تشهد النمسا منذ فترة طويلة جدلًا حادًا بعد صدور دراسة قام بها رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة فيينا ، اتهمت دور الحضانة الإسلامية بالمساهمة في بناء “مجتمعات موازية” ومكان يحتضن متطرفي المستقبل الناشئين محليًا، فيما يندد رافضو هذه الخلاصة بغياب أدلة ملموسة عليها.
تابعت شبكة رمضان الإخبارية صاحب الدراسة الاستاذ النمساوي من اصول تركية في جامعة فيينا عدنان أصلان أن حوالى عشرة آلاف طفل بين الثانية والسادسة من العمر يرتادون حوالى 150 دار حضانة إسلامية، يتلقى ربعها على الأقل دعمًا من جهات تروّج لتيارات اسلامية محافظة كالسلفية حسبما أفاد أصلان فى دراسنة التى تتألف من 178 صفحة .
وتابع أصلان حسب قولة أن الأباء يرسلون اطفالهم الى مؤسسات تحيط بهم أجواء اسلامية، وتحفظهم عددًا من السور القرآنية”، مضيفًا “لكنهم لا يدركون أنهم يعزلونهم عن مجتمع متنوع”.
صدرت هذه الدراسة في أواخر العام الماضى 2016، وسرعان ما تلقفها معارضو الهجرة، وأولهم حزب الحرية اليميني المتطرف “FPÖ”، في اعقاب اعتداءات ارتكبها مسلمون نشأوا في اوروبا، على غرار اعتداءات باريس وبروكسل.
تحقيق سري
في المقابل، يرفض كثيرون خلاصات تقرير اصلان، ويشككون في منهجيته. وأجرت مجلة “بيبير” الخاصة بشئون الأطفال والمعنية بشؤون الأقليات تحقيقًا سريًا في 14 دار حضانة إسلامية، قامت بها مراسلة محجبة، زعمت انها تبحث عن دور حضانة مناسبة لابنها، ولم تجد أي اثبات يدعم أقوال أصلان بشأن وجود سلفيين صغار” او حظر أغاني الاطفال.
لكن المجلة اعتبرت أن ثلث هذه الدور تقريبًا “يثير اشكالية” من خلال “إبعاد الاطفال أو عزلهم” عن سائر المجتمع، مشيرة إلى مخاوف حيال “انفتاح” عدد من موظفيها ومستوى اللغة الالمانية المتداولة فيها. مذاك سعت بلدية فيينا إلى التهدئة، فكلفت فريق ابحاث من ستة اشخاص إجراء دراسة معمقة تنشر خلاصاتها خلال العام الجاري.
لكن المشكلة الأولى التي واجهها هي تحديد عدد دور الحضانة الإسلامية. فالعاصمة فيينا تعد 842 دار حضانة مسجلة، بينها 100 بإدارة كاثوليكية، و13 بروتستانتية، فيما يبقى عدد الدور الإسلامية مجهولًا. ويعود السبب جزئيًا إلى ارتفاع هائل في عدد الدور الخاصة يفوق قدرة السلطات على متابعتها، وسمح لها العمل بغير رقيب.
مدينة مهاجرين
تعد فيينا 1,8 ملايين نسمة، نصفهم من المولودين في الخارج، أو أحد ذويهما ولد في الخارج. فدورها التاريخي كعاصمة امبراطورية واسعة حولها وجهة جذابة لأجانب لا يلقون الترحاب جميعًا.
وقال خبير العلوم السياسية والشؤون الاسلامية في جامعة فيينا توماس شميدينغر إن “الجديد في السنوات الاخيرة هو اتخاذ الجدل حول الاندماج منحى دينيًا”.
تلقت النمسا، التي يبلغ عدد سكانها 8,7 ملايين نسمة، أكثر من 130 ألف طلب لجوء منذ 2015 في إطار أزمة الهجرة الأسوأ في تاريخ الاتحاد الاوروبي منذ الحرب العالمية الثانية.
عقد اندماج
ويحرز “حزب الحرية” اليميني المتطرف نتائج بارزة في الاستطلاعات، التي تعكس تشددًا في الموقف العام من المسلمين خاصة والأجانب عامة . وشهد في العام الماضى ارتفاعاً حاداً في الهجمات على مراكز ايواء اللاجئين. كما أجرى الأئتلاف الحاكم الوسطي انعطافة الى اليمين عبر خطط لحظر النقاب الذي يغطي الوجه كاملًا في الاماكن العامة، وإلزام المهاجرين التوقيع على “عقد اندماج”.
وقد أتصلت شبكة رمضان الإخبارية بـ رئيس الهيئة الإسلامية بالنمسا الممثل الشرعى للمسلمين أمام السلطات النمساوية “فاروق أوجلو” حيث أوضح أن المسلمين يبلغ عددهم الأن 700 الف مسلم، وإن تقرير أصلان المغلوط، لم يضف جديد ولم يسهم فى شيء فى وسط هذه الأجواء المتلبدة إلا أنه صب الزيت على النار، وإن “الدراسة تغذي الشعبوية وتضع المسلمين دومًا في موضع الدفاع عن النفس والتبرير”.
وعند سؤال “رسول أوجلان” شاب تركى من مواليد فيينا البالغ من العمر 38 عامًا قال أنا أرسلت أبنى الى حضانة إسلامية لتعليمه “قيم التضامن والإنسانية والمسؤولية”، لافتًا الى أنه شخصياّ أرتاد اثناء طفولته حضانة مسيحية إنجلية، وقال: “لست أفهم لماذا يُجاز ذلك لديانة، وليس لأخرى”.
أقراء دراسة برفيسيور عدنان أصلان باللغة الألمانية بالضغط هنا