وكالات – شبكة رمضان الإخبارية
حالة من الجدل داخل البرلمان بعد استقباله واقعة خطيرة تمثلت في اختفاء 32.5 مليار جنيه من خزينة الدولة، ضمن الإيرادات التي وصلت مصر عن طريق مساعدات ومنح من دول عربية وأجنبية عام 2015.
لم تتضمن إيرادات الدولة المدرجة فى الحساب الختامى للموازنة، إيرادات بقيمة 32.5 مليار جنيه، والتى تمثل المتبقى من المنح التى حصلت عليها مصر من الدول العربية والأجنبية، بالحسابات المتنوعة ذات الأرصدة لاستخدامها فى عجز الموازنة العامة للدولة.
وظهرت القضية خلال مناقشة مجلس النواب للحساب الختامى لموازنة العام المالى السابق، «2014-2015» والتى تتضمن أيضاً استعراض التقرير السنوى للجهاز المركزى للمحاسبات وملاحظاته على إيرادات الدولة ومصروفاتها، بحسب صحيفة «الفجر».
المثير أن وزارة المالية قدمت ردًا على هذه الملاحظة ولكن لجنة الخطة والموازنة التى تعد هى الأخرى تقريرًا عن الموازنة لم تقتنع برد الوزارة، الذى لم يوضح – من وجهة نظر اللجنة- كيفية إثبات هذا المبلغ فى الموازنة، ووفقاً لتقرير اللجنة فإن الرد غير واضح، مطالباً الوزارة بالحرص على توضيح المعالجة المحاسبية التى اتبعتها وأسبابها بالتفصيل المناسب، لتتمكن اللجنة من تقييمها.
الحكومة تخالف الدستور والبرلمان
أيضًا تعود الواقعة إلى نوفمبر 2015، عندما أرسلت وزارة المالية مشروع الحساب الختامى لموازنة 2014/2015، إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالتزامن مع التقرير السنوى للجهاز المركزى للمحاسبات، عندما كان يترأسه المستشار هشام جنينة، وذلك عن نتائج فحص الحساب الختامى للموازنة عن نفس العام المالى. ونتيجة للملاحظات التى أبداها الجهاز، رفض الرئيس اعتماده وإقرار الموزانة وأعادها مرة أخرى لوزارة المالية لتعديله بعد الالتزام بالملاحظات الرقابية، ولكن الوزارة لم تعتمد الحسابات حتى وصل الأمر لمجلس النواب متأخراً، بالمخالفة للدستور الذى ينص على ضرورة إقرار الموزانة خلال 6 أشهر من إقرار الموزانة بحد أقصى، فى مخالفة واضحة للدستور من جانب كل من الحكومة والبرلمان.
هذه المخالفة تنبه لها النائب محمد أنور السادات، الذى تقدم ببيان عاجل فى يناير من العام الماضى، طالب فيه وزير المالية، حينئذ هانى قدرى، بعرض الحساب الختامى الذى رفضه الرئيس على البرلمان، لأن الرئيس دعا المجلس للانعقاد فى 10 يناير وهو ما يغل يده عن إصدار الحساب الخاتمى للموزانة بقانون.
اختفاء 17 تقريرًا رقابيًا عن المنح العربية والأجنبية
وفى نهاية نوفمبر 2016 اكتشفت لجنة الخطة والموازنة، عدم ورود 17 تقريراً من تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، ضمن التقارير المرفقة بتقارير الحسابات الختامية للموازنة، حيث تنص المادة 345 من اللائحة الداخلية للمجلس على أن الجهاز المركزى يعرض تقاريره السنوية على البرلمان، ويقدم لرئيسه صورة من هذه التقارير فور صدورها، وتقريراً سنوياً عن متابعة تنفيذ الخطة العامة وموازنة الدولة، وكل ما له أهمية عامة ويتصل بالاختصاصات الرقابية للبرلمان.
