فيينا : مصطفي درويش
ما المدرسة إلا كيانآ اجتماعيآ تعليميآ يتفاعل بالطبع مع الأوضاع الراهنة في المجتمع القائمة فيه . وقد شاهدنا في الأونة الأخيرة المناقشات الدائرة بشأن الحجاب والنقاب وغيرهما من الموضوعات ذات العلاقة بالدين الإسلامي وبالمسلمين المقيمين في النمسا . وبلا شك ألقت هذه النقاشات بتبعتها على المدارس والقائمين عليها ، فما المدرسة في حقيقة الأمر إلا انعكاسآ ومرآة للمجتمع الكبير الذي حولها .
ففي عام 2016 وفي أحدي المدارس الثانوية في العاصمة النمساوية فيينا حدث أن مدرسة الفصل لم تتقبل رغبة تلميذتها البالغة 16 عامآ في أن ترتدي الحجاب فقامت بإستدعاء التلميذة أربع مرات من الفصل لتتحدث معها عن الجماعات الإرهابية مثل داعش وبوكوحرام . بل وابدت المدرسة مخاوفها امام الفصل بأكملة – وهو خطآ تربوي كبير – بأن تكون هذه التلميذة قد وقعت بالفعل في الدوائر الراديكالية وعما إذا كانت قد أشترت تذكرة طيران للذهاب إلى سوريا . ولم يتنهي الأمر عند هذا بل طلبت المدرسة العون من جهاز حماية الدستور بالنمسا بالتدخل وتم التواصل من أولياء أمور التلميذة . ولم يستطيع موظفي حماية الدستور التحقق من اي شبهة لوقوع التلميذة في الراديكالية المزعومة من قبل المدرسة المصونة .
هذه حالة من الحالات الـ 47 التي وصلت في عام 2016 إلى ” مبادرة التعليم الخالي من العنصرية ” . وأظهر تقرير المنظمة السالفة الذكر أن الغالبية العظمي (61,7%) من الحالات لها خلفية عدائية للمسلمين والمسلمات . ومعظم المشكلات تقع على عاتق الفتيات المسلمات التي ترتدي الحجاب في حصة التربية الرياضية . ويتقدم حوالي 28 من أصحاب هذه الحالات إلى المدرسة لتدعمهم وتساندهم ولكنهم لا يحصلون على هذه المساندة المنشودة . وحتي إن توجه التلاميذ والتلميذات إلى مدرسهم المفضل أو مدرستهم المفضلة أو إلى مدير أو مديرة المدرسة غالبآ مالا يلقون أي مساعدة ويتم تهميش مواقفهم وهو ما يؤدي إلى ازياد الأمر سوءآ بالمدرسة كما جاء على لسان رئيسة المبادرة السيدة سونيا زعفراني في حديثها لجريدة الكورير النمساوية اليومية بتاريخ 01.07.2017 والمنشور بصفحتها الثامنة عشر . وأضافت ان القضية تم عرضها على الهيئة التعليمية في فيينا ولكن لم يتم اتخاذ أي موقف من هذه المدرسة المزعومة .
ويستطيع كاتب هذه الكلمات أن يؤيد كل كلمة جاءت في ذلك التقرير وذلك من واقع خبرته التعليمية وحدوث مثل هذه الأفعال مع تلاميذه والتي مع الأسف الشديد تأتي من قبل المدرسين والمدرسات قبل التلاميذ والتلميذات . وفي أحدي المواقف التي تدخل فيها وذهب إلى مدير المدرسة قام السيد المدير بنفس الشيء وهمش الموضوع وهون من شأنه مما أصابه بإحباط شديد . هذا الإحباط كان الدعم والسند الكبيرين في تعامله مع تلاميذه في كيفية التعامل مع مثل هذه الأمور .
فالثقة بالنفس هي أهم ما نزرعه في التلاميذ والتلميذات مع أهمية أن تكون عندهم القدرة على الرد الواثق والهادي على ما يسمعون من تطاولات لا ناقة لهم فيها ولا جمل .
فمن خلال حصة التربية الدينية نستطيع أن نساهم مساهمة كبيرة وفعالة في تكوين شخصية متوازنة للتلاميذ والتلميذات تعرف كيفية التعامل مع الله من خلال العبادات وكيفية التعامل مع الأخر من خلال المعاملات . وبالله التوفيق .
مصطفي درويش 07.07.2017