تداول العديدون من أن ملف اللجوء، وقضية لمّ الشمل على وجه الخصوص، شكلت عقدة المنشار في مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي الألماني، وأدت بالتالي إلى فشلها. كيف تابع اللاجئون القضية؟ وكيف يتصورون ألمانيا بدون “ماما ميركل”؟
جاء إعلان رئيس “الحزب الديمقراطي الحر” (الليبرالي) كريستيان ليندنر في الساعة الأولى من صبيحة اليوم الاثنين (20 تشرين الثاني/نوفمبر 2017) عن انسحابه من مفاوضات تشكيل ائتلاف “جامايكا” مع “الحزب المسحي الديمقراطي” وشقيقه “الحزب المسيحي الاجتماعي” (البافاري) و”حزب الخضر” ليصيب العديد من اللاجئين في ألمانيا بخيبة أمل كبيرة.
ملف اللجوء ودوره في الفشل
يرى مراقبون أن ملف الهجرة، وخصوصاً قضية لمّ شمل عائلات اللاجئين، لعبت دوراً محورياً في فشل الأحزاب في التوصل لاتفاق. وقبل أن يأتي الإعلان المفاجئ من الحزب الليبرالي ساد تفاؤل بقرب ولادة الحكومة. إذا ظهرت تسريبات تقول إن “حزب الخضر” كان على استعداد لتحديد “سقف أعلى” للاجئين المسموح بدخولهم إلى البلاد قدره 200 ألف لاجئ في السنة. لكن الخضر، حسب التسريبات، طالبوا في المقابل باستئناف عمليات لم شمل العائلات لجميع اللاجئين العام المقبل، بما فيهم الحاصلين على “الحماية المؤقتة”.
وبدوره، يرى رشيد أبوعيسى، أستاذ العلوم السياسية في “مركز دراسات الشرق الأدنى والأقصى” في “جامعة ماربورغ” الألمانية، في حديث خاص بـDW عربية أن ملف اللاجئين لم يكن الملف الوحيد الذي أدى إلى ما حدث، مرجعاً السبب الجوهري إلى “جمع أربعة أحزاب متباعدة أيديولوجياً عن بعضها البعض، أي كمن يجمع الصيف والشتاء تحت سقف واحد”.
قلة إطلاع بخصوص المشهد السياسي
من خلال رصدنا لردود فعل اللاجئين على وسائل التواصل الاجتماعي من تويتر وفيسبوك لاحظنا عدم وجود “بوستات” و”تغريدات” كثيرة لعدد كبير من اللاجئين حول المسألة. وقد جاء أغلب التفاعل عبارة عن أسئلة على منشورات لصفحات وشخصيات متابعة للملف الانتخابي. وفي حديث خاص معDW عربية فسر أحد القائمين على “جمعية سلام” للاندماج في برلين ويدعى حسام الدين، الأمر: ” أن اللاجئين بحكم حداثة وصولهم وعدم إتقان أغلبيتهم للغة بعد، فإن الغالبية العظمى ليست مطلعة على المشهد السياسي وآليات العملية السياسية”.
فيما نقل البعض القضية بصورة خبرية، بعيدة عن التعليق عليها أو إبداء أي رأي شخصي:
فزع وتساؤلات
وأفاد حسام الدين، الذي يعيش لاجئاً في ألمانيا كحال الكثير من السوريين، أنه ومنذ ساعات الصباح الباكر لم يتوقف هاتفه الجوال عن الرنين، وأنه تلقى اتصالات كثيرة مستفسرة عن مصير “لمّ الشمل” ومسجلاً سيطرة “حالة من الفزع” على اللاجئين الذين تواصلوا معه. والجدير ذكره أنه تم تجميد لم الشمل بالنسبة للاجئين الحاصلين على “الحماية الثانوية” بموجب “حزمة اللجوء الثانية” حتى آذار/ مارس عام 2018.
وتابع البعض فشل المفاوضات ناشراً صور كاريكاتورية منها هذه الصورة التي نشرتها DW
كما طرح تلفزيون “أورينت” السوري سؤالاً على حسابه على تويتر يتحدث عن إنهيار جامايكا وخسارة ميركل:
على الرغم من أن “حزب الخضر” دافع عن اللاجئين، إلا أن حسام الدين سجل اعتراض الكثير من اللاجئين على “تهميش صوتهم” و”غيابه” تماماً عن المفاوضات. ويتابع حسام أن “اللاجئين يشعرون أنهم أصبحوا ورقة تتلاعب بها الأحزاب الألمانية”.
وطالب All Ahmad في بوست على الفيسبوك بالتوقف عن “إطلاق شعارات بالية بابا فلان وماما فلانة”، مضيفاً أن المفاوضات والأيام الماضية كانت “كفيلة بكشف كل الأوراق”.
إلا أن البعض الآخر واجهوا الأمر بروح من المرح والضحك:
رغم كل شيء ..صورة إيجابية
أستاذ العلوم السياسية، رشيد أبوعيسى، أكد أن “صورة ميركل في العالم العربي هي إيجابية، وستبقى كذلك بسبب موقفها التاريخي مع اللاجئين العرب”. وتابع “ظهور ميركل بصورة أنها دفعت ثمن موقفها الشجاع في استقبال اللاجئين سيرفع من مكانتها في العالم العربي”.
الموقف السابق عكسه بوست على الفيسبوك للسوري Eyad Alkhatib: “صحيح بعد ما استقبلتينا طلعتي (أصدرت) قوانين بتطلع عيوننا (ضدنا) إرضاء للأحزاب المحافظة، بس بكل الأحوال يكتر خيرك والله يفتحها بوجهك”.
وبدوره توجه اللاجئ السوري، كريم سليمان، بالشكر لميركل: “شكراً حجي (حجة) ميركل بإمكانك أخذ قسط من الراحة بعد الآن…”.باي باي ياعمة”، كقول بعض السورييين.