كتاب إسرائيلي: أسرار زيارة السادات للقدس.. ودور «الموساد» في إتمامها

Sadat-Kampdavid

 

تحت عنوان: “لا مزيد من الحروب.. القصة الحقيقية وراء السلام مع مصر وزيارة السادات التاريخية للقدس”، قالت صحيفة “معاريف” العبرية، إن “زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس التي مر عليها 40 عامًا سبقها اتصالات سرية ومخاوف من خداع مصري، وفقًا لما كشفه كتاب إسرائيلي جديد صدر مؤخرًا بعنوان (حكومات تل أبيب.. القرارات الحكيمة والغبية)”.

وأضافت أن “الأمر الذي بدا قبل 4 أعوام ( في إشارة إل حرب أكتوبر 1973) كشيء خيالي تحول إلى واقع عام  1977،  الحرب تحولت إلى سلام، لكن السادات ومن أجل تحقيق ذلك كان يحتاج لمصادقة البرلمان، فبالنسبة للكثير من أعضاء الأخير كان السلام مع إسرائيل يمثل مساسًا بمبدأ مقدس عند المصريين”.

وتابعت: “دولة إسرائيل حبست أنفاسها في 19نوفمبر 1977، كانت الساعة التاسعة تقريبًا عندما توقفت طائرة تحمل عبارة (الخطوط الجوية المصرية) في مطار بن جوريون، كما كان هناك العلم المصري المكون من 3 ألوان هي الأحمر والأبيض والأسود، علم أكبر عدو لإسرائيل منذ نشأتها، على بعد أمتار قليلة من الطائرة وقفت كل نخبة إسرائيل، باب الطائرة فتح ليخرج رجل طويل القامة ذو شارب يبتسم ويلوح بيده، إنه أنور السادات الرئيس المصري الذي فعل ما لا يصدقه عقل، هبط من الطائرة وصافح رئيس الوزراء جولدا مائير ورئيس الدولة إفرايم قاتسير، وعددًا كبيرًا من الوزراء وأعضاء الكنيست”.

واستدركت الصحيفة: “لقد توقف السادات مبتسمًا أمام رئيس الأركان موردخاي جور، والأخير كان قد حذر قبل يومين من ذلك الحدث بأن الزيارة قد تكون حركة خداعية، وأن السادات لا يريد السلام وهناك مؤامرة سيفاجئ بها الرئيس المصري إسرائيل كما فعل في أكتوبر 1973”.

ووفقًا للكتاب الصادر حديثًا، فإنه في “19يونيو 1967 وبعد 9أيام من الحرب مع مصر، عقدت حكومة إسرائيل التي كانت تضم مناحيم بيجن، رئيس وزراء إسرائيل لاحقًا، جلسة سرية واتخذت قرارات بأنه في حالة التوصل إلى سلام مع مصر وسوريا، فإنها ستعود إلى الحدود الدولية، وفي هذا السياق يمكننا أن نفهم لماذا سيوافق بيجن بعد عشر سنوات من تاريخ هذه الجلسة على انسحاب إسرائيل الكامل من سيناء مقابل السلام مع مصر”.

وأشارت إلى أنه “كرئيس حكومة تعامل بيجن بطريقة تختلف عن طريقته حين كان زعيمًا للمعارضة؛ لقد علم أن السلام مع مصر يعني أن كبيرة العالم العربي ستخرج من دائرة الحرب مع إسرائيل وأن التحالف ضد الأخيرة سيضعف جدًا بدون مصر”.

وبحسب الكتاب، فإن “بيجن سافر إلى الولايات المتحدة والتقى رئيسها جيمي كارتر، وأدرك زبيجنيف بريجنسكي، مستشار الأخير للأمن القومي أنه من الممكن دفع عملية للسلام بين رئيس حكومة إسرائيل الجديد، وبين المصريين، وأن تنازل إسرائيل عن سيناء والجولان أمر ممكن وليس وصايا دينية يهودية لا يمكن لبيجن انتهاكها”.

