أعلنت قنصلية النظام السوري في الأردن وتركيا إيقاف استلام معاملات تجديد جوازات السفر للسوريين المقيمين في البلدين بدءاً من يوم الاثنين 24 نيسان/إبريل.
وتم الإعلان عن طريق موقع القنصلية السورية في الأردن مساء أمس الاحد، وموقع القنصلية في اسطنبول، ولم يذكر الموقعان أي تفاصيل أخرى حول القرار.
ووفقاً للإحصاءات الرسمية فإن الأردن، يستضيف نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، بينما تستضيف تركيا أكثر من 2.6 مليون سوري.
وأما الحصول على جواز سفر جديد، فإن موظفي القنصليتين في البلدين أبلغوا المراجعين بأنه سيتم اعتماد النظام الجديد، أي بتكلفة 800 دولار للجواز الفوري، و400 دولار لمن يحجز دوراً، وهو النظام الذي ناقشه برلمان النظام السوري نهاية مارس الماضي، تحت عنوان “تعديل الرسم القنصلي لمنح وتجديد جوازات ووثائق السفر للسوريين الموجودين خارج سوريا”.
تجربة على الأرض
ورغم صعوبة تصديق حرمان مواطني أية دولة من تجديد جوازات سفرهم إذا كانوا خارجها، إلا أنه يمكن الاعتقاد أنه يمكن الهرب من القانون باستخراج جواز سفر جديد، ولكن الواقع يقول غير ذلك.
“العربية.نت” رافقت شاباً سورياً في تركيا في رحلته لتجديد جواز سفره ما قبل إعلان التوقف عن عملية التجديد.
تبدأ المشكلة بمحاولة أخذ دور، وعلى اعتبار أن السوريين في تركيا يعرفون تماماً أن ثمة طريقتين لتجديد جواز السفر في القنصلية باسطنبول، الأولى الوقوف في الدور اللامتناهي أمام القنصلية في اسطنبول، والثانية دفع الرشاوى للحصول على موعد.
الشاب الذي رافقناه دفع 120 دولاراً أميركياً لحجز موعد (وهو مبلغ عال بالنسبة لسوريي #تركيا ويعادل حوالي 350 ليرة تركية)، وبعد أن سافر من عنتاب إلى اسطنبول بناء على الموعد الذي اشتراه، ووقف قرابة الساعتين ليستطيع الدخول، تم رفض استلام الأوراق منه، وقيل في القنصلية إن الموعد مزور، وهكذا ذهب المبلغ الذي دفعه كرشوى وذهب الموعد أدراج الرياح.
طلبنا من الشاب أن يتبع الطريقة الثانية في محاولة الحصول على جواز السفر، وهي الذهاب والانتظار أمام القنصلية، وهو ما حدث، خصوصاً أنه لا يملك 120 دولاراً أخرى مع العلم أنه سيدفع أجرة تذكرة سفر من وإلى غازي عنتاب، وبالتالي فضل الشاب أن يذهب لينتظر دوره، والانتظار سببه أن القنصلية ألغت منذ أشهر تسجيل الطلبات عبر الإنترنت.
وقررت اعتماد الطريقة القديمة بالانتظار أمام أبوابها، وربما يكون هدفها تحويل انتظار السوريين على أبواب قنصليتها إلى حكاية ذل وقهر جديدة تمارس على كل من هو خارج سوريا.
قضى الشاب 3 أيام بلياليها أمام القنصلية، وبالطبع لم يكن وحده، فالمساحة أمام القنصلية تعجّ بشبان واقفين أو جالسين على الأرض، لا يفصل بين الواحد والآخر أكثر من بضعة سنتيمترات، ووصول الدور لاسمه للحصول على جواز السفر “الذهبي” كما سماه الشاب الذي رافقناه، وأما النساء وكبيرو السن، فإنهم لا يستطيعون تحمل مشاق الانتظار كل ذلك الوقت، وربما يجدون حلولاً بديلة.
ولا بد من المرور هنا على مهنة منتشرة في معظم مؤسسات سوريا، وبالطبع في قنصلياتها (التركية على الأقل)، وهي مهنة الوسيط أو السمسار، إذ يطلب هؤلاء الوسطاء مبالغ تتراوح بين 500 دولار و2000 دولار لتسريع العملية، وبطبيعة الحال هذه المكاتب تتشارك مع موظفي القنصلية الأرباح، فالعلاقة متبادلة، فلا الوسيط يمكنه أن يسرع فعلاً عملية التجديد أو الاستصدار بدون تعاون الموظف، والأخير لن يحصل على تلك النسبة من الأرباح ما لم يتفق مع الوسيط.
كارثة اجتماعية
مشكلة تجديد واستصدار جواز سفر سوري كارثة اجتماعية، تهدد #السوريين المقيمين في الدول المجاورة لسوريا بفقدان التواجد النظامي في تلك البلدان.
ولطالما تحدث الإعلام عن هذه المشكلة، وشكلت المشكلة هاجساً مؤرقاً للسوريين وللبلدان المقيمين فيها، ويذكر السوريون أن الائتلاف السوري المعارض أعلن في شهر أيار/مايو 2015 أنه سيصدر جوازات سفر معترفا بها في 25 بلدا، واتجه السوريون بالآلاف إلى ذلك الحل، ليظهر لاحقاً أن هذه الجوازات غير معترف بها، فخسر السوري اللاجئ الذي يعيش حد الكفاف بمعظمه، المبلغ الذي دفعه للائتلاف، ولم يربح الجواز.
واليوم مع القرار الجديد الذي قضى بإيقاف تجديد جوازات السفر في بلدين يكتظان بالسوريين، يبدو الموت يحاصر السوري، سواء الموت الحقيقي داخل سوريا، أو الموت بكل المعاني الأخرى خارج سوريا.
هذا المحتوى نقلاّ عن العربية نت