كشفت مصادر أن وسطاء عرب ومصريين تدخلوا مؤخرًا لإنهاء الأزمة بين مصر والسعودية، موضحةً أنها طالبت الحكومة السعودية بأن تكتفى الآن بإعلان الحكومة المصرية بأن الجزيرتين سعوديتان على أن يتم تأجيل تسليمهما، حتى لا يتسبب ذلك فى أزمة غير مسبوقة تهدد الحكومة المصرية بصورة لا يتخليها أحد.
وأضافت المصادر أن التواصل المصرى السعودى غير الرسمى مستمر بأشكال وطرق مختلفة، بحثا عن آلية للخروج من الأزمة الراهنة التى تمخضت عن خلاف فى الرؤى بين البلدين خصوصا بسبب قضيتى تيران وصنافير والملف السورى، وفقا لـ”الشروق”.
وقال مصدر دبلوماسى عربى فى القاهرة إنه لا يستبعد عقد لقاء بين وزيرى خارجية البلدين فى الأسبوع الأول من يناير المقبل فى العاصمة الإماراتية على هامش لقاء يعقده وزراء الخارجية العرب فى أبوظبى للبحث فى كيفية مواجهة العرب للأزمات العاصفة التى تضرب المنطقة من جميع الاتجاهات.
وكشف هذا المصدر عن أن مسئولين سابقين وشخصيات عامة وكتابا وإعلاميين التقوا أكثر من مرة فى الفترة الأخيرة عقب تردى العلاقات للبحث فى آلية جديدة لإدارة خلافات البلدين بصورة حضارية.
وخلال هذه اللقاءات جرى بحث أفكار متعددة منها على سبيل المثال ضرورة عقد حوار استراتيجى ثابت بين مسئولين من البلدين كل فترة حتى لا يؤثر أى خلاف تكتيكى صغير على مجمل العلاقات االمتشعبة بين البلدين، على أن تنضم دول عربية أخرى إلى هذا المنتدى أو الحوار مثل الإمارات والأردن والجزائر للبحث فى العواصف والأعاصير التى تهدد المنطقة العربية برمتها.
ومن بين الأفكار أيضا البحث فى كيفية ألا تؤثر الحملات الإعلامية خصوصا على وسائل التواصل الاجتماعى فى زيادة حدة الخلافات بدلا من تهدئتها. ويرى غالبية مسئولى البلدين أن الاعلام لعب دورا شديد السلبية فى إلقاء المزيد من الوقود على المشكلة. وهناك اقتراح بتبادل زيارات ولقاءات بصفة منتظمة بين مفكرى ومثقفى وإعلاميى البلدين، حتى يستطيعوا تبادل الأفكار المختلفة وأن يتم تصفية أى خلافات إعلامية أولا بأول، وأن يطلع كل طرف على رؤية الطرف الآخر بصورة مباشرة وموضوعية.
وقال مصدر سعودى إن الإعلام الرسمى فى المملكة لم ينتقد الحكومة المصرية مطلقا مقارنة بما حدث من بعض وسائل الإعلام المصرية. وأضاف المصدر أن السفير السعودى فى القاهرة أحمد القطان يبذل جهودا مضنية لإعادة المياه إلى مجاريها، وأنه لم يصرح أو يسرب أو يتحدث بأى وسيلة عن وجود لقاء محتمل بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز فى أبوظبى الأسبوع الماضى، وأنه ينبغى توجيه اللوم إلى من قام بتسريب هذه المعلومات من دون أن يتأكد منها، مشيرا إلى أن الرئاسة المصرية نفت بدورها وجود أى تغيير فى جدول زيارة الرئيس السيسى للإمارات.
لكن مصدرا عربيا آخر قال إنه لا يستبعد وجود تخطيط لمثل هذا اللقاء فى أبوظبى، وأنه يعتقد أن جهودا كثيرا بذلت فى هذا الإطار، لكنها لم تكلل بالنجاح بسبب جوهرى هو أن البلدين لم يتوصلا إلى حل وسط بشأن ما يريده كل طرف من الآخر.
وقال هذا المصدر إنه لا يعتقد أن الخلاف الحقيقى كان بشأن سوريا رغم أهميته، ولكن يتعلق أساسا بقضية تيران وصنافير، حيث تصر السعودية على سرعة تسلمها فى حين تقول القاهرة الرسمية إنها لم تقصر فى شىء، ولكن هناك مسارا قانونيا وبرلمانيا لابد من السير على أساسه.
ونفى مصدر سعودى أن تكون زيارة الأمير تركى الفيصل الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية للقاهرة، والتى بدأت الثلاثاء الماضى واستمرت حتى الجمعة لها صلة بتطورات علاقات البلدين، ولكنها جاءت فى اطار ترؤسه للجنة الحكماء العرب المعنية بقضايا نزع السلاح وعدم الانتشار النووى التى عقدت بمقر الجامعة العربية وتشكلت بدعوة من الأمين العام للجامعة السفير أحمد أبوالغيط وعضوية مجموعة من الخبراء العرب.
لكن مصادر أخرى قالت إن البلدين وعبر قنوات مختلفة يسعون لتجاوز الخلاف الراهن بينهما، خصوصا أن التطورات المتسارعة دوليا وإقليميا تهدد ليس فقط البلدين بل المنطقة بأكملها، وبالتالى فإن ما يحدث الآن هو ترف لا ينبغى أن يستمر.
كان وزير خارجية البحرين قد قال لـ«الشروق» على هامش القمة الخليجية التى عقدت فى المنامة نهاية الأسبوع الماضى أنه لا يعتقد أن مصر والسعودية تحتاجان وساطة بينهما وأنه واثق فى حكمة قيادات البلدين على تجاوز أى سوء فهم عابر.