مندوبة فلسطين في اجتماع الامم المتحدة لمراقبة المخدرات:
فدوى الشاعر تتهم إسرائيل بزراعة
المخدرات بمواقع استراتيجية على طول الجدار
أجرى الحوار : الزميل حسين عون
كشفت السيدة فدوى الشاعر مندوبة فلسطين إلى اجتماع لجنة الامم المتحدة لمراقبة المخدرات، النقاب عن لجوء إسرائيل إلى خطة وصفتها بـ “الخطيرة والتي تستهدف القضاء على مقومات الأمن البشري الفلسطيني، وخصوصاً الشباب”. وأوضحت السيدة الشاعر أن “الخطة الإسرائيلية تتمثل بزرع كميات كبيرة من مخدر حشيشة الكيف في منعطفات ومقابل مواقع سكنية استراتيجية مختارة عن سابق إصرار وترصد على طول الجدار الفاصل في الضفة الغربية وقطاع
غزّة”. وأكدت فدوى الشاعر مسؤولة قسم مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية الفلسطينية في حديث أدلت به إلى الزميل حسين عون، على هامش حضورها اجتماع لجنة الامم المتحدة لمراقبة المخدرات أن “المخدرات في مناطق السلطة الفلسطينية أصبحت مشكلة خطيرة للغاية، وباتت تهدد حياة العديد من الأفراد والعائلات الفلسطينية، وخصوصاً في ظل استمرار دوامة العنف وتدهور الاوضاع الأمنية والصحية والاجتماعية”. وأشارت مندوبة فلسطين إلى نتائج أحدث دراسة علمية أجراها مركز الاحصاء الفلسطيني بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة المعنية في وزارات الداخلية والتربية والتعليم والصحة العامة، والتي تؤكد الارتفاع المطرد بعدد المتعاطين والمدمنين على المخدرات في الأراضي الفلسطينية، والذي وصل إلى حوالي 50 ألف شخص غالبيتهم من المراهقين والشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين الـ 14 و25 عاماً. وشدّدت السيدة الشاعر على القول بأن “أكثر الفئات الفلسطينية المستهدفة من وراء عمليات تهريب وتسويق المخدرات هم فئة الشباب، وخصوصاً أولئك الذين يعيشون في القدس الشرقية وعلى طول خطوط التماس مع القدس الغربية التي تنتشر فيها عصابات التهريب الإسرائيلية والفلسطينية، حيث يبلغ عدد المدمنين في القدس وحدها حوالي 6000 شخص، بالإضافة إلى المناطق الفلسطينية المحاذية للخطر الأخضر”.
وأعربت السيدة الشاعر عن اعتقادها القوي بأن “مشكلة المخدرات بشكل عام تشكل آفة اجتماعية خطيرة وفتاكة لا حدود لها ولا هوية، ولكن لها جذورها وأبعادها وخلفياتها السياسية والاجتماعية وأصحابها من التجار والمدمنين في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والذين ينتشرون كخلايا سرية في المناطق السكنية الفاصلة بين إسرائيل وكلٍ من الضفة الغربية وقطاع غزة”. وأشارت مندوبة فلسطين إلى أن غالبية عمليات تهريب المخدرات إلى المناطق الفلسطينية التي تقوم بها مافيات إسرائيلية، تتم عبر أنفاق سرية، والمعابر الرئيسية والفرعية التي تشرف عليها القوات الإسرائيلية في القدس وضواحيها ورام الله والبيرة وقلقيلية. وفي هذا السياق، شدّدت على القول “نحن كسلطة فلسطينية ليس لدينا الحد الأدنى من السيطرة على أي من المعابر والحدود، وما أود أن أؤكد عليه في هذا الاطار هو ان مشكلة المخدرات والمؤثرات العقلية تتفاقم مع تداعي قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على ضبط الحدود الفلسطينية مع إسرائيل”.
وأشادت السيدة الشاعر بأهمية الأنشطة والمنجزات التي حققها السلطة الفلسطينية على الرغم من إمكانياتها وقدراتها الأمنية المحدودة في مكافحة المخدرات وتدمير إسرائيل للمختبر الجنائي الوحيد في رام الله، وقالت “بالرغم من كل التعقيدات السياسية القائمة على الساحة الفلسطينية، أستطيع أن أؤكد بأن الحكومة الفلسطينية ممثلة بلجنة من كافة الأجهزة والإدارات والمؤسسات المعنية تواصل تنفيذ خطة وطنية طموحة يشرف عليها الرئيس محمود عباس شخصياً، وهي تقوم بدورها الجيد على صعيد مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وحملة التوعية بمخاطرها على حياة الفرد والأسرة والمجتمع الفلسطيني ككل، وذلك بالتعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني ووزارات الداخلية والصحة والإعلام والتربية”.
وأعربت السيدة الشاعر عن اعتقادها بأن الاحتلال يشكل سبباً رئيسياً في انتشار آفة المخدرات في أوساط الشباب والمراهقين الفلسطينيين. وفي هذا السياق، اشارت إلى ما وصفته بـ “الآثار والانعكاسات السلبية والخطيرة والظروف المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني وكأنه سجن كبير، أو في حديقة بلا أبواب، والكل يقفز من فوق السور، الأمر الذي يرغم العديد من الفلسطينيين على القيام بتصرفات خيالية”. وركزت مندوبة فلسطين على توضيح مسألتين أساسيتين هما، الأولى هي، لجوء السلطات الإسرائيلية إلى تسريب بذور الحشيشة إلى الفلاحين الفلسطينيين البسطاء ضمن بذور القمح والذرة الصفراء، ثم تستولي عليها بعد زراعتها، والثانية هي التأكيد بأن الجدار الأمني الذي تبنيه إسرائيل بطول 750 كيلومترا لم ولن يؤمن الحماية لإسرائيل، بل خلق مشكلة جديدة وعميقة ومن بينها زراعة المخدرات على حد تعبيرها.
وبعدما أكدت تعاون السلطة الفلسطينية مع برنامج الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات ومنع الجريمة، والتنسيق مع سلطات الأمن المختصة في كل من مصر والأردن، وانجاز قانون فلسطيني لمكافحة المخدرات، أعربت الشاعر عن اعتقادها أن حالة الانقسام السياسي القائمة بين رام الله وغزّة لم تعرقل عملية مكافحة المخدرات في الأراضي الفلسطينية، وأشارت إلى “استمرار التعاون والتشاور بين مختلف الأجهزة الفلسطينية المعنية، وذلك انطلاقاً من أن خطر المخدرات يهدّد الفرد الفلسطيني والعائلة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني”. وخلصت السيدة فدوي الشاعر إلى التأكيد بأن “تحقيق هدف مكافحة آفة المخدرات يتطلب تعاونا ًوثيقاً ونوايا صادقاً بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لأن الخطر الداهم يستهدف أبناء الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، مع الأخذ في الاعتبار وجود مناطق فلسطينية ، تنشط فيها عصابات التهريب، ولا تستطيع السلطات الفلسطينية الوصول إليها حسب اتفاقية أوسلو “.