في الوقت الذي يهاجم في الأزهر بالداخل وتتهم مناهجه بصناعة الإرهاب والتطرف، ويسعى البعض لتعديل القانون المنظم لشؤونه وإحالة إمامه الأكبر لعدم الصلاحية، تأتي الوفود الأجنبية التي تمثل أكبر المرجعيات الدينية في العالم كالبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وآخرين لزيارة شيخه، إيمانا منهم بالجهود التي يبذلها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر من أجل نشر السلام العالمي.
هجوم إعلامي
فعقب تفجير الكنيستين في طنطا والإسكندرية، بادرت وسائل الإعلام في مصر بتحميل الأزهر المسئولية الكاملة عن التفجير ، مستغلين تلميح الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب اجتماعه بمجلس الدفاع الأعلى إلى فشل المؤسسات الدينية في تلبية دعوة تجديد الخطاب الديني ، ليخرج بعدها أحد الإعلاميين المقربين من جهات سيادية بالدولة ليعلن وفاة الأزهر.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل الهجوم على الأزهر ، إلى حد قيام النائب البرلماني محمد أبو حامد باقتراح تعديلات على قانون الأزهر، يقضى بتقليص مدة شيخ الأزهر إلى ست سنوات وإحالته لعدم الصلاحية في حالة إخلاله بواجبه الوظيفي، وتقليص بعض صلاحيته.
إشادة وتقدير
فى المقابل لقى الدكتور أحمد الطيب ترحيبا كبيرا من عدد الدول الإسلامية والأوروبية التى زارها العام، ففي 18 يناير 2016 كرم الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير الكويت، شيخ الأزهر بقصر السيف، واختاره مهرجان “القرين الثقافي”، شخصية العام خلال دورته الثانية والعشرين، تقديرا واعتزازاً بجهوده في النهوض بالثقافة الإسلامية ومواجهة الأخطار الفكرية والثقافية التي تهدد المسلمين.
وفي 21 فبراير توجه شيخ الأزهر إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا في زيارة رسمية التقى خلالها الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، ومُنح الطيب درجة الدكتوراه الفخرية.
وفى 15 مارس وجه شيخ الأزهر خطابا عالميا إلى الغرب من البرلمان الألماني “البوندستاج”، وعلى هامش الزيارة أقامت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية حفل عشاء على شرف الإمام الأكبر .
وحرص العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على لقاء شيخ الأزهر خلال زيارة لمصر في شهر أبريل 2016 ، وخلال اللقاء أهدى خادم الحرمين الشريفين، شيخ الأزهر الشريف، كسوة الكعبة المشرفة، وبدوره أصدر الطيب قرارا بتوثيق الزيارة رسميا ووضع الكسوة بالجامع الأزهر .
وفى 23 مايو التقى شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بالمقر البابوي في روما، ركز اللقاء على تنسيق الجهود بين الأزهر والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام ونشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وفي ختام الزيارة أهدى بابا الفاتيكان هدية تذكارية للإمام الأكبر تقديرا له، وفى اليوم التالى توجه الطيب إلى قصر الإليزيه للقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لبحث جهود مكافحة التطرف والإرهاب.
وخلال زيارته للعاصمة الشيشانية جروزني، في أغسطس الماضي، احتشد المئات من المواطنين الشيشانيين خارج المطار لاستقبال الإمام الأكبر مرددين عبارات الترحيب ومكبرين “الله أكبر” احتفاء بقدومه، وقاد الرئيس الشيشياني رمضان قاديروف، السيارة الخاصة بشيخ الأزهر بنفسه، ومنحه وسام المواطنة الفخرية؛ تقديرًا لجهوده في نشر الوسطية والسلام
الفاتيكان ترد الاعتبار
وبالتزامن مع الهجوم على الأزهر وشيخه أعلن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، اعتزامه لقاء الإمام الأكبر في مشيخة الأزهر بالدراسة خلال زيارته لمصر ، للمشاركة في فعاليات مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، مؤكدا أنه متابع لدور الأزهر في نشر ثقافة السلام والتعايش المشترك وجهوده في مواجهة الفكر المنحرف، مشيرا إلى أن العالم يعلق آماله على رموز الدين وعلمائه ورجاله، وأنه يقع على المؤسسات الدينية العالمية مثل الأزهر والفاتيكان عبء كبير في إسعاد البشرية ومحاربة الفقر والجهل والمرض.
وتعليقا على الزيارة، أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن زيارة بابا الفاتيكان تعد تقديرا واحتراما للأزهر الذى يعد المرجعية الأولي للمذهب السني في العالم، وهى خير دليل على بعد الأزهر عن مظاهر التطرف والغلو.
وأضاف فؤاد أن الأزهر يقدر هذه الزيارة ويعلم أن المسيحيين أقرب الناس للمسلمين، وأن المسيحية أول من احتضت الإسلام فى بداية عهده.
وأوضح أن زيارة بابا الفاتيكان لمصر تثبت للعالم أن مصر بخير، وأنها بلد الأزهر الذى لا يتعصب ضد الآخرين، وإنما يفتح أبوابه لكل من طرقها بحثا عن السلام، لافتا في الوقت ذاته إلى أن ذهاب الإمام الأكبر إلى الفاتيكان ودول أوروبية العام الماضي يدل على أن الإسلام والمسلمين ليسوا منعزلين عن العالم.
وبدوره أوضح الدكتور أحمد حسني، رئيس جامعة الأزهر، في تصريحات صحفية، أن زيارة بابا الفاتيكان في هذا التوقيت تدل على مكانة مصر والأزهر ودورهما في صنع السلام بالعالم، وذلك بتنسيق الجهود بين القيادات الدينية والقوي المحبة للسلام، وذكر أن الأزهر يعمل على نشر السلام ومحاربة الأفكار المتطرفة من خلال منهجه الوسطي.