و”في نهاية أغسطس 1977 سافر بيجن إلى رومانيا الدولة الشيوعية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وكان لها علاقاتها الطيبة أيضًا مع العالم العربي وفي لقاء ثنائي مع الرئيس الروماني نيكولا تشاوشيسكو، قال الأخير لبيجن إن هناك إمكانية في موافقة السادات على إجراء اجتماعات بين مسئولين مصريين وإسرائيليين”، وفق الكتاب.

“بعدها سافر وزير الخارجية موشي ديان إلى المغرب متنكرًا والتقى الملك الحسن الثاني، وطلب مساعدته إجراء لقاء على مستوى عال بين القاهرة وتل أبيب، وبعد 5 أيام جاءت الرد بالإيجاب، حيث التقي ديان، الدكتور حسن تهامي نائب رئيس الحكومة المصرية، الذي أوضح أن السادات معنى بالسلام الذي ليس فيه أي خضوع أو خنوع، بمعنى أن إسرائيل ملزمة بإعادة كل الأرض المحتلة لمصر والتي سيطرت عليها في عام 1967، وإذا كان هناك موافقة مبدئية من جانب تل أبيب فإن السادات سيكون مستعدًا للقاء بيجن”.

ووفقا لكتاب: “في 10نوفمبر 1977، نشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانًا أذهل الجميع جاء فيه (إذا قرر الرئيس المصري زيارة القدس فإنه سيقابل بكل الاحترام المطلوب) وبعد 5 أيام تم إرسال دعوة رسمية وحارة وودية عبر السفير الأمريكي بالقاهرة، السادات دعي لزيارة القدس وإسرائيل، وفي 17 نوفمبر حصلت تل أبيب على الرد بالإيجاب من القاهرة، وبعدها بيومين هبطت طائرة الرئيس المصري في مطار بن جوريون، وشاهد الملايين بأعينهم بل وقرصوا أنفسهم ليتيقنوا ويتأكدوا أنهم لا يحلمون، وكان من مستقبلي السادات كل من إسحاق رابين -رئيس الحكومة لاحقًا- وجولدا مائير و 3آلاف إعلامي وصلوا من كل أنحاء العالم لتغطية الحدث”.

وأضحت أن “قبل أيام من الزيارة طلب يجال يادين القائم بأعمال وزير الدفاع الإسرائيلي لقاءات عاجلاً مع بيجن وأبلغ الأخير أنه هو ورئيس الأركان موردخاي جور ورئيس المخابرات الحربية شلومو جازيت يعتقدون ويخشون أن تكون زيارة الرئيس المصري مجرد خداع لإسرائيل، وأن الجيش المصري قد أعلن حالة التأهب القصوى، بل وطلب يادين موافقة على تعبئة قوات الاحتياط لكن بيجن وضع يده على كتفه ورفض طلبه، فقد علم ما لا يعرفه القائم بأعمال وزير الدفاع”.

إذ “كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرف أن زيارة السادات سبقها اتصالات مكثفة بينه وبين تهامي، وأن المحادثات السرية تم تنسيقها من قبل رئيس الموساد إسحاق حوفي، وتم تأمينها في المغرب على يد رجال الأخير، ولم يعرف بها حتى رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية ورئيس الأركان العسكرية ووزير الدفاع نفسه”، كما يروي الكتاب.

“وقام عشرات الآلاف من رجال الشرطة والجيش بتأمين زيارة السادات الذي حظي بترحيب رسمي واحتفالي على الرغم من أن القاهرة وتل أبيب كانتا لا تزالان في حالة حرب، لقد زار الرئيس المصري متحف ياد فاشيم الخاص بضحايا اليهود في العهد النازي، وشارك في جلسه بالكنسيت، وصلى في المسجد الأقصى والتقى مع بيجن عددًا من المرات، لقد تحول رئيس وزراء إسرائيل إلى رمز لرجل يمكنه تحقيق حلم السلام المأمول والذي طال انتظاره”.

