لماذا غضب المصريون من عيد ميلاد لميس الحديدي ؟

Isra-Sief

 

فيينا – إسراء سيف

المصريون يحبون بطبيبعتهم البهجة ويشاركون غيرهم الفرح في مناسباتهم السعيدة، يفتحون سردابًا للسعادة من التفاصيل الصغيرة وأحيانًا من اللا شىء، يستغلون خفة دمهم في إضفاء لونًا للحياة التي باتت مؤخرًا ضاغطة وعكرة، يحبون مُتابعة أخبار الفن والوسط الإعلامي لحبهم لمن يعبر عن روحهم ولسان حالهم، يبتلعون مواقف للإعلاميين ليست على هواهم بمزاجهم، ولكن عندما ينقلب السحر على الساحر اعلم أن هناك شيئًا بات سخيفًا.

أثار فيديو لعيد ميلاد المذيعة لميس الحديدي على السوشيال ميديا ضجة، وتحول الفيديو لقضية لها مؤيد ومعارض!….الفيديو لم يتعد بضع دقائق تظهر فيه لميس مع زوجها الإعلامي عمرو أديب يحتفلون بالرقص مع الأصدقاء في أحد الأماكن العامة وهو أمر لا يستدعي الحوار من الأساس، فعيد الميلاد من المفترض مُناسبة سعيدة والطبيعي أن يرقص فيها الناس، ولميس ليست أستاذة بالجامعة كمنى البرنس كي تقوم الدنيا عليها ولا تقعد، ففي الأفراح العادية يحدث نفس الشىء، ناهيك عما يحدث بالأفراح الشعبية، إذا ماذا أغضب المصريين؟

رأى الكثير بالفيديو شىء من البزخ والرفاهية، والإعلاميان عمرو أديب ولميس الحديدي دعوا الشعب مرات لتقليل الاستهلاك ومحاولة التأقلم مع الظروف الاقتصادية الراهنة واحتمال الأوضاع حتى تمر بسلام -كما يروجون دائمًا- فاستفز الموقف الطبقة المطحونة التي تحاول بالفعل التأقلم مع الغلاء ليس سمعًا وطاعة، ولكن لأنه لا يوجد أسلوب آخر لتفادي الأوضاع من وجهة نظرهم. وكان رأي البعض الآخر أن هذه حياتهم الشخصية فلا يجب أن نحكم عليها أو نبدي آراءنا، ولكن عندما يقوم الإعلامي بالدعوى إلى شىء لا ينفذه هو بالأمر الواقع في هذه الظروف فهو شىء ربما يدعو لاستفزاز البعض، فعندما قام الداعية مصطفى حسني بحث الناس على ترك شراء الماركات العالمية بحلقة من حلقاته، واكتشف الناس ارتداؤه لماركات عالمية حدثت نفس الضجة تقريبًا بالمواقع الاجتماعية.

ما كان يعجب المصريون بالأمس في الإعلام أصبح يصيبهم بالسخط اليوم، فبرامج الطبيخ التي أصبحت موضة بوقت من الأوقات أصبحت تثير استفزاز الناس بطرح كل أنواع المحمرات والمشويات في وقت انتهك فيه الغلاء روح التلذذ بشهوة الطعام، حتى أن هناك قنوات أسرعت في عمل برامج جديدة للأكلات البسيطة عندما استشعرت غضب الناس، فقد قام أحد رؤساء تحرير جريدة معروفة بحشر نفسه كمذيع لبرنامج ما وأخذ يتغزل بوصلة طويلة في فقرة طبخ ببرنامجه في الجبنة البرميزان، وهي من أغلى أنواع الجبن، لتتصل بي صديقة تشكي من الفقرة بأكملها بسبب استفزازه وأخذت تتحدث بلسان الفقراء والطبقة المتوسطة التي في طريقها للانقراض، فكيف يتغزل صاحبنا في حبه لأغلى أنواع الجبن في برنامج يستهدف البيوت المصرية البسيطة؟…يستهدف بيوتًا أصبحت تترحم على الجبنة الرومي!…

المصريون لم يغضبوا من رقص لميس، ولكنهم عبروا عن غضبهم من انفصال شعور الإعلاميين بهم جميعًا، من غياب الإعلام عن الشارع وعما يعانون منه، بانشغالهم بقضايا تافهة، ومن الادعاء الذي لوث حتى الهواء وأفسد البلاد، فطفح الكيل.

Check Also

تتوالى الضربات على أبرز أحزاب اليمين المتطرف في فرنسا على إثر اتهام شخصيات بارزة من …