي؟.
مشكلة تصديق الشهادات
لا تقتصر الصعوبات التي تواجهها نوران وغيرها على المجال اللغوي فقط بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى الاعتراف بالشهادة ومعادلتها، وهو ما لا يحدث في كثير من الأحوال. ووفقا لسامر فإن القنصلية الألمانية في بيروت هي الموكلة بتصديق شهادات السوريين، إلا أن الأمر يتطلب فترات انتظار طويلة، كما أنه ووفقا لسامر فإنها ترفض تصديق أية أوراق صادرة بعد عام 2012 وهو ما يؤدي إلى فقدان كثير من اللاجئين لفرصة تصديق الشهادات، أو الاستفادة منها.
وراجع موقع مهاجر نيوز الموقع الحكومي الرسمي لتصديق الشهادات الأجنبية في ألمانيا Zentralstelle für ausländisches Bildungswesen (ZAB)، حيث تم تزويدنا بالشروط الواجب اتباعها من أجل مصادقة الشهادات الأجنبية، خاصة ما يتعلق باللاجئين القادمين من سوريا. حيث ينشر المركز على موقعه الإلكتروني تأكيدات مفادها أن الوثائق المصادق عليها في سوريا غير مقبولة، ويطلب الموقع تصديق الوثائق في ألمانيا إن أمكن أو في دوائر معترف بها.
انظر هنا للمزيد من المعلومات: موقع تصديق الشهادات والشروط الخاصة بالسوريين.
ووفقا للموقع يجب على المتقدم لطلب المعادلة إرسال الوثائق التالية لمعادلة الشهادة الجامعية:
أولا: الشهادة الجامعية الأولى. نسخة مصادق عليها للشهادة الجامعية بالإضافة إلى صورة مصادق عليها لبيان درجات الشهادة الجامعية لكافة سنوات الدراسة الجامعية (كشف علامات)، وصورة لشهادة الثانوية العامة.
ثانيا : لمعادلة الشهادة الجامعية الثانية كالماجستير يتطلب بالإضافة لما سبق صورة مصادق عليها لشهادة الماجستير، وصورة مصادق عليها لبيان درجات الشهادة الجامعية لكافة سنوات الماجستير.
وينشر الموقع الألماني الرسمي لمعادلة الشهادات تحذيرا من أن مدة الدراسة في الجامعات السورية الحكومية لا يجب أن تقل عن أربع سنوات بالنسبة للدرجة الجامعية الأولى، وأن تكون الجامعة أو المعهد العالي معترف به في ألمانيا ومن قبل وزارة التعليم العالي. كما أن شهادات التعليم التقني التي تقل عن أربعة سنوات مثل شهادة مساعد لا يتم تصديقها.
بالنسبة للدكتوراه فإن الموقع الإلكتروني أوضح إمكانية معادلة الشهادة، ومن أجل ذلك يتطلب بداية تصديق الدرجة الجامعية الأولى والثانية، ومن ثم يجب على المعني إرسال طلب خاص من أجل المصادقة، حيث تعقد لجنة وتقرر ذلك.
Symbolbild Weiterbildung Beruf (Fotolia/Africa Studio)
يمكنكم الحصول على نموذج تقديم الطلب من خلال الموقع الالكتروني التالي: http://www.kmk.org/zeugnisbewertung
كما يمكن أيضا إرسال الأوراق المصادقة بالبريد العادي على العنوان التالي:
Zentralstelle für ausländisches Bildungswesen (ZAB)
Postfach 2240
53012 Bonn
وتختتم نوران حديثها بوصفها للمصاعب الأخرى التي يواجهها الباحثون والأكاديميون من اللاجئين بالقول: “لا يوجد أي نوع من المتابعة الأكاديمية أو الإرشاد من قبل الدوائر المعنية”. وتضيف “سألت المكاتب الحكومية التي اضطررت لمراجعتها دون جدوى، قلت لهم أريد نصائح من أجل إعداد خطة مستقبلية تمكنني من العمل في المجال البحثي أو الأكاديمي”، إلا أنهم اخبروها بأنه لا توجد أية فكرة لديهم. وتقول نوران إنها لم تتمكن من مصادقة شهادتها، ولم تتلق أية نصائح مفيدة “لأتبعها من أجل فهم ما يمكنني عمله، أشعر أنني أضيع وقتي في أمور لا علاقة لي بها”.
وحتى من تمكنوا من تصديق ومعادلة شهاداتهم العلمية، لم يتمكن سوى عدد قليل جدا منهم من العمل في مجال دراستهم وتخصصهم. باستثناء الأطباء الذين تكون حظوظهم أكبر بكثير من الأكاديميين الآخرين، حيث هناك حاجة في ألمانيا للأطباء وبعض التخصصات العلمية.