وأضاف الكتاب: “غالبية الإسرائيليين ومعظم دول العالم فرحوا بالحدث لكن هذه كانت فقط بداية الطريقة وشهر العسل انتهى سريعًا، والمفاوضات بين القاهرة وتل أبيب شهدت كثيرًا من الأزمات بسبب تعنت المصريين ومطالبتهم بانسحاب كامل من سيناء والاعتراف بحق الفلسطينيين في الاستقلال وبسبب الصعوبات التي وضعها كذلك بيجن، فقد أدرك الأخير ما هو السعر الذي سيدفعه في نهاية الامر وأراد أن يتعامل بحذر”.

“وأبلغ بيجن حكومته عن قراره بالسلام مع مصر وأوضح للوزراء موقفه، إلا أنه لم يشركهم في تفاصيل الاتصالات مع القاهرة، ولحسن حظه فإن وزراء حكومته ديان وفيتسمان وآرييل شارون أعربوا عن دعم كامل للسلام مع مصر، وقبل زيارة ديان لمؤتمر السلام الذي عقده الرئيس كارتر بكامب ديفيد، دعا بيجن حكومته وصادق الوزراء على تفويض المشاركين في كامب ديفيد من إسرائيل باتخاذ ما يرونه مناسبًا من قرارات مرجوة، وتم وضع خطوط حمراء: لا حل وسط بالنسبة للقدس، ولن تكون هناك سيادة أجنبية في أرض إسرائيل، وبدون سلام كامل لن يكون هناك انسحاب”.

وواصل الكتاب: “يمكننا أن نحدد الأول من سبتمبر 1975 كأول تاريخ للسلام مع مصر؛ ففي ذلك اليوم صادق حكومة إسحاق رابين -التي سبق حكومة ديان- على اتفاق مؤقت بين القاهرة وتل أبيب وذلك في أعقاب مساعي وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، وبعد ذلك تمت المصادقة على هذا الاتفاق في الكنيست بغالبية 70صوتًا ضد 43 معارضًا، وعلى رأس المعارضين كان مناحين بيجن”.

وأوضح أن “مراسم التوقيع على الاتفاق تمت في جنيف؛ بموجب البنود المركزية بالأخير توافق القاهرة وتل أبيب على أن الصراع بينهما وفي الشرق الأوسط، لن يحل بالقوة العسكرية وإنما بالطرق السلمية، وأن الدولتين عقدتا العزم على التوصل إلى ترتيب سلام نهائي وعادل بواسطة المفاوضات”.

وشدد على أن “هذا الاتفاق خطوة هامة في تحقيق هذا الهدف، كما التزمت تل أبيب بأن تسلم القاهرة حقل النفط في منطقة (أبو رودوس) كما نفذت العديد من عمليات الانسحاب، ومصر تعهدت بعبور حر للشحنات غير العسكرية في قناة السويس من إسرائيل وإليها”.

وتحدث الكتاب عن “إنجاز هام إضافي تحقق، فقد اشتمل الاتفاق المؤقت على بنود سرية تتعلق بالولايات المتحدة، وتنص على مساعدة عسكرية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة، وكان الاستعداد الأمريكي لزيادة المعونة بشكل كبير أحد الأسباب الأساسية لموافقة رابين وحكومته على توقيع الاتفاق المؤقت، والذي خلق حالة هدوء، وبالتأكيد استند السادات على هذا الأمر حينما زار القدس بعدها بعامين ووقع لاحقا على اتفاقية السلام”.

وأشار إلى أن موعد توقيع اتفاقية السلام تحدد في 26 مارس 1979 بالبيت الأبيض، وبعد سنوات دموية وقعت الدولتان على الاتفاقية، بيحن كتب اسمه في سجل التاريخ، وقال “هذا ثالث أعظم يوم في حياتي؛ الأول يوم إعلان دولة إسرائيل والثاني يوم السيطرة على شرق القدس في 1967”.

 

شاهد أيضاً

النمسا – حلول رقمية مبتكرة لتقليل انبعاثات قطاع التنقل

دشنت النمسا برنامجا جديدا للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مجال التنقل، يركز على تحقيق …