جزء 5 – ملحق خاص في الذكرى الرابعة لرحيل الشيخ زايد مؤسس دولة الإمارات العربية

ملف من أعداد الصحفى حسبن عون

في الذكرى الرابعة لرحيل الشيخ زايد مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة
كتاب جديد: .. زايد والإمارات: بناء دولة الاتحاد

صدر عن هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث كتاب جديد حمل اسم “زايد والإمارات ـ بناء دولة الاتحاد”، لمؤلفه السفير الدكتور يوسف محمد المدفعي وذلك بمناسبة ذكرى وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وأكد السفير المدفعي أن اختياره للعنوان جاء لتقديم دراسة وفهم عميق للتحولات التي شهدتها دولة الإمارات حيث نجح هذا البلد في تحقيق إنجازات هائلة خلال وقت وجيز من الزمن وارتبطت تلك التحولات مع المرحلة التي تولى فيها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أمور هذا البلد. وقال السفير المدفعي إن الدراسات تحدثت عن ظاهرة النمو الشامل الذي عرفته دولة الإمارات وتساءلت عن العوامل الكامنة وراء هذه الانطلاقة الناجحة بالنسبة لبلد صغير؟ وما هو السر وراء تلك التحولات المثيرة التي تحققت داخل المجال العربي المتعثر عموماً في مساره؟ وهل ترجع الأسباب إلى العوامل الاقتصادية كما أكد الكثير من الباحثين والدارسين والمهتمين بالشأن الإماراتي؟ وهل حقا أن الدعامة النفطية هي الأساس في هذه القفزة المثيرة للانتباه.. ألا يجب الوقوف عند عوامل بنيوية عميقة ذات ارتباط بالإنسان الإماراتي؟ ألا توجد علاقة بين صغر مساحة البلد وإمكانية تجهيز مجاله؟ وإذا كان النفط هو المحرك الأساسي فلماذا نجحت الإمارات وانطلقت في حين لم تنجح بلدان أخرى تتوفر على كميات من النفط ربما تزيد عن تلك التي توجد في دولة الإمارات؟

وأكد المدفعي أنه انطلاقاً من هذه التساؤلات والملاحظات فإن التجربة الإماراتية تسترعي الاهتمام والتوقف لفهم الأبعاد الكامنة وراءها .وأضاف انه ومن خلال هذه المقاربة وعبر هذا الكتاب رغب باطلاع القارئ العربي على العناصر الأساسية التي كونت الشخصية الإماراتية وذلك بالانطلاق من داخل هذا المجتمع لرصد الأسس التي تحكمت في صقل ذهنيته ومهاراته.. وبفضل هذه المقاربة النوعية نقدم بعض الأجوبة عن الأسئلة المطروحة حول ظاهرة القفزة النوعية التي يعيشها هذا المجتمع حيث للبيئة الطبيعية والبشرية أثر كبير على ذهنية الإنسان الإماراتي الذي اكتسب منذ القدم خبرة التسلح بالصبر وتحمل العناء الكبير في مواجهة الصعاب والظروف القاسية واستثمارها فأثر فيها وتأثر بها.

ويحاول الباب الأول من الكتاب تقديم مدخل تاريخي يتضمن عرضا للمعطيات الطبيعية والبشرية التي ساهمت في بناء الشخصية الإماراتية ويعالج الفصل الأول من هذا الباب الظروف المميزة للموقع والسكان في منطقة الإمارات محاولا تبيان كيف استطاع الإنسان الإماراتي أن يتكيف مع ظروف قساوة المناخ وغلبة الصحراء وكيف انخرط في الأنشطة التي كانت مزدهرة في المنطقة من تجارة وصيد وغوص.

وتم تخصيص الفصل الثاني لبحث الأطماع الأجنبية في منطقة الإمارات فأظهر كيف دخل البرتغاليون إلى المنطقة وكيف فرض الوجود البريطاني هيمنته عليها لمدة تزيد على قرن ونصف وساهم في خلخلة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.

وركز الباب الثاني على بحث قيام دولة الاتحاد.. فناقش في فصله الأول الظروف الدولية الإقليمية التي أحاطت بإعلان ولادة الاتحاد وما تسببت به تلك المعطيات من عوامل معرقلة أو مساعدة للوحدة والتي استطاع الشيخ زايد أن يتعامل معها بطريقة دقيقة ويحقق المعجزة في ظرف ثلاث سنوات. كما استعرض الفصل الثاني مراحل قيام الوحدة وإظهار الطريقة التي اعتمدها الشيخ زايد لمواجهة التحدي بتبنيه سياسة التشاور والمشاركة والصبر واتباع استراتيجية المراحل فكان الاتحاد في بدايته مشروعا تساعيا ثم بدأ ثنائيا وأصبح في النهاية سباعيا. وتطرق الفصل الثاني إلى النهضة التعليمية التي حَظيت برعاية مستمرة وبدعم مادي من قبل الشيخ زايد وهو ما جعل البلاد تشهد في عهده طفرة كبيرة في العملية التعليمية خصوصاً في مجال مكافحة الأمية التي انخفضت من 90 بالمائة عند قيام الاتحاد إلى 8 بالمائة بعد ثلاثة عقود.

