المدارس والإندماج : مدارس نمساوية بلا لغة المانية

schule_ohne_deutsch_sprechen

فيينا  : مصطفي درويش : — 

في الآونة الأخير تعاني المدارس الإلزامية في جمهورية النمسا من مشكلة كبيرة وجديدة على المجتمع النمساوي . ففي العديد من المقاطعات المختلفة يكون عدد التلاميذ الغير ناطقين باللغة الالمانية أكثر بكثير من التلاميذ الناطقين باللغة الالمانية . وهي في الحقيقة مشكلة كبيرة لأن المدرسين في الغالب لايتحدثون سوي اللغة الألمانية من ناحية كما أن لغة التعليم الاساسية في المدارس النمساوية بطبيعة الحال هي اللغة الالمانية .

وعلى سبيل المثال يحدث الآن ولأول مرة أن يكون هناك فصلا دراسيا في مدرسة نظامية نمساوية لا يوجد فيه تلميذآ واحدآ لغته الأم هي الالمانية . ففي احدي المدارس في مقاطعة النمسا السفلي يبلغ العدد الإجمالي للتلاميذ 177 تلميذآ وتلميذه منهم 152 من أصل غير نمساوي أي لايتحدثون اللغة الالمانية ويأتون من أصول متعددة كالتركية والأفغانية والسورية وغيرها ، بل أن 131 من هؤلاء التلاميذ لاينتمون للديانة المسيحية الديانة الأولي في النمسا ولكن للديانة الاسلامية وهو امر جديد ايضآ على المدارس النمساوية .

ووضع المدارس المعروض عاليه من مقاطعة النمسا السفلي لا يختلف كثيرا عنه في مقاطعات نمساوية أخري . فقد أظهرت الإحصائيات التي تم إجرائها على مدارس العاصمة النمساوية فيينا  في العام الدراسي 2015/2016 أنه من بين اجمالي عدد تلاميذ المرحلة الإلزامية البالغ عددهم 230.000 تقريبا هناك 113.000 تلميذآ وتلميذة لغتهم الأم ليست اللغة الألمانية أي بنسبة 50% تقريبآ. أما في مقاطعة بورجنلاند فتبلغ نسبة التلاميذ الغير ناطقين باللغة الالمانية 25% ، بل أن هناك فصلآ دراسيا يحتوي على تلاميذ من 25 جنسية و28 لغة مختلفة .

فيا له من تحد رهيب لهذه المدارس وللمدرسين . فإذا كانت هذه هي المشكلة الجديدة التي يعاني منها التعليم الإلزامي في النمسا فلعلنا نتساءل الآن عن الأسباب ثم عن الحلول المطروحة التي يمكن من خلالها حل هذه المشكلة التي تتطلب جهودآ كبيرة .

يقول عمدة فينر نوشتات “كلاوس شنيه برجر” المنتمي لحزب الشعب أن المشكلة تكمن في سياسة الإسكان والإندماج الفاشلة في العقود الفاشلة والتي حولت بعض المناطق السكنية إلى “جيتو” يقطن فيه مواطنين من جنسية وثقافة واحدة .

وتقول أحدي مديرات المدارس الإلزامية بأنه بالرغم من وجود عام الزامي لدورالحضانة إلا إن معظم التلاميذ يأتون إلى المدرسة الإبتدائي ولايستطيعون التحدث باللغة الالمانية . وهذا الأمر يمكن تفهمه بسهوله لكون أولياء الأمور لا يتعلمون الالمانية وإن تعلموها لايتحدون مع أولادهم باللغة الألمانية ولكن باللغة الأم ، فمن أين يستطيع هؤلاء الأولاد ان يتعلموا اللغة الالمانية وممارستها . وهنا يكمن الدرو المفقود لأولياء الأمور .

وأوضحت التجربة أن التلاميذ اللاجئين القادمين من سوريا أكثر قدرة واستعدادآ على تعلم اللغة الألمانية عن نظرائهم من أصل تركي . ويرجع ذلك لكبر وانتشار الجالية التركية في النمسا ولأن الأتراك يتحدثون مع بعضهم البعض في أوقات فراغهم بلغتهم الأم دونما حاجة للتحدث باللغة الألمانية .

أما الحلول المطروحة فتكمن حتي الأن في إيجاد المزيد من دروس التقوية في المدارس ودروس تعلم اللغة الألمانية بصفة عامة لأولياء الأمور بالإضافة الي وجود اخصائيين اجتماعيين في المدارس لمساعدة هؤلاء التلاميذ على الإندماج في الكيان المدرسي الجديد عليهم من ناحية وكذلك لمساعدة المدرسين على فهم المشكلات التي قد تنتج عن الثقافات المختلفة من ناحية أخري . وهي أمور غالية الثمن ولكن لابد منها لأنه ببساطة دونما إندماج واتقان للغة الألمانية اليوم ستكون المشكلة في المستقبل القريب ارتفاع نسبة البطالة بما لها من جوانب سلبية على المجتمع لا نتمناها لمجتمعنا النمساوي الجميل .

يرجي لمن يريد المزيد في هذا الشأن العودة إلى جريدة الكورير بتاريخ 28.02.2017 على صفحتها السابعة عشر .

فيينا : 28.02.2017

 

Check Also

النمسا ترسل 81 جندياً إلى مهمة الأمم المتحدة في لبنان

أرسلت النمسا 81 جندياً، من بينهم 10 سيدات، للانضمام إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في …