أثارت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأول، إلى السودان، ضمن جولته الإفريقية التي تقوده إلى تونس وتشاد، تساؤلات عدة حول الدلالات التي تحملها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه العلاقات بين كل من مصر والسودان وتركيا فتورًا غير مسبوق على خلفية عدة قضايا خلافية واختلاف وجهات النظر, فيما اعتبر مراقبون أن التقارب السوداني التركي الذي انقطع منذ أكثر من 60 عامًا جاء ردًا على تحالف مصر وقبرص واليونان.
واعتبر السفير جمال بيومي, مساعد وزير الخارجية الأسبق, أن “التحرك التركي نحو القارة الإفريقية مقلق للغاية خاصة في هذا التوقيت, ففي مقابل توتر العلاقات بين مصر وتركيا تمتد خلافات القاهرة مع السودان في أكثر من قضية, على رأسها منطقة “حلايب وشلاتين” التي يدعي السودان أنها تابعة له, وحيث يصطف بجانب إثيوبيا فى مسألة سد النهضة”.
وأضاف “السودان فى مأزق داخلي كبير, فبعيدًا عن انفصال الجنوب هناك مناطق قد تلقى المصير نفسه, فضلاً عن دارفور والمتمردين, وقد يكون استنجد بتركيا وعمل مصالح مشتركة من أجل حمايته, لكن ذلك سيفتح الباب واسعًا أمام توتر علاقات السودان مع العديد من الدول العربية على رأسها مصر ودول الخليج وسوريا, وينبغي على الجامعة العربية سؤال السودان وتوضيح التقارب التركي المفاجئ”.
وحول الدلالات التي تحملها جولة الرئيس التركي التي تقوده إلى تونس وتشاد, أكد أن “تحالف مصر مع قبرص واليونان ربما أزعج أردوغان كثيرًا, وقد يحاول الأخير عمل تحالف مماثل, لكن مهما كان تحالف أردوغان في إفريقيا فإنه أبعد من الضرر بمصر, فلا يوجد ممر يربط تركيا بأفريقيا سوى قناة السويس”.
وقال الدكتور عبدالله الأشعل, مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن “أردوغان لديه أهداف معينة في القارة الأفريقية, تتمثل في عمل دبلوماسية نشطة كما في أوروبا وأفريقيا, بالإضافة إلى استخدام نفوذ أفريقية ضد كل من الدول التى لديها فتور في العلاقات مع تركيا على رأسها مصر”, مشيرًا إلى أن أردوغان يركز على الطابع الإسلامي في كل زياراته.
وأضاف الأشعل أن زياراته إلى دول السودان وتشاد وتونس, تأتي ردًا على تحالف مصر الاقتصادي والعسكري مع قبرص واليونان, مؤكدًا مساندة أنقرة للخرطوم وأديس أبابا ضد مصر في القضايا الخلافية.
وحول شكل علاقات دول القارة الإفريقية في الفترة المقبلة, أشار إلى أن علاقة مصر وتركيا على المستويين التجاري والاقتصادي ستظل كما هي, أما العلاقات السياسية فتشهد تأزمات كبيرة بين مصر وتركيا والسودان وإثيوبيا, موضحًا أن الدور الروسي والصيني والتركي سيتوغل في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط في مقابل تراجع الدور الأمريكي بشكل كبير.
وكان أردوغان قد بدأ أمس زيارته إلى السودان ضمن جولة أفريقية، تقوده إلى تشاد وتونس وتستمر حتى الأربعاء المقبل، يرافقه فيها 200 رجل أعمال, وعرض مجلس الوزراء السوداني أمس الإثنين، على تركيا مليون فدان لاستثمارها في الزراعة, بالإضافة إلى أن السودان وافق على وضع جزيرة “سواكن” المطل على البحر الأحمر تحت الإدارة التركية لفترة لم يتم تحديدها, بهدف إعادة تأهيلها.
وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس تركي منذ عام 1956, في ظل توتر العلاقات مع مصر وإثيوبيا من جهة, وأخرى بين القاهرة وأنقرة.