القاهرة — شيماء رزق : —-
الطيب.. دكروري».. فى مواجهة ترزية القوانين التى تستهدف الإطاحة بهما
بعد الإطاحة بـ «جنينة».. قانونا الأزهر والسلطة القضائية أدوات النظام للتخلص من معارضيه
تصريحات الـ600مليار جنيه.. بيان إدانة دماء «رابعة».. إقرار الطلاق الشفوي.. وحكم تيران وصنافير.. أبرز ما اقترفه رجال قالوا للرئيس «لا»
القاهرة – شيماء رزق ومنار شديد
“المستشار هشام جنينة”.. اسم يتذكره الكثيرون، فهو رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الأسبق، صاحب تصريح بأن الفساد فى مصر يقدر بحوالى 600مليار جنيه، الأمر الذى تبعة إقالته من منصبه وتعرضه للمحاكمة بتهمة بث أخبار كاذبة، فهو الرجل الذى تسببت تصريحاته ومواقفه فى الإطاحة به، ويبدو أن الأمر لم يتوقف عنده فحسب، وتتعرض الآن مؤسستا القضاء والأزهر لحملة شرسة وغير مسبوقة اعتبرها البعض أشبه بمعركة “جنينة”.
حيث نجد أن شيخ الأزهر، فضيلة الدكتور أحمد الطيب، والمستشار يحيى دكرورى، رئيس محكمة القضاء الإدارى فى مجلس الدولة، يواجهان بحملات ممنهجة من خلال مشروعات قوانين يتم التقدم بها يرى الكثير من الخبراء أنهما المقصودان بتلك القوانين.
هشام جنينة
ردد هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السابق، كثيرًا عبارة “الفساد للرُّكَب” لوصف حجم الفساد المستشرى فى أيام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، واقترب من مناطق ساخنة، كانت محظورة على الجميع بحديثه أكثر من مرة عن تجاوزات مالية فى الأجهزة السيادية ووزارة الداخلية والجيش، مؤكدًا تقديمه بلاغات وتقارير للنيابة العامة، ومشيرًا فى الوقت نفسه إلى عدم رد النيابة على تلك البلاغات.
وبعد مرور حوالى ستة أشهر على توليه منصبه، أكد أن الجهاز المركزى لم يعد تابعاً لرئيس الجمهورية مع الدستور الجديد، وأن الغرض من ذلك استقلالية الجهاز حتى تظل التقارير الرقابية بعيدة عن تحكم كل الجهات والمسئولين فى الدولة، مشددًا على أن الجهاز المركزى للمحاسبات جهاز قومى يحافظ على المال العام، ويجب أن يكون مستقلاً ولا يتبع أى حزب أو تيار سياسي، كما يجب ألا يزج به فى أى خلاف.
وقد أثبت سير الأحداث، أن اقتراب “جنينة” من عش دبابير الفساد المنتشرة فتحت عليه النار حين صرح “جنينة”، بأن حجم الفساد بلغ نحو 600 مليار جنيه ما بين 2012 و2015، الأمر الذى أدى إلى تشكيل السيسى لجنة للتحقيق فى هذه التصريحات، وقالت اللجنة إنه يبالغ وأن حجم الفساد ستة مليارات وليس 600.
وعندما حاول تقديم الدليل على ما قاله، قامت السلطات بحظر نشر أدلته، ثم فوجئ الجميع بإحالته إلى نيابة أمن الدولة العليا، لمواجهته بملخص ما جاء من تحقيقات النيابة العامة حول تصريحاته عن تكلفة الفساد فى عام 2015، وعقب بيان لنيابة أمن الدولة العليا، ردت رئاسة الجمهورية فى أقل من ساعة تقريبًا، بقرار شمل إعفاء المستشار هشام جنينة، من منصبه، كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، وذلك على خلفية استدعائه للتحقيق فى تصريحاته حول الفساد عام 2015وُمنع من السفر خارج البلاد.
بعد ذلك استطاع السيسى إصدار قرار بقانون فى 11 يوليو 2015، منحه حق عزل رؤساء الهيئات الرقابية والأجهزة المستقلة، وتم تمرير القانون بعد مراجعته من قسم التشريع بمجلس الدولة، وإقراره قبل انتخاب مجلس النواب الحالي، وبعدها أصدر السيسى قرارًا بعزل جنينة.
