حسين عون (فيينا/الأمم المتحدة/ 28/11/2008)
اتهم مندوب الولايات المتحدة السفير غريغوري شولتي، إيران باخفاء نظام سري مخصص لإنتاج الأسلحة النووية والقيام بأنشطة نووية محظورة وغير معلنة، وأكد أن خير دليل على ذلك هو إصرار طهران على مواصلة خرق التعهدات الواردة في قرارات مجلس الأمن ومجلس المحافظين ذات الصلة بالملف النووي الإيراني. وأشار إلى أن “المدير العام أكد ذلك في تقرير الأخير، ولا سيما عندما أعرب عن اعتقاده أن الوكالة ما تزال في وضع غير قادرة فيه على إعطاء توكيدات بعدم وجود أنشطة نووية غير معلنة في إيران، وأن برنامج إيران النووي مكرّس بالفعل للأغراض السلمية ما دامت هناك الكثير من المسائل العالقة”.
وأعرب المندوب الأميركي في الكلمة التي ألقاها أمام الجلسة الأخيرة لمجلس المحافظين بعد ظهر اليوم والتي عن اعتقاده أن “عدم الثقة بطبيعة البرنامج النووي الإيراني ناجم عن انتهاك إيران لكافة التعهدات الواردة في اتفاق الضمانات، وعدم تعاونها الكامل والشفاف مع الوكالة، بالإضافة إلى مواصلة تعزيز قدراتها المخصصة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم الذي يدخل في صنع الأسلحة النووية”. وأوضح أن “إيران تزعم بأن تخصيب اليورانيوم هو من أجل تشغيل المفاعلات المخصصة لإنتاج الطاقة، على الرغم من أنه ليس لديها أي محطة نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية، في حين أن المفاعل الوحيد في هذا السياق هو مفاعل بوشهر الذي ما زال قيد الإنشاء، والوقود النووي لتشغيله متوفرة”.
واستغرب السفير شولتي ما وصفه بـ “هرولة” القادة الإيرانيين نحو تخصيب اليورانيوم وتركيب أجهزة الطرد المركزي، ورأى أن مثل هذه المساعي لا معنى تجارياً لها، بل تحمل في طياتها خططاً مبطنة لإنتاج أسلحة نووية، على حدّ تعبيره. ولاحظ أن المدير العام للوكالة تحدث عن “عجز الثقة” في البرنامج النووي الإيرانيز وشدّد على القول “من هذا المنطلق، فإن انعدام الثقة تتسع وتتعمق لدرجة بات من الصعب فهمها”. وعبّر السفير شولتي عن الأسف لأن “تقرير المدير العام بشأن إيران كان تقريراً مألوفاً، ولكن هذا المألوف ليس سبباً للرضا، ولا بدّ من الأخذ في الاعتبار فحوى التحذير الذي أطلقه المدير العام وتأكيده أن الوكالة ما تزال في وضع لا يمكنها من إعطاء تأكيدات بعدم وجود أنشطة نووية غير معلنة في إيران”.
وأشار المندوب الأميركي إلى تطورين، “الأول تأكيده مواصلة إيران لعملية تخصيب اليورانيوم، والأنشطة المتعلقة بتعزيز قدراتها النووية، بالإضافة إلى مواصلة تخصيب وتخزين اليورانيوم الخفيف الإثراء، ليس للأغراض المدنية والتجارية، بل التمهيد لاستخدامها من أجل إنتاج أسلحة نووية؛ والثاني استمرار إيران بعرقلة أنشطة التحقيق والتفتيش التي ينبغي أن تقوم بها الوكالة، ومنعها من استيضاح مسائل حول احتمال وجود أبعاد عسكرية لبرنامجها النووي”. وأضاف قوله أن طالب المدير العام مراراً وتكراراً بردود مقنعة حول عدد من المسائل العالقة، وفي طليعتها أبعاد وخلفيات الدراسات العسكرية، ولكن الإيرانيين ردوا بشكل سلبي، وهو ما يثير قلق المجتمع الدولي، على حد وصفه.
وتحدث السفير شولتي عن سيناريوهين: الأول، مواصلة السلطات الإيرانية منع مفتشي الوكالة من القيام بأعمال تحقق شاملة في مفاعل ناتانز، ومراقبة عمليات تركيب وتشغيل أجهزة الطرد المركزي، بالإضافة إلى مواصلتها لأنشطة تخصيب وتخزين اليورانيوم الذي يدخل في إنتاج الأسلحة النووية، متجاهلة بذلك تعهداتها الدولية، وعدم تسوية المسائل العالقة حول التجارب العسكرية السابقة المتعلقة بإطلاق الصواريخ من نوع شهاب/3 من منصات سريعة الارتداد بما فيها الرؤوس النووية، وهي مظاهر ما تزال تثير قلق المجتمع الدولي، على حد قوله. أما السيناريو الثاني، فقد أشار إليه شولتي بقوله “قيام إيران سراً بنقل التكنولوجيا والقدرات والخبرات التي طوروها في مفاعل ناتانز إلى موقع سري، بعيداً عن عيون مفتشي الوكالة، بالإضافة إلى استمرار العمل بمفاعل ناتانز بإشراف الوكالة، وذلك لمجرد توفير غطاء لعمليات البناء وتشغيل المرافق غير المعلنة، ومواصلة الأنشطة الخاصة بالتجارب العسكرية السرية”.
ورأى المندوب الأميركي أن “لإيران سجل تاريخي حافل في اخفاء أنشطتها النووية”، مشيراً إلى أنها قامت ببناء مفاعل ناتانز، منتهكةً بذلك أحكام نظام ضمانات الوكالة الذرية، بالإضافة إلى مواصلتها تطبيق والمصادقة على البروتوكول الإضافي الذي يمنح الوكالة فرصة كاملة للتحقق من عدم وجود أنشطة نووية غير معلنة في إيران، واستمرار رفض إيران السماح لمفتشي الوكالة بزيارة ورش العمل التقنية المتخصصة بتصنيع أجهزة الطرد المركزي”.
وبعدما أشار شولتي إلى أنه خلال السنوات الثلاث والنصف حضر 15 اجتماعاً لمجلس المحافظين، وصدور 15 تقريراً بشأن الملف النووي الإيراني، أكد على مسالتين أساسيتين لتسوية ملف النووي الإيراني، تندرجان في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة للتيقن من الطبيعة السلمية للنووي الإيراني وهما “تجميد كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم والماء الثقيل؛ والتعاون الكامل والشفاف مع الوكالة، بالإضافة إلى تطبيق البروتوكول الإضافي، وإعطاء المفتشين كافة التسهيلات اللازمة لمراقبة وقف الانشطة العسكرية”. وخلص المندوب الأميركي إلى التأكيد بأن “الولايات المتحدة ستواصل تقديم دعمها القوي للوكالة ولكافة أنشطة التحقق التي تقوم بها في إيران، حتى يحصل مجلس المحافظين على التأكيدات اللازمة بأن برنامج إيران النووي مكرّس بالفعل للأغراض السلمية. ولذلك ينبغي على قادة إيران الخيار بين التعاون الكامل والشفاف مع الوكالة وبناء قواعد الثقة من خلال المفاوضات الدبلوماسية أو مواجهة المزيد من العقوبات والعزلة”.