وخصص الفصل الثالث لبحث الأسس الدستورية التي تنظم عمل دولة الاتحاد وتضمن هذا الفصل شرحا مفصلا لمواد دستور دولة الإمارات وتبيان مدى ملاءمتها لظروف الدولة الاتحادية.  وخصص الفصل الثالث لدراسة وفهم مسار تجربة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله الذي بلغت الإمارات في عهده شأناً عظيما.. شارحا من هو هذا السياسي الهادئ.. وما هي المعطيات التي ساهمت في تكوين شخصيته. وكيف  تصوراته لبناء الدولة الحديثة برشد وحكمة.

كما ركز الباب الثالث على مظاهر البناء والتحديث لنبرز الأسس التي بنيت عليها التجربة الإماراتية واستطاعت أن تحقق المعجزة في فترة لا تتعدى ثلاثة عقود.. ويبين الفصل الأول من هذا الباب فلسفة الشيخ زايد في البناء والتحديث وكيف أولى اهتماماً كبيراً للإنسان في جميع مراحل حياته لأنه كان يعتبره أعظم استثمار لأية دولة تصبو إلى التقدم وكيف حرص على توفير المناخ الملائم للاستقرار العائلي وجعل المرأة تتبوأ المكانة التي تستحقها واهتم بالرعاية الاجتماعية لفئات واسعة من المجتمع ووفر لهم الرعاية الصحية وأدرك أن قوة الدولة تتجلى في تحقيق مؤشرات تنمية شاملة ومستديمة وتوفير البنية التحتية الملائمة .

وحاول الفصل الثالث أن يبين كيف استطاعت الإمارات العربية المتحدة أن تصل إلى المستوى الذي تعرف به اليوم بالنسبة لشواهد النهضة الشاملة التي تحققت بعد قيام الاتحاد والتي توفر لها خلال المرحلة الراهنة إمكانات واسعة لمواجهة تحديات العولمة التي فرضت نفسها على اهتمامات كافة دول العالم.

وبين الكتاب في هذا المجال الدور الذي يلعبه النفط في اقتصاد الإمارات.. وركز على تبيان كيف نجح الشيخ زايد في تنويع الاقتصاد حتى لا يبقى مرهوناً بالنفط، لذلك أدخل زراعات حديثة وشجّع على استعمال التكنولوجيا المتطورة ودعم الاستثمارات الإماراتية في أماكن مختلفة من العالم.

أما الفصل الرابع والأخير في هذا الباب فأوضح كيف دعمت دولة الإمارات حضورها على الصعيدين الإقليمي والدولي وكيف تمكنت من ترسيخ موقعها بقوة ضمن المحافل الإقليمية والدولية بفضل نهج السياسة الخارجية الحكيمة والرشيدة التي اتبعتها في التعامل مع مختلف القضايا والمشاكل المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية. وقال المدفعي انه بعد تقديم العمل يتضح أن الشخصية الإماراتية تكونت وانصهرت عبر مراحل عديدة واعتماداً على عوامل ذات ارتباطات وثيقة بالمجال الطبيعي لهذه الدولة وخصوصاً ما يتعلق بالموقع الاستراتيجي المتميز الذي يربط بين قارات ثلاث ويجمع بين البحر والصحراء .وأوضح ان الإنسان الإماراتي نشأ ضمن هذه المعطيات حيث أثر فيها وتأثر بها فكيفها وفق احتياجاته وطموحاته وأحلامه.

وأضاف السفير المدفعي ان تاريخ الخليج العربي عموماً وتاريخ الإمارات العربية المتحدة خصوصاً تاريخ مندمج في تاريخ البشرية العام.. مؤكدا أن المنطقة ساهمت في صناعة التاريخ الكوني على عكس ما ذهبت إليه الكتابات الغربية انطلاقاً من مركزيتها التي حاولت دائما أن تظهر أن تاريخ المنطقة ما هو إلا فضاء تحركت فيه المبادرات الأجنبية ليس إلا.

وأشار الى انه يمكن اعتبار تولي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه زمام الحكم في إمارة أبو ظبي منعطفاً حاسماً في تاريخ منطقة الإمارات.. حيث أدرك أن مستقبل الإمارات العربية يكمن في الوحدة وليس في التجزئة ولتحقيق هذا الهدف استخدم كل طاقاته ومهاراته وحكمته للتأليف بين قلوب الناس والحكام في الإمارات وتهيئة الفرصة لمشاركتهم في صناعة تاريخ جديد للمنطقة وبناء دولة حديثة متكاملة الأركان.

