كتب : مصطفي درويش
ومر الأسبوع بسرعة عجيبة ووجب علي أن أعيد الكتاب إلى المدرسة الزميلة مع إبداء رأي عما إذا كان يتناسب مع التلاميذ أم لا . وبالفعل قمت بقراءة الكتاب في سرعة رهيبة لأنه مكتوب بأسلوب شيق ومثير ولغته تتناسب مع لغة الشباب في هذه المرحلة من العمر .
في مقدمة الكتاب رحبت الكاتبة بقارئ الكتاب وقدمت نفسها له قائلة ” اسمي فريديكه شمو وأكتب للكبار وللشباب منذ سنوات عديدة . ونظرآ لأني مفتونة بالبلاد والحضارات الأخري أسافر كثيرآ … وفي سفري هذا تعلمت أن كل إنسان يري العالم بمنظار آخر … ولكن الشيء المؤثر أن يكون للمرء قناعات حقيقية وفي نفس الوقت يكون مستعدآ لقبول الرأي الأخر “.
والشيء الواضح في هذا الكتاب أنه ينقل ما يدور في المجتمع “الألماني” من نقاشات وحوارات في شأن المسلمين مثل مسألة ارتداء الحجاب ، والإسلام والإرهاب متمثلآ في جماعة داعش ، والإسلام السياسي ، والصيام في شهر رمضان ، والكاريكادير المسئ للإسلام ولرسوله الكريم ، بالإضافة إلى المشاعر العاطفية التي تحدث في هذه الفترة من العمر بين الشباب .
والجدير بالذكر أن تلك الحوارات التي تناقش من قبل خبراء في الفقة وعلم الإجتماع وعلم النفس علي المستوي الإعلامي والأكاديمي يتم تناولها هنا من قبل تلاميذ وتلميذات الصف الخامس من المدرسة الثانوية والتي تتراوح أعمارهم مابين الرابعة والسادسة عشر مع اختلاف في اتجاهاتهم الدينية سواء كانوا مسيحيون أو مسلمون أو لا ينتمون إلى ديانة .
والمرحلة العمرية التي يمرون بها هي مرحلة المراهقة بما فيها من صعاب وتقلبات وتضارب في الإتجاهات ، وفيها صعود وهبوط وتقدم وتأخر مثلما حدث مع كريمة التلميذة المسلمة التي قررت فجأة أن تردي الحجاب وتستعد لاستقبال شهر رمضان . وبعد أن استغرب جميع الزملاء والزميلات لهذا الأمر وساءت العلاقات فيما بينهم أضطرت كريمة أن تشرح لهم موقفها قائلة ” تهاجمونني لأنني أختلفت عنكم ، وتتهموني بأنني أفعل ذلك تأثرآ بزميلي سنام ، ولكنكم على خطأ . لماذا لا تتركوني أجرب أمرآ جديدآ في حياتي . إن اسرتي غير متدينة ، وأردت أن أتعامل بنفسي مع الحجاب وأن اجرب الصيام لأول مرة في حياتي لكي أعرف ماهو الإسلام ، وهل استطيع أن اتكيف مع الحياة الإسلامية الجديدة بالنسبة لي أم لأ ، فأنا أبحث عن ذاتي ، أليس لي الحق في ذلك ” . هنا تكمن أهمية أن يعلم كل فرد حقيقة دينه .
كما جاء الحواء بشأن مسألة حرية الفكر والصحافة من ناحية والتعرض للأديان ورموزها من ناحية أخري . وظهر الإختلاف في الأراء فبينما تري الغالبية أن حرية الفكر لا سقف لها كان للتلاميذ المسلمين رأي آخر وهو أن حرية الفكر لا يجب أن تتطاول على الدين لأنه أمر سماوي ولا على الرسل والأنبياء بصفتهم رموز دينية لا يجب النيل منهم تحت أي مسمي .
وقد أثار الكتاب أهمية الحوار الإسلامي الإسلامي وقد ظهر هذا جليآ في ذلك الحوار الذي دار بين كريمة وسنام حول دور المسلمين تجاه القضايا التي تسري على الساحة وتمس في المقام الأول المسلمين . ورأت كريمة أن على المسلمين ألا يقفوا كالمتفرج على الأحداث أو الشعور بأنهم ضحية لها ولكن عليهم أن يكون لهم درو فاعل للوصول إلى حل لتلك الازمات والإتهامات التي توجه إليهم .
كما كان هناك حوارآ بين التلاميذ والتلميذات في شأن الصيام في رمضان ، خاصة مع وجود حالة إغماء أثناء الصيام . فينما يري البعض أن الصيام لا يتناسب مع اليوم الدراسي الطويل والملئ بالدراسة ، يري الأخرون أنه فريضة عليهم اتباعها . وهو ما يسمي الآن بحوار الأديان .
وكذلك جاءت داعش الإرهابية من ناحية على انها تمثل الإسلام السياسي والإرهابي وفي المقابل جاء ذكر ” بيجدا ” ذلك الحزب الألماني المتطرف الذي يهاجم الإسلام والمسلمين . وكلا الطرفين نموذجآ للتطرف وله خطورة على المجتمع بأكمله .
وعلى الرغم من العديد من الخلافات التي حدثت بين التلاميذ إلا أنه من خلال الحوار البناء فيما بينهم وبمساعدة مدرسهم الذي كان يتميز بالحياد ويساعد الجميع على توضيح الفكرة من ناحية ، والإستماع للفكر لأخر من ناحية أخري قد ساهم في نهاية الأمر أن يعلم الجميع أن الحوار هو السبيل للتفاهم والتعايش السلمي بين الجميع بصرف النظر عن الإختلاف في المتعقدات والأفكار والعادات . وساعد على نجاح هذا الحوار إعادة شعور المودة والإحترام بين الجميع من خلال المدرس الذي أكد مقولة الكاتبة في مقدمة الكتاب “ولكن الشيء المؤثر أن يكون للمرء قناعات حقيقية وفي نفس الوقت يكون مستعدآ لقبول الرأي الأخر “
الكتاب شيق وممتع في القراءة من ناحية ويبعث على التدبر والتأمل في القضايا التي تهم المجتمع بصفة علامة والمجتمع المدرسي بصفة خاصة . وبناءآ عليه أنصح تلاميذ هذه المرحلة بقراءة هذا الكتاب كما أنصح أولياء الأمور أيضا بقرائته لأنه مرآة للمجمتع الذي نعيش فيه .
مصطفي درويش فيينا : 08.03.2017