وسط استمرار الخلافات حول ثلاث قضايا أساسية

النمسا: مفاوضات تشكيل حكومة موسعة
تدخـل مرحـلة مصـيرية بين النـجاح والفشل!
حسين عون (صحفى مقيم بفيينا)
يبدو أن العديد من الدلائل والمؤشرات باتت تؤكد بأن الجولات الأخيرة بين ممثلين عن أكبر حزبين سياسيين في النمسا وهما الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الشعب المحافظ، والفائزين على التوالي بالمركزين الأول والثاني بفارق بسيط في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي أحرزت بعض التقدّم، وهو ما اعتبره المراقبون بأنه يشكل خطوة مهمة إلى الأمام، وتبشر بإمكانية تشكيل حكومة موسعة في موعد أقصاه النصف الأول من شهر كانون الثاني/يناير الجاري. فقد اشارت مصادر نمساوية مطلعة إلى أن جولات المفاوضات التي جرت بين ممثلي الحزبين النمساويين خلال الاسبوع الماضي نجحت في تذليل بعض العقبات، وساهمت في تقريب المواقف المتباعدة، وبالتالي الاتفاق حول معظم المسائل المثيرة للجدل. ولكن المصادر ذاتها حذرت من خطر ما وصفته بـ “المطبّات” التي ما تزال قائمة، وأشارت إلى خطورة القضايا الخلافية، والتي قد تؤدي إلى انهيار المفاوضات، وبالتالي نسف المحاولات الجارية لتشكيل حكومة نمساوية موسعة في آخر لحظة، والتي تنحصر بثلاث قضايا رئيسية هي: مصير صفقة المقاتلات الأوروبية (Euro-fighter) التي ستكلف خزينة الدولة 2 مليار يورو؛ وإصلاح النظام الضرائبي؛ والرسوم الجامعية.

ويعلق المراقبون هنا أهمية قصوى على ما وصفوه بـ “جولات المفاوضات الحاسمة” التي ستجري بين ممثلي الحزب الاشتراكي وحزب الشعب في الأسبوع المقبل، وتحديداً خلال الفترة الفاصلة بين عطلتي عيدي الميلاد ورأس السنة الميلادية، والتي من المقرر أن يتبعها جولة اخيرة ومصيرية في الثامن من شهر كانون الثاني/يناير المقبل، والتي من المتوقع أن يتم خلالها الاتفاق النهائي على تشكيل الحكومة الموسعة وتوزيع الحقائق الوزارية والبنود الأساسية للبيان الوزاري والذي يتضمن الخطوط العريضة لسياسة الحكومة النمساوية الجديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وفي هذا السياق، توقعت مصادر نمساوية موثوق بها أن يؤدي أعضاء الحكومة النمساوية الجديدة القسم الدستوري أمام رئيس الجمهورية هاينز فيشر في 11 كانون الثاني/يناير 2007، حسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه رئيس الحزب الاشتراكي المكلف ألفريد غوزنباور مع رئيس حزب الشعب المستشار فولفغانغ شوسيل الذي ما تزال حكومته تقوم بمهمة تصريف الأعمال لحين تشكيل الحكومة الجديدة.

وكان ممثلو الحزب الاشتراكي وحزب الشعب اتفقوا على مسالة مثيرة للجدل تتعلق بتحديد سياسة الدولة النمساوية حول التدخين في الأماكن العامة. ويقضي هذا لاتفاق على عدم السماح بالتدخين في المطاعم والمقاهي، إلا في أماكن وغرف مخصصة للمدخنين. ومن بين المسائل الخلافية الفرعية بين الحزبين النمساويين، والتي تمت إحالتها إلى جولات المفاوضات “المصيرية” التي عقدها ممثلو الحزبين بين عطلتي الميلاد ورأس السنة الجديدة، مسالة برنامج الخصخصة. وقد تبين أن قيادة حزب الشعب هي أكثر اندفاعاً من قيادة الحزب الاشتراكي لبيع عدد من المنشآت والمؤسسات الحكومية إلى القطاع الخاص. ولكن المراقبين لا يتوقعون أن تشكل هذه المسألة “عقبة كأداء” أمام تشكيل الحكومة النمساوية العتيدة. ولكنهم لم يستبعدوا احتدام الجدل إلى درجة الخلاف على تقاسم المناصب الوزارية المهمة وخاصة وزارات المالية والخارجية والداخلية، وعدم تخلي حزب الشعب عما حققه من تشريعات ومنجزات خلال فترة الحكومة الائتلافية في السنوات الست الماضية على الصعيدين المحلي والأوروبي.

وفي هذا السياق، أشارت مصادر نمساوية مطلعة إلى أن الحزب الذي سيتولى حقيبة وزارة المالية لا بدّ أن يتخلى للحزب الشريك عن وزارة الداخلية. وأكدت نفس المصادر أن الحزب الاشتراكي مصرّ على تولي حقيبة العمل والشؤون الاجتماعية، في حين سيتم تكليف حزب الشعب بمهام حقيبتي الاقتصاد والزراعة، هذا في حال تم الاتفاق على تكليف شخصية مستقلة لوزارة العدل. ولم تستبعد المصادر أن يحتدم الخلاف بين الحزبين حول حقيبة الخارجية، والتي يصر حزب الشعب على الاحتفاظ بها نظراً للدور البارز الذي لعبته الوزيرة أرسولا بلاسنيك خلال فترة رئاسة النمسا للاتحاد الأوروبي في النصف الأول من العام 2006.

في غضون ذلك، ذكرت أنباء صحافية أن المستشار النمساوي شوسيل قد ينسحب من الحياة السياسية والحكومية تاركاً المجال أمام ساعده الأيمن فيلهلم مولترار رئيس كتلة نواب حزب الشعب في البرلمان النمساوي الاتحادي. فقد ذكرت صحيفة (دي بريسه) في سيناريو إعلامي أن شوسيل قد لا يحتل أي منصب وزاري في الحكومة النمساوية الجديدة، وقد يتفرغ إلى متابعة الشؤون البرلمانية والتشريعية التي كان يتولاها مولترار نفسه، والذي سيتم اختياره لمنصب نائب المستشار بالإضافة إلى حقيبة وزارة المالية في حكومة المستشار الاشتراكي ألفريد غوزنباور. وكان شوسيل نفى إشاعات عن احتمال انتقاله إلى المفوضية الأوروبية في بروكسل. وفي حال شغل مولترار حقيبة وزارة المالية فإن الوزير الحالي كارل هاينز غراسر الذي شغل المنصب طوال السنوات الست الماضية سيترك بدوره السياسة للعمل في مجال المال والاعمال. ولم تستبعد المصادر أن يتولى وزير البيئة الحالي يوزيف برول، وهو أحد النجوم الصاعدة لحزب الشعب حقيبة وزارة الاقتصاد أو حقيبة وزارة الخارجية، في حال عودة وزيرة الخارجية الحالية أرسولا بلاسنيك إلى العمل الدبلوماسي. ولكن أنباء صحافية لم تستبعد أن يصر الحزب الاشتراكي على شغل منصب وزارة الخارجية، وشددت على القول “ستظل المشاورات الرامية إلى تشكيل حكومة نمساوية موسعة، تسير وسط توقعات بين النجاح والفشل وتكهنات ببروز مطبات جديدة حتى الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير 2007”.

شاهد أيضاً

الرئيس فيشر يؤكد مشاركة نمساويين بجرائم النازية والهولوكوست

انزعاج إسرائيل من النووي الإيراني وصفقة “ميغا” وفوز اليمين والتعويض لليهود الصحفى حسين عون/فيينا/الأمم المتحدة …