وأكد السفير المدفعي ان الاتحاد بين الإمارات نجح في حين فشلت محاولات عربية أخرى ولم تبق المبادرة الإماراتية مجرد بيانات وشعارات وخطب سياسية موجهة للاستهلاك الدعائي بل أصبحت واقعاً وحقيقة انتظمت مسيرتها وتجسدت في الدستور الذي تضمن أسساً تم تفعيلها من خلال الآليات والأدوات المنظمة لشؤون الحياة على المستوى المحلي في كل إمارة وعلى المستوى الاتحادي المتعلق بتوجهات الدولة الاتحادية وشؤونها الداخلية والخارجية.

وعن مراحل إصدار الكتاب قال السفير المدفعي ” لقد انطلقنا في عملنا هذا من إشكالية مفادها أن الإمارات كانت في الستينات من القرن الماضي غير معروفة وكان سكانها يعيشون في ظروف الحرمان والانقسام واستطاعت خلال وقت وجيز أن تحقق المعجزة العربية الفريدة معجزة تحدث عنها البعض بإسهاب وسموها / الثورة الهادئة / فكيف حصل ذلك.. وما هي الأسس التي انبنت عليها هذه المعجزة.

وأوضح سعادته أنه يمكن الوقوف أولا عند المدة الزمنية التي تحققت خلالها فلقد تم توحيد إمارات المنطقة خلال ثلاثة أعوام حيث أعلنت بريطانيا عام 1968 قرارها بالانسحاب من المنطقة وحددت عام 1971 موعدا لهذا الانسحاب.. وأظهرت هذه الدراسة الطريقة التي اعتمدها حكام الإمارات آنذاك لمواجهة هذا التحدي.

وأضاف ان الكتاب بين من جهة أخرى أن المعجزة الحقيقية تجلت في تأسيس وبناء وتحديث الدولة الجديدة في مدة ثلاثة عقود فخلال جيل واحد تمكنت الإمارات من الخروج من مرحلة الحماية الأجنبية والتهميش وكل ما كانت تفرضه بريطانيا على المنطقة وحكامها لتتبنى قواعد وأسس عمل حديثة وملائمة للعصر.

وحول الوسائل التي استعملت لتوضيح ذلك قال المدفعي ان المصادر والمراجع تلعب دوراً أساسياً في بناء الموضوع.. وتساءل عن السمات التي حدّدت اختيار التعامل مع هذا المصدر أو ذلك المرجع والتخلي عن هذا أو ذاك.. مؤكدا ان البحث تطلب اعتماد المصادر المحلية والخارجية وانطلق من الوثائق المتوفرة سواء تلك التي تم الحصول عليها في الإمارات نفسها أو من مراكز الأرشيف الأجنبية.. مشيرا الى بعض المشاكل التي اعترضت اعتماد هذه الوثائق سواء تعلق الأمر بلغتها أو بتحقيقها أو بطرق أرشفتها وتصنيفها وتوزعها في أماكن ودول متعددة.

وأوضح سعادة المدفعي انه حاول التغلب على هذه العوائق باللجوء إلى عدد من المتخصصين في هذا العلم.. وتوجه بهذه المناسبة بالشكر للمسؤولين في تلك المراكز والمؤسسات لما وجده لديهم من تعاون وتفهم ومساعدة.

وأشار الى انه وإلى جانب هذه المشاكل اعترضته صعوبات ذات ارتباط بقرب المرحلة المدروسة هنا إذ وردت في الوثائق أسماء بعض الفاعلين الذين مازالوا على قيد الحياة مما دعا الى التساؤل حول كيفية اتخاذ المسافة اللازمة والموضوعية من هذه الوقائع والأحداث.

وأضاف انه انطلاقا من هذه الأسئلة قرأ المصادر والمراجع المتوفرة قراءة نقدية بهدف المراقبة والمقارنة واعتمدنا المنهج المنفتح على العلوم المساعدة والمكملة كما اعتمدنا منطق المؤرخ الذي لا يتردد عند الحاجة عن القيام بزيارة تلك العلوم المجاورة ليحلّ هذا اللغز أو ذاك .

وأكد المدفعي ان هذا التنوع في المصادر والمراجع والأرشيف المعتمد بالإضافة إلى تجربة العمل في السلك الدبلوماسي أتاح له فرصة الوقوف عند التجربة الإماراتية بقصد دراستها وفهمها.. وللوصول إلى ذلك لجأ إلى تقسيم العمل إلى ثلاثة أبواب معتبرا كل باب بمثابة محطة تؤسس لما سيأتي بعدها.

عن وكالة الإمارات (وام)

 

شاهد أيضاً

الرئيس فيشر يؤكد مشاركة نمساويين بجرائم النازية والهولوكوست

انزعاج إسرائيل من النووي الإيراني وصفقة “ميغا” وفوز اليمين والتعويض لليهود الصحفى حسين عون/فيينا/الأمم المتحدة …