من جانبه فسر الدكتور مختار الغباشى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن ما حدث بقضية “جنينة”، كان بمثابة المفاجأة المزعجة للنظام لأنها كشفت المستور فى وقائع فساد داخل هيئات قضائية وجهات حكومية مختلفة، مما سبب إزعاجًا وقلقًا للنظام، لافتًا إلى أنه بعد توالى الكشف عن وقائع الفساد ببعض المؤسسات أثبت أن “جنينة” كان على حق وأننا أمام “ماخورة فساد”.
وأكد “الغباشي”، فى تصريحات خاصة لـ”المصريون”، أن محاربة الفساد لا تتأتى بالكشف عن وقائع الفساد فقط، وإنما تأتى عن طريق إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، ومعالجة الخلل فيما يخص رواتب العاملين بالدولة، كذلك صياغة احتكاك المواطنين بالموظفين فى المؤسسات المختلفة بالبلد.
وفى نفس السياق قال الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادي، إن لجنة تقصى الحقائق بشأن تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات سابقًا، تسرعت فى إعلان نتائج أعمالها، مشددًا على ضرورة محاسبة المسئولين عن ارتفاع فاتورة الفساد.
وأكد الدسوقي، فى تصريحات خاصة لـ”المصريون”، أن التسرع فى إعلان النتائج سيبعث رسالة أمان إلى الفاسدين، الأمر الذى شجعهم على استمرار منظومة الفساد داخل مؤسسات الدولة مما يعرض المواطنين فى نهاية المطاف للهلاك، حيث إن الفقراء فقط هم من يتحملون فاتورة فساد المسئولين.
يحيى دكرورى
عقب توقيع الحكومة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، والتى كانت تنص على تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير، قام عدد من المحامين برفع قضية لإلغائها أمام القضاء الإدارى وأصدرت المحكمة فى 21 يونيو عام 2016 برئاسة المستشار يحيى دكرورى، حكماً تاريخياً بإلغاء تلك الاتفاقية، وقالت نصاً فى حيثيات حكمها إن الجزيرتين تقعان داخل الحدود المصرية وضمن الإقليم البرى المصرى، وتحت السيادة المصرية، وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أى دولة أخرى.
وبالتزامن مع نظر المحكمة الإدارية العليا قضية تيران وصنافير، قدم وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان وعضو جبهة دعم مصر البرلمانية مشروعاً لتعديل قانون السلطة القضائية؛ يتضمن تدخلاً من النظام متمثلاً فى رئيس الجمهورية لتعيين رؤساء كل من مجلس الدولة ومحكمة النقض (المجلس الأعلى للقضاء) وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، على أن تُرشح كل هيئة 3 من نواب رئيسها الحالى من بين أقدم 7 نواب، على أن يتم ترشيحهم قبل نهاية مدة الرئيس الحالى بـ60 يوماً على الأقل.
وفى حالة انتهاء الأجل المذكور قبل تقديم الترشيحات فى الفقرة السابقة، أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة فى الفقرة الأولى، يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة الحالي، وهو ما يُهدر مبدأ الأقدمية لأول مرة فى تاريخ مصر، كما أنه يسلب الجمعيات العمومية والمجالس العليا للهيئات سلطة الترشيح فى بعض الحالات.
ووفق آراء متخصصين، أن هذا التعديل جاء لعدة أسباب ورغبات لدى النظام وفق آراء الكثير من المتخصصين، منها إنزال العقاب بالمستشار يحيى دكروري، أقدم نواب رئيس مجلس الدولة، والأحق برئاسته بعد انقضاء مدة الرئيس الحالي، فهو صاحب حكم بطلان اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير، وصاحب حكم وقف تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات عام 2015، بضرورة إجراء الكشف الطبى على المرشحين، ووقف قبول من سبق قبول أوراق ترشحه لانتخابات البرلمان، وحكم وقف دعوة الناخبين للانتخابات البرلمانية، لحين إعادة قانون تقسيم الدوائر، مؤكدًا أن المشرع فى الدستور المصرى، حدد نظام الانتخاب بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين.
يقول المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق، إن التعديل فى قانون السلطة القضائية جاء معاقبة للقضاء على حكم مصرية “تيران وصنافير”، موضحًا أن السلطة تريد أن تهيمن على القضاء وتسيسيه بما يخدم مصالحها بما يتعارض مع الدستور وأحكامه.
وأكد”سليمان”، فى تصريحاته لـ”المصريون”، أن “القانون جاء ليطيح بصاحب الأقدمية فى التعيين فى رئاسة مجلس الدولة ومحكمة النقض وهما على الترتيب القاضى يحيى دكرورى، صاحب حكم بطلان اتفاقية “تيران وصنافير”وبعده القاضى أنس عمارة الذى أشيع أنه مع قضاة الاستقلال، وأبطل العديد من أحكام إعدام الإخوان، بحسب كلامه.
