القطارات تحول فرحة المصريين بالعيد إلى رحلة عذاب

Egypt-Zuge

 

شكا ركاب قطارات السكة الحديد خلال إجازة عيد الأضحى من تدني مستوى الخدمة، وتأخر القطارات لساعات طويلة، وازدحام القطارات بشكل كبير، في ظل وارتفاع أسعار التذاكر بالسوق السوداء.

وخاضت “المصريون” الرحلة في “محطة مصر” (رمسيس)، حيث كانت الأرصفة تكتظ بالركاب المنتظرين وبدوا كما لو كانوا خلية من النحل، مفترشين الأرض لساعات طويلة في انتظار وصول القطارات التي ستحملهم إلى المحافظات والمدن والمراكز المختلفة لمشاركة ذويهم فرحة العيد.

نظرة أمل تظهر على أوجه الركاب على رصيف (10) عندما صاحت إذاعة المحطة معلنة قدوم القطار رقم (158) القادم من الإسكندرية في اتجاه الأقصر، بعد تأخر دام ساعة و20 دقيقة، وبدأت حالة التأهب بين الركاب وخاصة لمن لديه أطفال ونساء للوصول إلى فرصة الصعود أولاً على القطار للحصول على كرسي يرحم ذويهم من مرارة الزحام وطول الطريق.

بعد وصول القطار إلى المحطة، اختفت نظرة الأمل على وجوه الركاب عندما اكتشفوا أنه كامل العدد، وبدأت مرحلة تقبل الأمر الواقع وشد وجذب بين الركاب للصعود إلى القطار، ليس من الباب فقط، بل من الشبابيك أيضًا، وكانت غاية تلك المرحلة ليست مقعدًا بالقطار بل مكان يستطيع فيه الراكب الوقوف داخل القطار قبل أن ينطلق.

عشرة دقائق عصيبة تمر داخل القطار وسط صراخ الأطفال من شدة الحرارة، وحانت لحظة تحرك القطار، دون أن يستقله كثير من الركاب لشدة ازدحامه، وصل الأمر بعدد من الشباب إلى الجلوس في المكان المخصص للحقائب، وعندها ظهر صوت منادٍ يقول: “شاي شاي!” وفجأة ظهر من بين صفوف الزحام أحد الباعة الجائلين يتخطى رقاب الركاب ويزيد حدة الازدحام بلاءً.

35 دقيقة، وصل القطار محطة الجيزة، وكان الرصيف الآخر مكتظًا أيضًا بالركاب، وعندما توقف القطار بدأ التدافع من جديد، إلا أن القطار لم ينتظر كثيرًا إذ بدأ في التحرك تاركًا خلفه العشرات على رصيف المحطة، على أمل استقلال القطار الذي يليه.

وعندما تبادلنا الحديث مع أحد الركاب من محافظة سوهاج عن صبره على كل تلك المعاناة وعدم استقلال أتوبيس أو ميكروباص بديلا عن ذلك، قال: “أنا لما رحت الموقف علشان أركب ميكروباص لقيت الأجرة بـ 120جنيه بدلا من 85 جنيه أجيبلهم منين أنا 480 جنيه ليا أنا وأولادي علشان نروح بس ولسه هنرجع كمان كام يوم، ومن أسبوعين ناس كتير ماتت في قطر إسكندرية وخايف ليحصلي حاجة أنا أو حد من أولادي بس هنعمل إيه”.

أما عن رحلة العودة بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، فقال الناشط الحقوقي زين عبدالحكم، إن “ما يحدث بمحافظة سوهاج يعد مهزلة حقيقية خاصة في أهم قطاع للنقل هو السكة الحديد، حيث إن التذاكر اختفت تمامًا منذ فترة، ورد موظف الشباك على المواطنين: مفيش حجز وأول حجز بعد 15 يومًا من الآن”.

وأضف: “عندما تترك الشباك وتخرج إلى بوفيه المحطة تجد التذاكر متوفرة لدى عامل البوفيه وعلى كل المواعيد وبلا استثناء.. والسؤال هنا، كيف وصلت تلك الكمية من التذاكر على جميع الرحلات إلى يد عامل البوفيه، بالرغم من عدم وجودها بالشباك والذي يقوم ببيعها بزيادة ما بين 30 إلى 40 جنيهًا على كل تذكرة من سعرها الأصلي”.

