كشف الكاتب الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل عن وجود مخطط أمريكي لتصفية القضية الفلسطينية قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش عام 2008، مشيرا إلى أن تعيين توني بلير مبعوثا للرباعية الدولية جاء جزءا من هذا المخطط الذي اقتضى أيضا الإبقاء على رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في الحكومة لتسريع إنجازه.
وفي حوار مع قناة الجزيرة مساء الخميس، قال هيكل متسائلا: “ما معنى أن رئيس وزراء بريطانيا ينتهي اليوم من وزارته ويتم تعيينه كمبعوث للرباعية في الشرق الأوسط في اليوم التالي؟! هذا معناه أننا في الفترة القادمة سنكون أمام ضغوط مهولة لتصفية القضية الفلسطينية”.
وتابع: “نحن أمام تصفية القضية الفلسطينية وليس إيجاد حل لها.. فمجيء بلير هو لفرض حلول فيها عنف؛ لأن الهدف هو التصفية” من جانب الإدارة الأمريكية.
وفي ذات السياق، شككت صحيفة إنفورماشن الدنماركية الجمعة في الدور الذي يمكن أن يلعبه بلير لحل القضية الفلسطينية، قائلة: “سيتضح لاحقا ما إذا كان بلير هو الرجل الصحيح كوسيط للشرق الأوسط، أم أن الأمر مجرد خيبة أمل جديدة، وذلك من خلال الدرب الذي سيسلكه بلير، ولكن ينبغي ألا ينسى المرء أن فكرة تنصيب بلير جاءت من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش”.
وأضافت الصحيفة أن خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسة الأوروبية قد “أعرب عن قلقه إزاء إمكان أن يصبح بلير عقبة في طريقه بالشرق الأوسط، كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوصفه أحد أطراف اللجنة الرباعية كان لديه تحفظات واسعة على اختيار بلير”.
مخطط تصفية القضية الفلسطينية، بحسب هيكل، اقتضى أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع سقوط رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بعد الكشف عن نتائج تقرير لجنة فينوجراد بشأن حرب الصيف الماضي بين حزب الله وإسرائيل، والذي حمله المسئولية عن الفشل الإسرائيلي في هذه الحرب. وقال إن ذلك تم لعدم رغبتهم في إهدار عام في التحضير لانتخابات إسرائيلية والإتيان بحكومة جديدة.
وأشار إلى أنه يقول هذه المعلومات كـ”مخبر صحفي” وليس كـ”محلل سياسي”.
سيناء جزء من التسوية
وأشار هيكل إلى أن “تصفية” القضية الفلسطينية أو ما اصطلح الأمريكان على تسميته “بالتسوية” ستأخذ شكلا إقليميا وسيدفع ثمنها دول بالمنطقة قائلا: “التسوية ستكون في النهاية إقليمية.. مصر ستكون جزءا من هذه التسوية وسوريا والأردن كذلك، وكل من يتصورون أنهم بمعزل عن قضايا المنطقة سيدفعون في هذه التسوية ثمنا باهظا”.
وحذر من أن الأمريكيين يضعون عينهم على سيناء لاحتواء قطاع غزة، قائلا: “هم يرون أن قطاع غزة يجب ألا يبقى وحده، وأن مصر عليها أن تفتح مجالا لغزة في سيناء”، مشيرا إلى أن هناك “ترتيبات” تتم في سيناء لتهيئة الأوضاع لهذا الأمر، دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل.
ورأى هيكل أن معادلة القوة ليست في صالح العرب حاليا، قائلا: “إن أبو مازن ومن قبله الراحل ياسر عرفات والعرب ضيعوا أشياء كثيرة خلال الثلاثين عاما الماضية تحت مقولات (آخر الحروب والسلام الممكن)”، في إشارة لفترة ما بعد حرب 1973.
وقال: “إذا نظرت إلى أطراف تلك المعادلة تجد الإسرائيليين أمام الفلسطينيين، والفلسطينيون فيما بينهم منقسمون بين جناح ضيع أشياء كثيرة وهو محاصر في الضفة (فتح)، وجناح محاصر في غزة (حماس) وهناك حصار عربي للكيانين في الوقت الذي تضغط فيه أمريكا لتصفية الوضع”. وأضاف أن “دولا مثل مصر وسوريا والأردن مقيدة بمواقع تجمد دورها”.
وقال: إن إسرائيل لديها مشروع واضح ويدعمها في ذلك “وقوف موازين القوى الدولية بجانبها والجوار الهش (مصر وسوريا والأردن) والمأزق الذي يحيط بكل من أبو مازن وحماس.. كل ذلك يعطي إسرائيل الأمل في تحقيق ما تريد”.
وفي تعليقه على الاقتتال بين فتح وحماس وما أدى إليه من سيطرة حماس على قطاع غزة، قال هيكل: إن الولايات المتحدة عملت أيضا على إشعال الاقتتال بين الفلسطينيين في إطار مسعاها لتصفية القضية الفلسطينية.
واستشهد بتقرير ألفارو دي سوتو ممثل الأمم المتحدة السابق في اللجنة الرباعية الدولية الذي نقل فيه تعليق السفير الأمريكي في المنظمة الدولية على جولات الاقتتال السابقة بين حماس وفتح قائلا:” أعشق ذلك”.
تغيير المعادلة هو الحل
ورأى هيكل أن الحل الوحيد يكمن في تغيير معادلة القوى في الشرق الأوسط، وذلك عن طريق إشراك منظمة المؤتمر الإسلامي والقوى الفاعلة فيها مثل تركيا وإيران لتشكيل أوراق ضغط وإحداث نوع من التوازن في المعادلة.
وتساءل قائلا: “لماذا لا تتولى السعودية (رئيس الدورة الحالية للقمة العربية) إدخال قوى من المؤتمر الإسلامي؟ فلتشرك أطرافا مثل إيران وتركيا”، مستغربا من الحساسية التي تبديها الأنظمة العربية من إيران الشيعية.
كما أشار إلى أن دخول تركيا “الغاضبة” من عرقلة انضمامها للاتحاد الأوروبي في هذا الوقت سيشكل عامل توازن.