أحمد الطيب
شهدت البلاد فى الشهور الماضية، توترًا فى العلاقة بين شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومؤسسة الرئاسة، ولم يكن ذلك الأمر وليد اليوم بل بدأ بعد فض اعتصام رابعة العدوية، والذى أصدر الأزهر فيه بيانًا أدان فيه إراقة الدماء، ثم تطورت الأمور بين الرئيس السيسى وذلك عقب مطالبته بضرورة إصدار تشريع يحد من الطلاق بحيث لا يقع الطلاق إلا أمام المأذون، وذلك بعد ارتفاع نسب الطلاق، وبعد فشل محاولة الرئيس أن يقتنص من شيخ الأزهر فتوى شرعية بمنع الاعتراف بالطلاق الشفوى قال السيسى فى لقاء شهير:«هل نحن يا فضيلة الإمام بحاجة إلى قانون ينظم الطلاق بدل الطلاق الشفوى، لكى يكون أمام المأذون، حتى نعطى للناس فرصة لتراجع نفسها، ونحمى الأمة بدل تحولها لأطفال فى الشوارع بسلوكيات غير منضبطة». وتابع السيسي: «ولا إيه يا فضيلة الإمام، «تعبتني» يا فضيلة الإمام»، ولم تكن تلك المرة الأولى التى يعاتب فيها السيسى شيخ الأزهر بشكل علنى.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد تطورت الأمور بشكل أكثر حدة بعد تفجيرى كنيستى مارجرجرس ومارمرقص، وتجديد الرئيس دعوته للأزهر لتجديد الخطاب الدينى، والذى أعقبه هجوم شرس عليه عبر وسائل الإعلام، إضافة إلى التقدم بمشروع قانون الأزهر الذى تقدم به النائب محمد أبو حامد، والذى يحدد فيه مدة الإمام الأكبر بـ12سنة كحد أقصى ووضع آلية للتحقيق معه، الأمر الذى أكد المحللون أن المقصود بهذا القانون إقصاء شيخ الأزهر من منصبه.
من جانبه رد الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمى باسم جامعة الأزهر، على الهجوم الإعلامى الذى يتعرض له الأزهر وشيخه من قبل الإعلاميين قائلاً: “هذا هجوم مستهدف من بعض رجال الإعلام أصحاب أجندات وهدفهم إثارة البلبلة، وتعطيل مصالح الدولة لأنهم لا يدركون أن الأزهر أعز ما تملكه مصر.
وأضاف زارع، فى تصريحات خاصة لـ”المصريون” أن بعض الإعلاميين يدركون أننا فى حاجة إلى التكاتف والتعاون من أجل مصلحة ووحدة مصر، مشيرًا إلى أن الإسلام ينهى عن أى خلاف يمزق وحدة الأمة ويبدد طاقتها .
وأشار إلى أنه يوجد نوعان من الإعلام المهاجم للأزهر، النوع الأول، هو من يرى فى هجومه مكاسب اقتصادية، ويصور له خياله أنه سوف يجذب كثيرًا من المشاهدين ويحقق أرباحًا كبيرة، والنوع الآخر يريد هدم الأزهر، مضيفًا أنهم لن ينجحوا فى تحقيق ذلك، وتابع: “الأزهر أثبت عبر التاريخ أنه مؤسسة ويستحيل أهانتها مهما اختلفوا مع أرائه لأنه لا يحكم إلا بشرع الله فهو صاحب رسالة قوية وهى رسالة التنوير وتقدم الخير للبشرية جميعًا، مؤكدًا أن زيارة بابا الفاتيكان للأزهر نقلت الود والمحبة بين البشر وما يمكن أن يقدمه الرموز الدينية لتوضيح الأفكار المتطرقة وإشاعة ثقافة السلام وهو شىء كبير.
وعن تجديد الخطاب الدينى، قال إن الأزهر يقوم بذلك الأمر بكل حب، لأن التجديد فى الزمان والمكان سمة من سمات الدين الإسلامي، وأما بخصوص الطلاق الشفوى فقد حسم الأزهر الأمر باعتباره قضية فقهية محسومة من شرع الله.
واستطرد: ” القانون الذى تقدم به النائب محمد أبو حامد، يهدف لهدم الأزهر وحدوث “فتنة”، مؤكدًا رفضه القانون جملة وتفصيلاً، مثنيًا على رفض مجلس النواب هذا القانون.