القاهرة – مصطفى على
ضغوط أمريكية وخليجية على الدول الداعمة لفك ارتباطها بالجماعة.. تقليص الدعم المالى والسياسى والإعلامى يتصدر أولويات «ترامب» وقوى إقليمية مؤثرة
أعطت مقررات القمة الإسلامية الأمريكية، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض مؤخرًا، مؤشرًا قويًا على وجود قناعة لدى الإدارة الأمريكية بعدم جدوى الرهان على ما توصف بـ “قوى الإسلام المعتدل”، في ظل انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ووصفها بالإرهابية، وتحميل بعض القادة العرب جماعة “الإخوان المسلمين” مسئولية جميع مشكلات المنطقة.
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت جيتس، بشأن تحميل قوى الإسلام السياسي المسئولية عن مشاكل المنطقة، واتهامه لدول بعينها بأنها لا تكف عن دعم قوى التطرف والإرهاب، ولا تقدم المطلوب منها بشأن الحفاظ على المصالح الأمريكية.
وقال مراقبون إن “هذه المواقف تظهر أن جماعة الإخوان ستشهد خلال المرحلة القادمة الجولة الأشرس ضدها، سواء بإعلان الجماعة منظمة “إرهابية”، أو الضغط على دول مثل قطر وتركيا للكف عن تقديم الدعم لها سياسيًا وإعلاميًا، وعدم الاستمرار في استضافة قادة التنظيم، وتكثيف الضغوط على وسائل الإعلام الموالية لها، للكف عن انتقاد الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة”.
يتزامن ذلك مع ما لاحظه المراقبون من تغير واضح في النظرة داخل الدوائر التركية والقطرية تجاه “الإخوان”، باعتبارها “ورقة محروقة لايجب الرهان عليها، بعد أن تراجعت قدرتها على الحشد ضد السلطة الحالية في مصر، كما ظهر في تصريحات أدلى بها مسئولون قطريون ومستشارون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.
ومن المرجح أن تضع الضغوط الأمريكية على الدول الداعمة للإخوان، والتي ستضع الجماعة بين خيارين أحلاهما مر، الأول: الإقرار بالأمر الواقع والاعتراف بنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي وإدانة الإرهاب بكل صوره، وإقرار مراجعات شاملة والقبول بأي شيء يعرض على الجماعة حتى لو كان الاكتفاء بالعمل الاجتماعي والدعوى والابتعاد عن السياسة.
أما الخيار الآخر الذي تواجهه الجماعة، بحسب الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ “الأهرام”، فيتمثل في محاولة استئصال الجماعة والقضاء على أي دور لها سواء في مقرها الرئيسي في مصر، أو في فروعها المختلفة في أكثر من ثمانين دولة في العالم، وطي صفحتها باعتبار وجودها في المشهد لا ينسجم مع التوجه الأمريكي.
وأضاف ربيع أن “وصم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحماس بـ”الإرهابية” والحملات الإعلامية الجارية ضد “الإخوان” والدول الداعمة لها في الداخل الأمريكي، سيضعف بشدة من موقف “الإخوان”، وقد يجبر الدول الداعمة لها على التخلي عنها، وهو ما سيعد ضربة قوية للجماعة وحلفائها في المنطقة، بل وبداية النهاية لنفوذ قوى لقوى الإسلام السياسي”.
غير أن ما ذهب إليه ربيع تقابله وجهة نظر أخرى ترى أن “الضغط على الدول الداعمة لجماعة الإخوان ليس مقصودًا به التراجع عن دعمها، بل تليين موقفها بخصوص محاولة إيجاد تحالف إسلامي – أمريكي لتقليم أظافر إيران بالمنطقة، لا سيما أن دولاً مثل تركيا وقطر تبدى تحفظًا على المساعي للدخول في مواجهة مع إيران، وهو ما لا يتوافق مع التوجه الأمريكي الساعي لتضييق الخناق على طهران.
لكن وجهة النظر هذه لا تجد قبولاً من أغلب المراقبين الذين يؤكدون أن حاجة واشنطن لدعم دول خليجية مؤثرة في التحالف، وفى الوقت نفسه مناوئة لجماعة الإخوان، ستصب في صالح الدولة المعارضة لأي تسامح مع الجماعة، وهى وجهة النظر التي فرضت كلمتها في النهاية، ونجحت في حشد الإعلام الغربي ودول مؤثرة ضد قوى الإسلام السياسي بشكل عام.
ورأى الدكتور كمال حبيب، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن “قوى الإسلام السياسى بمعتدليها، سواء جماعة الإخوان والجماعات الدائرة فى فلكها أو القوى المسماة بـ”الراديكالية”، ستواجه صيفًا ساخنًا، ولن تجد مساحة للمناورة خلال المرحلة القادمة، بل ستواجه حربًا سياسية وإعلامية ومالية غير مسبوقة لتجفيف منابعها”.
وأشار إلى أن “عدم استماع القوى الإسلامية، وفى القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، لصوت العقل والضربات الأمنية الشديدة التى تعرضت لها، ووجود أغلب قيادتها فى السجن، أضعف قدرة الجماعة على تبنى خيارات صحيحة أو إقرار مراجعات أو مواقف توقف الحرب الدائرة على الجماعة والقوى الحليفة لها أو تفرغ الحملة ضدها من أى مضمون”.
ورجح حبيب، زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية على حركات المقاومة فى المنطقة، منها “حماس” و”الجهاد” وحزب الله فى لبنان، فلا يزال الأخير، رغم ما يقدم عليه فى سوريا، محسوبًا على قوى مقاومة إسرائيل، فضلاً عن تمتعه بالدعم الإيراني، وهو أمر ينطبق على جماعة الحوثى فى اليمن، حيث يمكن أن يوجه لها التحالف ضربات تنهى سطوتها فى اليمن دعمًا للمصالح السعودية”