وأشار إلى أن “المسافر الذي يريد العودة هو وأولاده إلى القاهرة بعد انتهاء إجازة العيد، لا يوجد خيار أمامه إلا الحصول على التذكرة بسعر السوق السوداء، فنجد أن تكلفة الأسرة الواحدة من سوهاج للقاهرة وصلت في الدرجة الثانية المكيفة حوالي 400 جنيه، وفى الدرجة الأولى تصل إلى 800 جنيه، وفى القطار الـ VIB إلى 1000 جنيه تقريبًا”.

وقال وحيد قرقر، وكيل لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان، إن “السكة الحديد شهدت عدة أزمات مختلفة خلال أيام العيد، وذلك نتيجة كثافة الإقبال عليها، وخفض سرعة القطارات لدواعي الأمان، وإهمال بعض المسئولين، في ظل الأزمات التي تواجهها المنظومة في الأساس”.

وأضاف قرقر “تخفيف سرعة القطارات أدى إلى زيادة مدة الرحلات، وبالتالي تغيير مواعيد القطارات وتكدس للركاب بالمحطات، وإن هيئة السكة الحديد تواجه العديد من المشاكل ووزارة النقل والهيئة وجميع المسئولين يعترفون بذلك، إلا أنه لم يمر وقت كافٍ على حادث قطار الإسكندرية لحدوث تغييرات إصلاحية بالمنظومة”.

وأشار إلى أن “هناك فئات محددة من الشعب تلجأ إجباريًا إلى استقلال القطارات نتيجة ارتفاع سعر البديل من المواصلات الأخرى، والذي يصل سعرها إلى الضعف أو أكثر”.

وأرجع قرقر، سبب انتشار ظاهرة سوق التذاكر السوداء، إلى “أزمة ضمير في المقام الأول، وهو ما يحدث في جميع المناسبات مثل تذاكر المباريات، وكذلك تخزين السلع التي يوجد بها أزمات، كما أن إهمال الأجهزة الرقابية وعدم القيام بدورها في القضاء على الأزمة، أدى إلى تفاقمها بشكل كبير”.

وتابع قائلاً: “لا أؤيد سائقي القطارات في إضرابهم عن التحرك بالقطارات إلا بعد التأكد من سلامتها، بل إن الضمير الإنساني هو من يقتضي ذلك للحفاظ على ملايين تلك الأرواح، حيث إن من يتحمل مسئولية الحوادث عند وقوعها في النهاية هم قائدو القطارات، ولذلك عليهم التأكد من جاهزيتها وعدم وجود أية أعطال، وعدم التحرك إلا بعد استلام تقرير رسمي بالحالة الفنية للقطار”.

وقال هاني حجاب، رئيس هيئة السكة الحديد الأسبق، إن “المعروض من التذاكر أقل من عدد الركاب على الرغم من دفع الهيئة بقطارات إضافية، وهو ما يتسبب في ندرة التذاكر والازدحام على شبابيك الحجز واستغلال معدومي الذمة والضمير من المواطنين والعاملين بالهيئة للأزمة وبيع التذاكر بضعف أسعارها، وهو ما يتطلب تشديد الرقابة من قبل شرطة النقل والمواصلات وسرعة محاكمة المتسببين في الأزمة”.

وأضاف أن : “قرار الهيئة بخفض سرعة القطارات بدعوى الأمان، قرار خاطئ”، مشددًا على أن وسائل الأمان كثيرة، إلا أن هذا القرار يؤدي إلى حدوث ارتباك في حركة القطارات، خاصة في ظل دفع الهيئة بقطارات إضافية.

واستنكر قرار السائقين بالإضراب عن العمل، مشددًا على أن الهيئة لا تسمح بخروج أي قطار إلا بعد التأكد من سلامته فنيًا، وأن الإضراب في الوقت الحالي يزيد من تفاقم الأزمة، التي يعاني منها الركاب.

وكان سائقو القطارات قد أعلنوا الإضراب المقنع، من خلال رفض تحريك القطارات في حالة وجود عطل، تنفيذًا للوائح وتعليمات الهيئة، بالإضافة إلى رفضهم تلقي تعليمات شفوية بالتحرك عند حدوث أية أعطال.

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …