فيينا – خضير طاهر : —
يؤدي الفهم الخاطيء للدين من قبل الأفراد والجماعات – وخصوصا رجال الدين – الى حدوث صراعات فكرية ونفسية ينتج عنها العديد من الإضطرابات المؤلمة يطلق عليها العصاب.
وتشغل قضية إرتداء الحجاب حيزا كبيرا من فكر المرأة نتيجة الضخ الهائل من الخطب والفتاوى والتحذيرات التي تقرع أجراس نار جهنم بوجه المرأة وتصور لها الأمر كما لو ان عدم إرتداء الحجاب هو من الكبائر، بل أكثر من الكفر والإلحاد، و أبشع جريمة في الدينا والآخرة، وهذا الترهيب اليومي الذي تسمعه منذ طفولتها لغاية موتها يجعل المرأة مهما كانت مثقفة ومتنورة وغير مقتنعة بإرتداء الحجاب.. تعاني بصورة شعورية أو لاشعورية بالإثم والذنب الذي ينغص عليها سلامها الداخلي وصفاء الروح والإنطلاق لممارسة حياتها بالشكل الأفضل.
ونجدها تعيش حالة قلق ما بين قناعاتها من إنها ترتبط بعلاقة إيمان عميق بالله من دون إرتداء الحجاب، وبين حصار أحكام الحجاب الدينية والوعيد بحرقها في الجحيم بعد الموت، وتظل تتساءل دائما : هل الله راضي عني وغير غاضب مني بسبب عدم إرتدائي للحجاب.
لقد صور الفهم الخاطيء للدين الحجاب على انه كل الدين وإختزل علاقة المرأة بالله بقطعة القماش هذه التي تغطي الشعر فقط، وصاحب هذا الخطاب دخول الأعراف والتقاليد على الخط التي جعلت من إنوثة المرأة التي خلقها الله تعالى شيئا معيبا وعارا أدخل الهلع الى قلبها جعلها تساورها الشكوك.. هل هي بشر طبيعي أم شيطان رجيم مثلما يصفها الخطاب الديني وهذا الكم الهائل من التقاليد والأعراف والثقافة الذكورية المتخلفة !
منطقيا عندما خلق الله المرأة.. خلقها كاملة، ولو كانت بحاجة الى الحجاب لخلقه معها من جسدها، فقد إكتفى الله بشعر المرأة حجابا لها يغطي رأسها ويمنحها شكلا جميلا، ومنطقيا أيضا حينما خلق الله الإنسان المرأة والرجل معا.. لم ينزل عليهما تعاليم تلزمهما إرتداء ملابس شرعية يختارها لهما، وتُرك البشر على الأرض في البدء يعيشون ويتحركون عرايا من دون ملابس ولم يتدخل الله الخالق القادر على كل شيء والعادل والرحيم بمخلوقاته التي لو كانت بحاجة الى هداية وإرشاد بخصوص الملابس والحجاب لأنزل تعاليمه عليها، ومفاهيم الستر والعورة هي مفاهيم إجتماعية – بشرية جاءت مع نشوء المجتمعات التي إخترعت الملابس، ولغاية هذه اللحظة توجد قبائل بدائية في أفريقيا تعيش شبه عارية.
والسؤال : بما ان الله عادل ورحيم.. لماذا إنتظر كل هذه السنين الطويلة وترك البشرية بلا رشد وهدى، وطلب منهم قبل ألف وخمسمائة سنة فقط إرتداء الحجاب؟
حقيقة الحجاب هي انه جاء بمثابة معالجة لحل مشكلة اجتماعية كانت تعاني منها النساء وهي التحرش الجنسي بهن في منطقة الجزيرة، وكان الحجاب حلا للمشكلة حيث يكسب المرأة الإحترام لأنه كان علامة على انها من نساء كبار القوم، بينما منع المجتمع في ذاك الزمان الجواري والسبايا من إرتداء الحجاب، وأستعمل كدلالة على التمييز الطبقي – العنصري!
حاليا في معظم المجتمعات العربية والإسلامية المرأة بحاجة لإرتداء الحجاب كي تحمي نفسها من التحرش الجنسي وهمجية الرجال الذين يتصورون ان كل إمرأة تكشف عن شعر رأسها هي عاهرة وبالإمكان اذا تحرش بها إقناعها بممارسة الجنس معها، المأساة حتى النساء المسيحيات في بعض المدن العربية يلبسن الحجاب خوفا من التحرش وتهمة العهر والدعارة!
ان فكرة الحجاب بمفهومه الحالي بوصفه تشريعا إلهيا، وليس حلا لمشكلة إجتماعية.. هذا المفهوم يسيء الى صورة الله ويظهره بمظهر الخالق الذي خلق المرأة ناقصة وفيها أخطاء بحاجة الى تصحيح، ويختزل الإيمان ومدياته اللامتناهية بمجرد إرتداء قطعة القماش على الرأس، بينما الإيمان هو الإعتقاد العقلي والقلبي، والسلوك الخير المفيد للناس.
المقال على مسئولية صاحبة وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ، والنشر أيماناّ منا بحرية الرأى والرأى الأخر ، والحجة تقارع بالحجة وليس بالتطاول
وجميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة رمضان الإخبارية