فيينا : مصطفي درويش
في يوم من الأيام انتشر الدين الإسلامي في مناطق مختلفة من الكرة الأرضية مثل آسيا وإفريقيا عن طريق التجارة والمعاملات بين أصحاب البلدان الأصليين والوافدين الجدد من المسلمين والمسلمات . وكانت المعاملات التي تميزت بالأمانة والأخلاص وحسن المعاملة هي السمات التي ميزت هؤلاء المسلمين في هذه الأوطان الجديدة ، فلم تنشأ منازعات أو صراعات ولكن ساد الود والسلام .
والآن من الممكن ان نقول أن الاسلام انتشر في كل بقاع الأرض من أقصاها إلى أقصاها ولكن حيثما يوجد الإسلام الآن خارج مواطنه الأصلية تنتشر الخلافات والصدامات بين المسلمين وبين غير المسلمين . وإذا دققنا النظر في هذه الخلافات والصدامات وجدنا أنها في أمور سطحية وشكلية وليست في أمور عقائدية التي هي أساس أي ديانة على وجه الأرض .
فعندما نقرآ عن انتشار الإسلام في آسيا وإفريقيا في العصور الأولي لن نجد شيئآ عن ما يسمي اليوم بالزي الإسلامي سواء كان حجابآ أو نقابآ أو جلبابآ أو ما سواها أو عن اللحية وطولها ولونها وما إلي ذلك من أمور ليست من صلب العقيدة الإسلامية السمحة ، ولكن كانت ثمات الإسلام واضحة من خلال تعاملات المسلمين مع الأخر . وهذه الثمات تتضح من خلال خلق المسلم التي تظهر وتتجلي من خلال شمائل الأخلاق الإسلامية كالصدق والأمانة والإخلاص والصبر والحياء والعزة والرحمة والحلم والصفح والجود والكرم والقصد والعفاف والعلم والعقل .
أين المسلمون الآن من هذه الشمائل الطيبة ؟ وأين المسلمون من العلم والعقل ؟ نعم لقد أصبح المسلمون كثيرون العدد حتي يكاد يصل تعدادهم الآن إلي ملياري مسلم . ولكن أين هم الآن من خريطة الإنسانية وماذا يقدمون للمجتمعات التي يعيشون فيها ؟ لقد تم محاصرة الإسلام والمسلمين في قضايا ثانوية مثل الثياب واللحي وياله من تسطيح مهين لأمة من المفروض أن يكون لها الريادة في هذا العالم الذي نعيش فيه .
وعلي سبيل المثال لا الحصر على مستوي القارة الأوربية تتسابق الدول فيها لإصدار قوانين خاصة بالمسلمين الذين يعيشون فيها . ومصير المسلمون في هذه الدول هو رد الفعل وإن كان لايصل إلى حد التفاعل مع مشرعي هذه القوانين ، وذلك ببساطة شديدة لأن المسلمون أصبحوا غير فاعلين ولكن هم الذين يقع علىهم الفعل سواء برضاهم أو بإمتعاضهم وعليهم أن يستجيبوا ظاعنين لتلك القوانين .
وأخيرآ وليس آخرآ ما قامت به الصين بالأمس كما قرأت في صحف الأثنين النمساوية الموافق 03.04.2017 من إصدار قانونآ جديدآ ضد المسلمين في الصين . فماذا جاء في هذا القانون :
- ممنوع إطلاق اللحي .
- ممنوع ارتداء الحجاب .
- ممنوع دخول المساجد للمسلمين الأقل من 18 عامآ .
- على الإئمة تقديم خطبة الجمعة إلى الجهات المسؤولة قبل إلقائها .
ولن اتطرق إلى مناقشة هذه النقاط الأربع السابقة الذكر ولكني اتركها لأصحابها للتعامل معها ولا أريد أن اقحم رأي فيها وإن كنت أري بصفة شخصية وليست فقهية أنه من الممكن التعامل مع هذه النقاط ولن تؤثر كثيرآ في عقيدة وأخلاق المسلم سواء في الصين أو غيرها من البلدان التي يعيش فيها المسلمون كأقليات مع التنوية فقط بآن هناك أيضا ما يسمي بفقة الأولويات .
فهل من الممكن أن يتعايش المسلمون مع هذه الأمور ؟
هل من الممكن أن نسمع يومآ عن اسهامات المسلمين في مجالات العلم والبحث والتكنولوجيا والأختراع في هذه البلدان ؟
أم أن الحوار سيظل محصورآ في نطاق الثياب الديني واللحي ؟
مصطفي درويش فيينا : 04.04.2017