فيينا – مصطفي درويش : —
كان اليوم جمعة وهو يوم عيد بالنسبة للمسلمين وقال عنه المصطفي صلي الله عليه وسلم بأنه خير أيام الأسبوع . يذهب فيه المؤمنون إلى المساجد لأداء الفريضة الاسبوعية والإستماع إلى خطبة الجمعة وكان خطيبنا يواصل فيها الحديث عن السيرة المحمدية تمهيدآ للإحتفاء بالمولد النبوي الشريف فكل عام والبشرية كلها بخير . وبعد الإنتهاء من اداء الفريضة والعودة المحمودة والسالمة إلى البيت اتصل بي صديقي شمس ودار بيننا هذا الحوار :
شمس : هل علمت آخر الأخبار
أنا : لم يكن لدي وقت لسماع الأخبار ، فهل من جديد ؟
شمس : نعم هناك جديد لكنه غير سعيد
أنا : إذآ آت بماعندك
شمس : تم اليوم الجمعة 25.11.2017 الإعتداء على المصلين اثناء صلاة الجمعة بمسجد الروضة بالعريش
أنا : هذا حادث همجي ووحشي لا يمكن أن يأت من أناس يعرفون الله
شمس : أدي الحادث الي مقتل اكثر من 300 مصلي واصابة مايزيد عن 100 آخرين
أنا : سبحان الله وبأي ذنب قتلوا ؟ ومن الذي قتلهم ولماذا ؟
شمس : هذا هو الإرهاب يا صديقي
أنا : لقد سئمت هذه الكلمة وأكاد اشك في معناها . تعلمت أن كلمة الإرهاب مشتقة من الفعل رهب والهدف منها إدخال الرهبة في قلوب أعداء الله حتي لا تخول لهم أنفسهم مهاجمة المسلمين . والمصلون في المسجد ليسوا أعداءآ لله ولا للمسلمين . فلماذا يتم الإعتداء عليهم وهم في وضع سلمي راكعين وساجدين لخالقهم .
شمس : وأنا تعلمت أن الإرهاب تصرف احترازي ووقائي ويستخدم من أجل الدفاع عن النفس
أنا : إذن هذا اعتداء همجي ووحشي يبعد كل البعد عن معني الإنسانية وصيانتها
شمس : هؤلاء بلا شك مجانين
أنا : لا ليسوا مجانين ولكن رؤوسهم محشوة بايدولوجيات مغلوطة
شمس : هم مأجورن
أنا : ممن وما هو هدفهم ؟
شمس : هدفهم ترويع وترهيب المصريين عموما لإحداث مزيدا من الفوضي والتخبط
أنا : وما المخرج ؟
شمس : صعب توقعه .
بعد هذا الحوار تركني شمس وشغلتني أفكاري في مضمون هذا الحديث أحاول جاهدآ أن أفهم لماذا يتم الإعتداء على أبرياء وهم بين يدي خالقهم يؤدون مناسك دينهم . ألا يعادل قتل نفس واحدة بدون قتل الناس جميعآ . ياله من ذنب عظيم ! ثم هل يتم قتل الأبرياء من أجل حفنة من المال ؟ تتوالي الأسئلة في رأسي بغية الوصول إلى الأسباب الحقيقية لمثل هذه الإعتداءات التي تتوالي في معظم بقاع الأرض ويطلق عليها الإرهاب والإرهابين . ولكني أجد أنهم أكثر من ذلك فهم قتلة وسفاكي دماء فقدوا التكريم الذي منحه الله سبحانه وتعالي لبني آدم .
واعتقد ان الفقر والجهل وفقدان الوازع الديني هي الأسباب الحقيقية لما آلت إليه الأمور . فيبيع الإنسان نفسه إلى فسدة الأرض ربما لحاجته الي المال وجهله باساسيات دينه مما يدفعه إلي ارتكاب مثل هذه الجرائم .
وسيبقي الحل كامنآ في تعليم واعي يساعد على الفهم والفكر والتدبر في بواطن الأمور سواء كانت دينية او دنيوية من أجل حياة أمنة ومطمئنة . فهل سننتظر طويلآ لإفعال هذا الحل ؟
مصطفي درويش فيينا : 25.11.2017