دافع عن سياسة واشنطن في العراق وأفغانستان واتهم إيران بدعم الإرهاب
خبير استراتيجي أميركي يحذر من خطر
هجمات إرهابية ضد النمسا ودول أوروبية أخرى
حسين عون صحفى مقيم بفيينا
حذر رافائيل ف. بيرل، وهو خبير استراتيجي رفيع المستوى، ومتخصص بشؤون مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة و الاتجار غير المشروع بالمخدرات من احتمالات شن هجمات إرهابية ضد اهداف مختارة في النمسا او أي بلد أوروبي آخر. وأعرب بيرل المحلل والمستشار في مركز الابحاث والدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس الكونغرس الأميركي في واشنطن عن ا
عتقاده القوي بأن النمسا ربما تكون هدفاً سهلاً للمجموعات الإرهابية نظراً للدرجة العالية من الحرية والانفتاح التي تتمتع بها. ولكنه لم يعطِ المزيد من التفاصيل، كما أنه لم يحدّد المصادر التي استقى منها مثل هذه المعلومات والتهديدات الخطيرة. ففي مؤتمر صحافي عقده مؤخراً في مقر (البيت الأميركي)، في العاصمة النمساوية فيينا، رأى الخبير الأميركي أنه “ينبغي على المؤسسات الديمقراطية في العالم أن تتأقلم مع ظاهرة الإرهاب على المديين القريب والبعيد”، وذلك في إشارة تؤكد بأن عملية مكافحة الإرهاب على نطاق إقليمي أو دولي ستأخذ وقتاً طويلاً، وأن المعركة ضد ظاهرة الإرهاب ستستمر بلا هوادة في مختلف أنحاء العالم في ظل التعاون الدولي القائم. وأعرب المحلل الأميركي عن اعتقاده القوي بأنه “كان من الأهمية بمكان بالنسبة إليه التحرك بقوة من موقع المسؤولية الملقاة على عاتقه، والمبادرة إلى اعتماد الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع والتصدي لآفة الإرهاب ومحاولة استئصالها وتجفيف مصادر تمويل أنشطة المنظمات الإرهابية”. ورأى رافائيل ف. بيرل أنه كان من الضروري، وفي إطار تنبيه المسؤولين والرأي العام بمخاطر الإرهاب، والتوضيح لهم بأنه أصبح وبما يشكله من تهديدات على الأمن والسلم والاستقرار السياسي والاقتصادي على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، ينبغي التصدي له بكل صرامة وحزم، مع التركيز على أهمية معالجة الأسباب التي باتت تؤدي إلى تفاقم خطر الارهاب، من خلال تعزيز التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية في حكومات دول العالم. وفي هذا السياق، أشار
الخبير الأميركي بشؤون مكافحة الإرهاب والجريمة والمخدرات إلى أن “أي هجوم من نوع ميغا –درجة عالية لمواجهة مخاطر أمنية كبيرة- في المستقبل ليس من الضرورة أن يتم التعامل مع أبعادها وخلفياتها ونتائجها من النواحي السياسية فقط، لأن بصمات الإرهاب والمنظمات الإرهابية اليوم لم تعد تنحصر في الاطار السياسي أو في نطاق السعي نحو الشهرة”.
ولاحظ رافائيل بيرل بأن هناك العديد من الذين ارتكبوا هجمات إرهابية وبشكل تلقائي، وانطلقوا في عملهم الإجرامي من عدة أهداف سياسية ودينية مختلفة. وفي هذا السياق، ذكر المحلل الاستراتيجي الأميركي أنه “من بين الأهداف الدائمة للإرهابيين وأنشطة المجموعات الإرهابية هو مهاجمة الأنظمة السياسية والاقتصادية”. ويبدو أنه كان يعني بذلك تحديداً محطات الطاقة وطرق المواصلات ومحطات القطارات كما حدث في لندن ومدريد عام 2004، بالإضافة إلى استهداف الطائرات والسفن والمراكز التجارية والصناعية، “كما فعل تنظيم القاعدة الذي يضم أبرز المهندسين من صناع القرارات فيه”، ولاعتقاده بأن “المهندسين في تنظيم القاعدة يفكرون في الأنظمة” على حد تعبيره. وأكد بيرل أن 20 % من الهجمات الإرهابية التي وقعت في العام 2001، وتحديداً تلك التي استهدفت نيويورك وواشنطين في الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، كانت سرية ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، وكذلك الهجمات الإرهابية التي وقعت في العام 2004، حيث لم تعلن أيضاً أية جهة مسؤوليتها عنها. ورأى بيرل أنه “مع ذلك برزت ثلاثة اتجاهات تمثلت في تكثيف المعايير المضادة، والمبالغة في التطمينات، والترويج بأن الهجمات المتفرقة أصبحت مستحيلة الحدوث”.
