لا بد من مشاركة ممثلي الشعب العراقي من العرب والأكراد والتركمان بعملية إعادة بناء العراق
أجرى الحديث في فيينا: حسين عون
قال وزير التعليم والتكنولوجيا العراقي الدكتور رائد جاهد فهمي أن عملية إعادة بناء وتأهيل البنية التحتية العلمية، بما فيها الجامعات وكليات العلوم والمعاهد العليا في العاصمة بغداد وكافة المحافظات العراقية قطعت مرحلة متقدمة، على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية القائمة في العراق منذ العام 2003. وأعرب الوزير العراقي عن اعتقاده بأن المستوى الذي وصلت إليه عملية إعادة بناء وتأهيل القطاع العلمي، جعلت العراق يملك حالياً قدرات وكفاءات ومختبرات علمية هي أفضل بكثير من بعض الدول العربية. جاء ذلك في حديث أدلى به الوزير فهمي إلى الزميل حسين في فيينا خلال ترؤسه لوفد العراق إلى الدورة الـ 51 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أنهى أعماله مؤخراً في المركز النمساوي في فيينا، وأوضح فيه أن “الأحداث التي وقعت في العراق على أثر تدخل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، مما أدى إلى الإطاحة بالنظام العراقي السابق، وحدوث سلسلة من الدمار الذي طال البنى التحتية العراقية ومؤسسات الدولة العراقية، وخاصة في الجامعات والكليات والمعاهد العليا ومراكز الأبحاث والمختبرات العلمية، قد شكّلت بمجموعها التحدي الأكبر للعراق في المرحلة الراهنة”.
واعترف الوزير العراقي بأن “عملية إعادة بناء البنى التحتية وقطاع الخدمات ما تزال تواجه عدداً كبيراً من التحديات والعقبات أبرزها ما يتعلق بالنواحي المادية والبشرية، ولا سيما بعدما هاجر عدد كبير من العلماء والباحثين والخبراء وأساتذة الجامعات إلى الخارج لعدة أسباب أهمها استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والهجمات الإرهابية التي طالت عدداً كبيراً من الكوادر العلمية العراقية، بالإضافة إلى المشاكل السياسية والاقتصادية”. ولكن الوزير فهمي أشار إلى بقاء عدد كبير من الكوادر العلمية العراقية الشابة والمخضرمة الذين يعملون في قطاع التعليم والعلوم والتكنولوجيا في العراق على الرغم من الهواجس الأمنية التي انعكست بشكل سلبي على مختلف الشؤون الحياتية والعلمية والبحثية على حد تعبيره.
وأوضح الوزير العراقي أن “التوجّه الرسمي العراقي في المرحلة الراهنة، يرّكز الآن على معالجة تداعيات حلّ منظمة الطاقة الذرية العراقية وارتباطها بالبرنامج النووي العراقي السابق، وحلّ هيئة التصنيع العسكري، وهي هيئة عراقية كبيرة كانت تضم 13 مؤسسة إنتاجية وتنموية مختلفة، وشكلت الذراع التنفيذ الأهم للدولة العراقية، حيث كان يعمل فيها عدد كبير من صفوة العلماء والباحثين والخبراء العراقيين “. ونوّه بأهمية الدور البارز الذي قامت وتقوم به وزارة العلوم والتكنولوجيا في عملية إعادة بناء المؤسسات العلمية وتجهيز المختبرات والاستفادة من كفاءة وخبرة الكوادر العلمية العراقية السابقة.
وفي هذا السياق، كشف الوزير فهمي (عضو القائمة العراقية الموحدة بقيادة أياد علاوي) النقاب عن خطة استراتيجية علمية عراقية يعكف عدد كبير من المسؤولين والعلماء والباحثين والكوادر العلمية العراقية من الشباب والمخضرمين ورجال القانون على صياغة أحكامها وبنودها بهدف إعادة تنظيم الهياكل العلمية في عموم العراق، وإعادة بناء صروح العلم والمعرفة والجامعات والكليات التي أصيبت بالشلل وتأثرت بشكل مباشر بالدمار الهائل الذي طال العديد من مؤسسات الدولة العراقية. ولكنه عبّر عن بالغ الأسف لتعثر عملية إعادة جمع العلماء والباحثين والكوادر العلمية العراقية سواء في وزارة التعليم العالي أو في الجامعات والمعاهد العليا، وقال “إن وزارة العلوم والتكنولوجيا تعمل وبكفاءة عالية من خلال استراتيجيتها على استقطاب العلماء العراقيين من أجل الاستفادة من خبراتهم في إعادة بناء العراق الجديد”.