وتختص تلك التقارير بالدعم والدين الداخلى والمديونية الخارجية والسياسة المالية والاستثمارات العامة والخاصة وتقييم أداء خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونتائج المعاملات الاقتصادية مع العالم الخارجى من خلال ميزان المدفوعات والمخزون الراكد والأرصدة المدينة والمتوقعة.
لم يكن السادات النائب الوحيد الذى تنبه إلى الواقعة، ولكن زميله، مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة، تقدم خلال هذه الفترة بطلب إلى الأمانة العامة للبرلمان، موجهاً لرئيسه الدكتور على عبد العال، لإمداد اللجنة بالتقارير فى حالة ورودها للبرلمان أو طلبها من الجهاز المركزى، إذا لم تكن وردت للبرلمان، لكن المكتب الفنى للأمانة العامة رد على اللجنة شفاهة بأن الطلب مخالف لنص المادة 346 من لائحة البرلمان والتى تنص على عدم جواز سؤال النائب عن تقارير لم تصل إليه، وتطور الأمر إلى أزمة، حيث تقدم سالم بطلب كتابى لرئيس البرلمان خلال الجلسة العامة طالبه فيه بأن يمكنه من التحدث فى الأمر أمام الجلسة والمطالبة بضرورة إمداد اللجنة بالتقارير لتباشر عملها، لكن الدكتور عبد العال رفض، ما دفع سالم للانسحاب من الجلسة.
خناقة بين “المركزى للمحاسبات” و”المالية”
توضح الملاحظات التى تم تسريبها من تقرير الجهاز المركزى، الأخطاء التى قامت بها وزارة المالية وكانت سبباً فى رفض الرئيس للموازنة، وعلى رأسها ارتفاع العجز الكلى ليبلغ 279.4 مليار جنيه، ووصول العجز النقدى لـ268.1 مليار جنيه، بالإضافة لـ11.3 مليار صافى الحيازة من الأصول المالية.
وكان هذا العجز هو الملاحظة الأهم فى تقرير الجهاز، حيث أشار إلى أنه تم تمويله من الاقتراض المحلى والخارجى، مخصوماً منه سداد القروض المحلية والأجنبية. ولم تتضمن إيرادات الدولة المدرجة فى الحساب الختامى للموازنة، إيرادات بقيمة 32.5 مليار جنيه، والتى تمثل المتبقى من المنح التى حصلت عليها مصر من الدول العربية والأجنبية، بالحسابات المتنوعة ذات الأرصدة لاستخدامها فى عجز الموازنة العامة للدولة.
وحسب تصريحات الدكتور عمرو الجارحى، وزير المالية، فى يونيو من العام الماضى، فإن المنح التى حصلت عليها مصر من الدول العربية وحدها تبلغ 128.1 مليار جنيه، تم استخدامها فى خفض عجز الموازنة.
ورصد تقرير الجهاز المركزى، عدم دقة الحساب الختامى الذى أعدته وزارة المالية عن الموازنة لحقيقة استخدامات وموارد الموازنة، نتيجة عدم إجراء بعض وحدات الجهاز الإدارى للدولة التعديلات الواجبة على أرقام الحساب الختامى بقيمة 38.5 مليون جنيه، وهى الملاحظة التى ردت عليها وزارة المالية، ولكن لجنة الخطة والموازنة أوصت بإجراء مزيد من الإجراءات.
النائب طلعت خليل، عضو لجنة الخطة والموازنة، عضو اللجنة الفرعية المشكلة لدراسة الحساب الختامى، قال في تصريحات صحفية، إن الملاحظات التى أبدتها اللجنة لم ترد عليها وزارة المالية، وكل ما يثار حولها مبدئى وليس نهائيًا ولا تزال هناك بعض الملاحظات قيد البحث.
ورفض خليل، التعقيب على مسألة اختفاء 32.5 مليار جنيه من الإيرادات، لم يشملها الحساب الختامى، إلا بعد دراسة الأمر جيداً، مؤكدًا أن هناك بعض الأمور الفنية التى يتم فيها مطالبة وزارة المالية بردود أكثر تفصيلاً.