وعبّر الخبير الأميركي بشؤون مكافحة الإرهاب الدولي عما وصفه بـ “المخاوف من خطورة الخطوة المقبلة، حيث لا يمكن معها التمييز بين الخطأ البشري الجسيم، وبين عمل تخريبي منظمة قد يقع في أي وقت وفي أي مكان أو موقع، او داخل حافلة للركاب، أو خلال اصطدام بين اوتوبيسات، أو وقوع هجوم مسلح، أو فيروس يتم إرساله لتخريب اجهزة كمبيوتر أو معلومات عبر شبكة الإنترنت”. وأشار بيرل إلى أن “الولايات المتحدة أجرت مراجعة شاملة لاستراتيجيتها في مكافحة الإرهاب، واستعاضت عما يسمى بـ -الغرور الدائم- بالتركيز على نظام الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع، والتصدي أو منع أي عمل إرهابي، مع الأخذ في الاعتبار أهمية الدور البارز لتعاون الدول الديمقراطية وتعزيز قدراتها في مكافحة آفة الإرهاب”. وبعدما وصف رافائيل بيرل الإرهاب بأنه أشبه بـنظام “الاواني المتصلة التي تطال كل مدينة ومنزل”، كرر في نهاية مؤتمره الصحافي تحذيره بأن النمسا ستكون من بين الاهداف السهلة للإرهابيين، ولا سيما مع ارتفاع هامش الحرية في أي مجتمع تصبح الهجمات الإرهابية سهلة وأكثر احتمالاً”.
وكان رافائيل ف. بيرل في بداية مؤتمره الصحافي دافع بقوة عن سياسية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وخصوصاً في أفغانستان والعراق، وأكد أن القوات الاميركية والقوات الحليفة ذهبت إلى أفغانستان والعراق من اجل القضاء على الجذور والمصادر الأساسية للإرهاب. كما حمل بعنف على إيران واتهم النظام الإيراني بأنه نظام إرهابي ويدعم الإرهاب، وأعرب عن اعتقاده بأنه “من هذا المنطلق ينبغي العمل من أجل منع إيران من الحصول على التكنولوجيا النووية أو امتلاك برنامج نووي متطور قد تستخدمه لأغراض إرهابية” على حد تعبيره. وأشار الخبير الأميركي ألى أنه يعمل كمحلل استراتيجي وتقديم النصح لصناع القرارات السياسية في واشنطن، وأوضح قوله بأنه ينظر إلى العالم من خلال نظارة شمسية سوداء تعبر عن المخاوف والتحديات التي قد تواجه السياسة الخارجية الأميركية”.
وبعدما أكد بيرل بأنه يعبّر عن وجهة نظره الشخصية، وليس عن وجهة نظر صناع القرار السياسي في واشنطن، أعرب عن اعتقاده القوي بأن العراق اصبح بؤرة للإرهاب والاقتتال الطائفي بين السنة والشيعة وبات يهدد أمن واستقرار الدول المجاورة. كما رفض بيرل الاعتراف بفشل القوات الأميركية والقوات الحليفة لها وقوات حلف الناتو في اجتثاث جذور الإرهاب في أفغانستان. وبعدما رفض القول بأن القوات الأميركية ارتكبت أخطاء جسيمة في أفغانستان أو العراق، أكد أن الحكم على ذلك ليس من اختصاصه، وأعرب عن اعتقاده القوي بأن غياب العدالة والحرية والمساواة والديمقراطية، يشكل أبرز جذور الإرهاب.