ورداً على سؤال حول عدد أصحاب العقول العراقية المهاجرة وسبل استعادتهم أو الاستفادة من خبراتهم في عملية إعادة بناء البنى التحتية وقطاع الخدمات العامة والمؤسسات العلمية قال وزير العلوم والتكنولوجيا العراقي “لا شكّ هناك أعداد كبيرة من العلماء والباحثين والكوادر العلمية العرقية قد هاجروا من العراق كما أشرت آنفاً لعدة أسباب أمنية وسياسية واقتصادية. ويجب أن لا ننسى دور العروض المغرية المقدمة لهم من قبل الجامعات والكليات والمعاهد العليا ومراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية، مستغلةّ الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة التي يمر بها العراق”. وأكد الوزير العراقي أن وزارته عاقدة العزم على وقف تدفق هجرة العقول والكوادر العلمية العراقية إلى الخارج من خلال تطبيق خطة عراقية شاملة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع بقية الوزارات المعنية في الحكومة العراقية، والعمل على توفير الأجواء الأمنية والسياسية المناسبة والبيئة المادية والعلمية المناسبة، بالإضافة إلى إيجاد حالة من التوازن التي ترقى إلى المستوى الحضاري والثقافي والإنساني والحياة الحرة الكريمة التي تليق بالعلماء والباحثين والكوادر العلمية العراقية وعائلاتهم على حد تعبيره.
كما أعرب الوزير رائد فهمي عن اعتقاده بأن “أصحاب العقول العراقية المهاجرة يمكن أن يستفيدوا في المهجر ويفيدوا وطنهم عن طريق المشورة، وربما أكثر من وجودهم في العراق في المرحلة الراهنة، لأنهم هناك يستطيعون مواكبة آخر تطورات النهضة العلمية والأبحاث والاستفادة من توفر الأجهزة والمعدات والمختبرات والدراسات والاكتشافات العلمية، عدا المشاركة في أعمال المنتديات والمؤتمرات العالمية”.
ورداً على سؤال حول تقييمه لأهمية التعاون القائم بين العراق والوكالة الذرية في المرحلة الراهنة، ولا سيما على صعيد التطبيقات السلمية للطاقة النووية قال الوزير فهمي “نحن في العراق ندرك تماماً أهمية الدور الذي تلعبه الوكالة الذرية على صعيد تكريس استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتنموية، وإتاحة الفرصة أمام جميع الدول الأعضاء، وخاصة البلدان النامية من أجل مواكبة تطورات التكنولوجيا النووية في إطار برنامج التعاون التقني”. وأكد الوزير فهمي على وجود عدد كبير من المجالات التي يحتاج في العراق لمساعدة الوكالة الذرية وهي: تصفية المواقع والمرافق النووية المدمرة ومعالجة التلوث الاشعاعي؛ و تصريف النفايات المشعة بشكل آمن؛ والعمل على نقل المواد الملوثة وتوفير الأجهزة والمعدات اللازمة؛ وتقديم الدعم للمشاريع البحثية المشتركة في مجالات الطب النووي والموارد المائية والوقاية من الاشعاع وتحسين المحاصيل الزراعية، وزيادة فرص تدريب الكوادر العراقية”.
وفي هذا السياق، أكد الوزير العراقي دعم بلاده الكامل لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، ولتطبيق نظام ضمانات الوكالة الشاملة في الشرق الأوسط ومطالبة إسرائيل بالانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ووضع جميع منشآتها النووية تحت الرقابة الدولية باعتبارها من أهم المعايير لبناء الثقة. وخلص الوزير رائد فهمي إلى القول بأنه لا توجد في العراق جهة معينة قادرة على إعادة بناء العراق لوحدها، ولا بد من مشاركة جميع القوى والأحزاب والمنظمات الفاعلة التي تمثل كافة شرائح الشعب العراقي بعربه واكراده وتركمانه في العملية الشاملة لإعادة بناء العراق الجديد على أسس ثابتة من الحرية والعدالة والمساواة وتكريس حقوق الإنسان والديمقراطية.