سياسة تواصل مزدوجة المعايير لرئيس الهيئة الإسلامية في النمسا !!؟؟

Islamische-Glaubensgemeinsc

 

كتب : مصطفي درويش

كانت الحكومة التركية قد أعلنت في وقت سابق عن رفضها لنظرية النشوء والتطور لداروين . وأضافت أنه بداية من العام الدراسي القادم  2017/18سيتم إلغاء نظرية داروين من المناهج المدرسية بعلة أن النظرية جدلية وغير مناسبة للمرحلة التعليمية للتلاميذ . إلي هنا والأمر يعد شأنآ خاصآ بدولة تركيا .

ثم جاء رد الفعل من قبل المتحدث باسم الإتحاد التركي الإسلامي في النمسا ” آتيب ” في مداخلة له مع جريدة ” فولكسبلت ” التي تصدر في مقاطعة النمسا العليا في عددها الصادر بتاريخ 13.07.2017 حيث قال ما معناه أنه لايوجد رفض لنظرية داروين ، بل أن للنظرية مكانها العلمي ويجب تعليمها في المدارس . ومن المعروف أن ” آتيب ” هو القسم الخارجي للسلطة التركية الدينية في تركيا والتي تقوم بإستجلاب العديد من الأئمة من تركيا إلى النمسا .

ثم جاء موقف رئيس الجالية الإسلامية الرسمية في النمسا ابراهيم أولجون في نفس الجريدة مساندآ لنظرية النشوء والتطور لداروين وبأنها جزء لا يتجزأ من منهج التربية الدينية في النمسا . وأضاف قائلآ بأن الإسلام يساند الإيمان القائم على اساس الإقناع والبرهان من خلال العلم .

كما تفضل السيد سند بودياك مفتش التربية الدينية في مقاطعة النمسا العليا هذا الأسبوع بتقديم الموقف الرسمي للهيئة التعليمية هناك والذي أوضح بإسهاب كيفية تناول نظرية النشوء والتطور في حصة التربية الدينية الإسلامية . كما أستندت الهيئة هناك على موقف الإمام محمد عبده في بدايات القرن التاسع عشر حيث كان المفتي الأكبر في مصر وينادي بالتوافق بين العلم الحديث والدين .

وفي إصدار جريدة ” فولكسبلت ” بتاريخ 20.07.2017 أي بعد أسبوع من المقال السابق مقالٌ جديد جاء في عنوانه أن الهيئة الإسلامية الرسمية في النمسا ترفض نظرية النشوء والتطور وتحصد إعتراضات على موقفها هذا داخل النمسا . وذلك لأن هذا الموقف الجديد يتناقض مع ما جاء على لسان المتحدث بإسم أتيب ، وبإسم رئيس الهيئة الإسلامية ، وفي البيان الرسمي المكتوب من الهيئة في مقاطعة النمسا العليا عن كيفية تعليم النظرية في حصة التربية الدينية الإسلامية .

وأتهمت الجريدة الهيئة الإسلامية بأنها تنتهج سياسة تواصل مزدوجة المعايير ، واحدة لأصحاب الأصول التركية والثانية للرأي العام المتحدث بالألمانية . وأدلت المتحدثة الرسمية للهيئة الإسلامية بدلوها في هذا الشأن معربة عن أنه لم يتم فهم ما قصد إليه رئيس الهيئة وأسدت إليه النصحية قائلة ” كان عليه أن يقول أنه يرفض نظرية النشوء والتطور بصفته الشخصية ” . وتتساءل الجريدة هل غير أولجو موقفة بسبب تواجده بتركيا حتي يرضي الحكومة التركية وسدنة الدين هناك ؟ وإن كان ذلك كذلك فقد حصد أولجو من ناحية أخري إعتراضات من المسلمين في النمسا ومنها هيئة الثقافة التركية التي تقول ” الله والقرآن ليسا ضد داروين ” وهو نفس الموقف الذي يتبناه العلمانييون المسلمون والمسلمون الليبرالييون .

وجاء  في إصدار جريدة كورير بتاريخ 21.07.2017 اتهام ابراهيم أولجو لجريدة ” فولسبلت ” بنشرها أحاديث كاذبة عن لسانه وبأنه يري أنه لاتعارض بين الإسلام والعلم الصادق حسب قوله . وجاء في نهاية هذا المقال أن هذه ليست المرة الأولي التي يغير فيها أولجو موقفه حيث أنه قد قال منذ بضعة شهور لمجلة ” بيبر ” بإنه لا يعلم سوي القليل عما حدث في محاولة الإنقلاب وبأنه يجب أن تقطع العلاقات مع أصدقاء قائد الإنقلاب . وبعد توجيه النقد إليه من أنقره قام أولجو فجأة بتغيير موقفه .

هذه قضية جديدة من قضايا النقاش والجدل في الشؤون الإسلامية ولن تكون الأخيرة فهذه هي ثمة ذلك العصر الذي نعيش فيه وهي نتيجة حتمية لتقارب الحضارات والديانات من بعضها البعض بل وتداخلها في بعضها البعض ووجود الحوار بين ممثلي هذه الحضارات والديانات .

وسيظل هذا النقاش وذلك الحوار مفتوحين حتي يأتينا اليقين .

مصطفي درويش                                                                       ايطاليا 21.07.2017

 

 

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …