ربما لم تحظ ممثلة في مصر بهذا القدر من التوافق حول شخصيتها، مثلما حظيت الممثلة الراحلة شادية، التي توفيت مؤخرًا، على الرغم من اعتزالها الفن وارتدائها الحجاب منذ أكثر من 30عامًا، والتي كانت لها مكانتها الكبيرة في قلوب المصريين.
والإسلاميون لم يكونوا استثناء عن غيرهم في نظرتهم إلى شادية، فقد كان لافتًا الاحتفاء بها من قبل شخصيات إسلامية، ومن بينهم الدكتور أنور عكاشة، أحد أبرز منظرى جماعة “الجهاد” في مصر، إذ علق على وفاتها قائلاً: “من أراد أن يفهم معنى حسن الخاتمة فليتأمل حياة ووفاة السيدة شادية رحمها الله نحسبها، كذلك أسأل الله لى ولكم حسن الخاتمة”.
وسرد عكاشة، كيف تصدت الفنانة الراحلة لمحاولات صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق؛ لإغرائها بالعودة إلى الفن، وخلع الحجاب، قائلاً: “في إحدى دورات مهرجان القاهرة الدولي للسينما خطط صفوت الشريف لإعادة شادية للتمثيل؛ فأعلن أن الدورة مهداة لها، ومقامة على شرفها، واستعمل الترهيب والترغيب معها؛ من أجل حضورها الافتتاح، وهددها إن لم تحضر بما لا تحمد عقباه، وأرسل حرسًا على مسكنها قبل المهرجان بأيام حتى لا تهرب من المنزل، وطبعًا كان يهددها بنبش الماضي.. إلخ”.
وأضاف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: لم يكتفِ “الشريف” بالترغيب والترهيب فقط، بل طلب من الزبانية إحضارها بالقوة فجر يوم الافتتاح؛ حتى تكون تحت السيطرة، وكان الموضوع تحديًا للشيخ الشعراوى، ووعدًا قطعه الشيطان على نفسه بإعادة كل الفنانات التائبات إلى التمثيل.
وتابع: “أوهمتهم السيدة شادية بأنها ضعفت ولانت تحت التهديد، وقدمت إشارات على استجابتها لهذه الضغوط، ولكن المفاجأة نزلت كالصاعقة على “الشريف” وزبانيته، حيث فوجئوا في صلاة الفجر لدى ذهابهم لإحضارها باختفائها، ولم يجدوا لها أثرًا فى المنزل هربت!!!”.
ومضى عكاشة، الملقب بـ “شاعر المنصة”؛ نظرًا لإلقائه قصيدة أمام المستشار عبد الغفار محمد خلال نظر قضية الجهاد الكبرى عام 1981، بالقول: “وأسقط فى يد صفوت وهاج وماج دون جدوى، فقاموا باستخدام الخدع السينمائية واستحضروا مشهدًا قديمًا لها وجسدوه، ونادي المذيع على اسمها، وتقدم هذا المشهد الخادع ليتسلم الجائزة، وكانت فضيحة لـ”صفوت”، وانتصارًا وكبرياءً للسيدة شادية”.
واستطرد: “ولم تظهر السيدة شادية، إلا بعد أيام طويلة”، مضيفًا: “لأجل ذلك احترمناها فى حياتها ونترحم عليها بعد وفاتها”.
فيما كشف رامي سالم، عضو “الجماعة الإسلامية” عن تفاصيل سجال دار في سجن الوادى الجديد، كان بطلتها شادية، حيث حظيت توبتها وقتذاك بتشكيك من البعض، وثقة من الآخرين في كونها خالصة لوجه الله.
وقال سالم في تدوينة له: “فى منتصف التسعينيات وداخل إحدى الزنازين بجحيم الوادي الجديد، دار نقاش بين بعض إخواننا حول توبة الفنانات التائبات ومدى صدقها.. وكان الشيخ أبو عبد الرحمن متبنيًا فكرة أنها “شو إعلامي”، وحب للظهور، وضرب مثلاً بالفنانة شادية، وكان متأثرًا في ذلك بخبر في قصاصة قرأها حول تكريم للفنانة شادية وكانت الصورة المرفقة بالخبر لها أثناء تبرجها.. وظل ينافح عن رأيه ليلته هذه معارضًا جمع الإخوة”.
وأضاف مواصلاً روايته المثيرة: “ويعني الشيخ أبا عبد الرحمن، “ثم أخذته سنة من النوم فرأى فيما يرى النائم أنه يقف أمام محل للحوم ويطلب ساندويتش.. فجاء الرجل بأثداء امرأة يقطعها ويضعها في رغيف الخبز وشيخنا متأفف ويقول له هل ستعطيني ساندويتش من ثدي امرأة؟!!”.
ثم فوجئ أبو عبد الرحمن وبحسب رواية “سالم”: بالفنانة شادية تمر من جانبه بحجابها وتنظر إليه نظرة عتاب والمذياع في محل اللحوم يقرع أذنه بصوت عبد الباسط عبد الصمد يقرأ :”أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه”.
ثم وصلت القصة إلى نهايتها: “استيقظ صاحبنا باكيًا وبعد صلاة الفجر اعتذر أمام الجميع، وتاب إلى ربه من ذنبه وقص على الملأ رؤياه.. رحم الله أختنا شادية رحمة واسعة وأجزل لها المثوبة وجعلها في زمرة الصالحين”.
وعلق علي الدنياري، عضو مجلس شورى “الجماعة الإسلامية” على وفاة شادية قائلاً: “كلما توفي أحد أعلام الغناء من جيلنا في مصر تجددت بعض مشاعري ومنها: من تاب من المغنين أسأل الله أن يقبل توبته، وأن يغفر له ويرحمه، وغالبًا ما يكون في قلبه خير كثير نما حتى غلب عليه فتاب اللهم ارزقنا توبة كتوبتهم”.
ودعا الدنياري إلى التعامل بهدوء مع توبة الفنانين، قائلاً: توبة من وصل إلى المجد وعاش تحت الأضواء، وبين رغد العيش وصخب الإعلام، وبين نجوم المجتمع وكواكبه، توبة صعبة لا أدري لو أن أحدنا وصل إلى ما وصلوا إليه هل كان يستطيع أن يهجر ذلك كله أم لا؟ إلا أن يشاء الله ويأخذ بيده”.