فيينا : مصطفي درويش
ما أشبه اليوم بالبارحة . فمنذ مائة عام وبالتحديد في عام 1917 صدر وعد بلفور الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين . وتم وصف هذا الوعد في ذلك الوقت بأنه ” وعد من لا يملك لمن لا يستحق” . ومرت الأيام ولم يحرك أصحاب الشأن الأصليين ساكنأ وتم تنفيذ الوعد وقامت دولة اسرائيل ولا عزاء للفلسطنيين وللعرب والمسلمين
وبعد مائة عام من ذلك الوعد يصدر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ما وعد به قبل انتخابه ، ويمكن أن يطلق عليه وعد بلفور الثاني الذي صدر يوم الأربعاء الموافق 06.12.2017 . ولم يكن الوعد مفاجأة فالرجل أباح به قبل تنفيذه بأسبوع تقريبا بل واتصل برؤساء الدول المعنية بهذا الأمر في المنطقة وتشاور معهم وأخبرهم بأنه سوف يعلن الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل وسوف يتم نقل مقر سفارة الولايات المتحدة من تل ابيب إلى القدس وهو ما يعد تكلمة وتتمة لوعد بلفور .
والجدير بالذكر أن ترامب ذكر أن الوقت الأن هو المناسب للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل . فقد كان من الممكن أن يقوم رؤساء امريكا السابقين بتنفيذ ذلك الوعد الذي وافق عليه الكونجرس في وقت سابق ولكنهم لم يستطيعوا التنفيذ . فماذا قصد ترامب بقوله انه الوقت المناسب ؟
- هل الوقت مناسب لضعف العرب وعدم قدرتهم على الوقوف أمام هذا الوعد سوي بالشجب والرفض والإنكار ، بالإضافة إلى الدمار الذي يسري في جميع أركانه ، وما اليمن الذي كان سعيدا وبلاد الشام وبلاد الرافدين وتقسيم السودان الذي كان من المفروض أن يكون مزرعة العالم العربي وكذلك ليبيا التي كانت تعد مستوعآ عالمي للنفط سوي أمثلة على هذا الدمار والهوان .
- ودفع السعودية المليارات للولايات المتحدة لتدور عجلة الإنتاج في مصانعها وتقل البطالة ويزدهر الإقتصاد بها مقابل الحصول على اسلحة دمار للاستخدام ضد دول اسلامية اخري . أم هي تستعد بهذه الأسلحة من أجل تحرير القدس الشريف ؟
- والحال المهين الذي ألت إليه دولة قطر واستقوائها بالأخر ضد أشقائها العرب .
- ومن ناحية أخري تفكك العالم الإسلامي وابتعد الناس عن صحيح الدين وأصبحوا يتشدقون بالقشور وتوافه الأمور ، وكذلك الإرهاب المأجور الذي يحسب بغير وجه حق على الإسلام دين الرحمة والسلام .
ومع كل ذلك أري أن ترامب وعد فأوفي ويعد وعده هذا ” نوبة الصحيان ” الأخيرة للعرب وللمسلمين بعد نوم وثبات عميقين . فإما أن ينتفض العرب والمسلمون من أجل الدفاع عن مقدساتهم وإما أن يسجل لهم التاريخ الخزي والعار والهوان .
ويحضرني هنا مقولة الرجل التونسي الذي قال مع بداية الربيع العربي ” لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية ” حتي وإن لم يأت هذا الربيع العربي بثمارة المرجوة .
وأضيف لهذه المقولة ” بأننا سوف نموت قبل أن تنهض الأمة العربية والإسلامية وتستعيد أمجادها ” ولا عزاء للعرب وللمسلمين .
فيينا : 06.12.2017 مصطفي درويش