النمسا : دورات الاندماج فى اللغة – كبار السن “هو بعد ما شاب، ودّوه الكتّاب”

Deutsch-Kurs

 

بعد التدفق الكبير للاجئين، غصت مدارس تعلم اللغة الألمانية فى النمسا بالطلاب من مختلف الأعمار، وينبغي على الجميع الالتزام بحضور الدروس اليومية ، وإلا تنقطع عنهم المساعدات الإجتماعية ، غير أن تفاعل الكبار في السن قد يكون مختلفاً كثيراّ تبعاً لظروفهم الصحية أو الاجتماعية.

جومانا تجلس على الكرسي منهكة  ، وكأنها قد خرجت للتو من عاصفة تسونامى مدمرة وليس من حصة لتعليم اللغة الألمانية.

بدأت ترتب الشال على رأسها بخفة وحذر، وفي عينيها وتجاعيد وجهها حزن يروي حكاية العاصفة المدمرة التي هربت منها. غير أن هذا الحزن تحول إلى ابتسامة لطيفة ارتسمت على وجهها عندما أقبل زملاؤها وجلسوا بالقرب منها.

كان صوتها يختفي حيناً من الضحك عند وصف شعورها وهي تتردد على مدرسة للتعلم اللغة الألمانية. أنها أمرأة عربية اقتربت منها ومن زملائها لنتعرف على طموحات هؤلاء الطلاب وعن العوائق التي تقف في وجههم، خاصة وأن رحلة الاندماج تبدأ بتعلم اللغة.

Deutsch-Kurs2

مشاكل صحية

“جمانا . م “، امرأة سورية في بداية العقد الخامس من عمرها، تسكن في مدينة فيينا منذ حوالي سنتين، جاءت إلى النمسا لتكون بالقرب من أولادها الذين يعيشون في فيينا منذ أعوام.

وكحال جميع اللاجئين، فهي ملزمة بتعلم اللغة الألمانية وحضور “الدروس الطويلة والمتعبة” كما تصفها. فبالنسبة لسيدة أُميّة مثل جمانا، فإن تعلم اللغة وحضور الدروس هو “مأساة حقيقة”، وخصوصاً تعلم الكتابة الذي يمثل التحدي الأكبر بالنسبة لها كما أكدت. فضلاً عن الالتزام اليومي والجلوس لساعات طويلة ما يسبب لها آلاما في جسدها، مستحضرة المثل القائل “بعد ما شاب.. ودّوه الكتّاب”.

“الرغبة في تعلم اللغة الألمانية موجودة”، هكذا تقول زميلتهما “ليلى . ج”  البالغة من العمر 59 عاما، غير أن الدروس اليومية إلى جانب المسؤوليات الأخرى تزيد من تعبنا. لكن يبدو أن الوضع مختلف إلى حد ما بالنسبة لزوج السيدة ليلى، أنه السيد علي.م -66- سنة، الذي يحضر مع زوجته والسيدة جمانا فى نفس الفصل، حيث يتابع دروس اللغة باهتمام وحماس كبيرين ويسجل كل الملاحظات.

يرى السيد على بأن اللغة الألمانية بالرغم من صعوبتها إلا أن تعلمها ضروري، وذلك لمتابعة الأوراق الرسمية التي لم يعهدوها في بلدهم سوريا، أو لمعرفة محتويات البريد المستمر، أو للتعرف على المجتمع النمساوى أكثر من خلال العلاقات الاجتماعية.  وأكد علي أن معرفته البسيطة باللغة الألمانية قد مكنته من التواصل إلى حد ما في الوقت الحالي مع المجتمع النمساوى، وكل هذا بفضل متابعته الخاصة للغة إلى جانب الدروس.

أعمار مختلفة.. وتحصيل متفاوت

قاطعت المدرّسة الحوار بطرافة حين جاء صوتها باللغة العربية المكسورة وبلكنة ألمانية واضحة :”يا الله يالله عالفصل”. وضحت المدّرسة مالفينا مودريتسكا المشاكل التي اشتكى منها طلاب صفها بأن السبب الرئيسي يعود لوجود طلاب من أعمار متفاوتة في الصف نفسه، وأكدت على أهمية مراعاة الفرق بين الشباب والكبار في السن، إذ تختلف قدرتهم على التحمل والتفاعل مع إيقاع الدروس بسبب النسيان والمشاكل الصحية الذي يؤدي إلى التغيب. وقالت :” بعد أن بدأنا بمستوى (A2) اكتشفت بأن الوضع كارثي، باستثناء طالبين أو ثلاثة فقط، فاضطررت بالاتفاق مع الإدارة أن نعيد المستوى السابق من جديد”، ثم أضافت: “ولكن الوضع تحسن كثيراً الآن.. وأحب عملي معهم لأنهم لطفاء جداً، وتعلمت بعض الكلمات العربية كما تعلمت جمانا الكتابة أيضاً”.

خصص المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين دورات مجانية تصل إلى 1200 ساعة بالمجمل، قد تكون كافية للوصول إلى مستوى B1، غير أن تحصيل هذا المستوى خلال الساعات المحددة قد يكون أمراً غير ممكن لجميع الطلاب وخصوصاً الكبار في السن، وسط التغيب المتكرر لأسباب صحية وأخرى اجتماعية.

وشرحت سوسن الخطيب، مديرة الشؤون الإدارية في مدرسة(BFI)  أن وجود طلاب بأعمار مختلفة في الصف ذاته غير منصف بحق الطرفين، لأن الملاحظ أن الكبار في العمر بحاجة لوتيرة معينة في عملية التدريس، أي فيما يتعلق بالوقت ومدة الفاصل أثناء الدراسة، والإعادة والسرعة، لذلك لا يمكن أن يتابعوا مع شباب في العشرينيات مثلاً. وأكدت بقولها: “يجب تخصيص دورات لكبار السن، غير أن هذا القرار يجب أن يصدر عن المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين”.

منقول مع بعض التدخل الذى لايخل بالنص

شاهد أيضاً

قانون لجوء الأجانب في مصر يثير الجدل.. كيف أجبر الاتحاد الأوروبي القاهرة على الإسراع بتمريره؟

مررت الحكومة المصرية بشكل مبدئي قانون لجوء الأجانب الذي أثار جدلاً حقوقياً وشعبياً واسعاً خلال …