سجن مؤرخ بريطاني بالنمسا لآرائه حول المحرقة

رغم تراجعه عن التشكيك في عدد ضحايا المحرقة النازية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية (الهولوكوست)، قضت محكمة نمساوية مساء اليوم الإثنين 20-2-2006 بسجن المؤرخ البريطاني اليميني ديفيد إرفينج 3 سنوات بعد أن وجدته مذنبا بتهمة إنكار المحرقة على خلفية آراء عبر عنها قبل 17 عاما.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية قول إرفينج الذي حضر المحاكمة موثوق اليدين: “إنني مصدوم، وسوف أستأنف الحكم”. ويأتي هذا الحكم رغم قول المؤرخ البريطاني أمام هيئة المحكمة: “لقد اقترفت خطأ عندما قلت إنه لم توجد غرف إعدام بالغاز في (معسكر) أوشفيتز (بجنوب بولندا)”. غير أنه أضاف: “لم أنكر بأية صورة قتل ملايين الأشخاص على أيدي النازيين”.

وفي طريقه إلى قاعة المحكمة بالعاصمة النمساوية فيينا، أعلن إرفينج أنه تراجع عن آرائه، وأنه سيقر بالتهم الموجهة إليه، وهو ما اعتبره أكاديمي إسرائيلي محاولة لتجنب إدانته ودخوله السجن.

وأضاف في تصريحات للصحفيين: “لا خيار أمامي؛ فالطريقة التي صيغ بها القانون (تجريم الهولوكوست بالنمسا) لا تترك لي أي فرصة”.

ووصف هذا القانون بأنه “مجنون”، حيث يعتبر نفي وقوع الهولوكوست جريمة في النمسا تصل عقوبتها القصوى إلى السجن لمدة 10 أعوام.

“حرب هتلر”

وكان المؤرخ البريطاني قد وصل إلى قاعة المحكمة وهو يحمل واحدا من أهم كتبه المثيرة للجدل، وعنوانه “حرب هتلر” والذي يشكك فيه في عدد اليهود الذين قتلوا في المحرقة.

وعن رأيه الحالي في الهولوكوست قال إرفينج: “كما هو واضح لقد تغيرت”. وأضاف أن “التاريخ مثل شجرة تنمو باستمرار كلما تعلمت أكثر وكلما توفر لديك المزيد من الوثائق والوثائق، وأنا تعلمت الكثير منذ عام 1989 (وقت تعبيره عن آرائه التي يحاكم عليها)”.

وعلق المؤرخ البريطاني على محاكمته الحالية واصفا إياها بأنها “أمر سخيف”، وقال: “أنا أحاكم هنا بسبب رأي عبرت عنه قبل 17 عاما”.

وبسؤاله إن كان 6 ملايين يهودي قتلوا في المحرقة قال إرفينج: “لقد مات الملايين من اليهود، ولكن لا أعرف العدد بالتحديد، فأنا لست خبيرا في الهولوكوست”.

وفي وقت سابق اليوم على صدور الحكم، قال محامي المؤرخ البريطاني في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”: إن موكله تلقى ما لا يقل عن 300 رسالة بريد إلكتروني من مؤيدين ومتعاطفين معه، وإنه كان يكتب في زنزانته مذكراته تحت عنوان حرب إرفينج.

وأضاف أن إرفينج سيعترف أمام المحكمة بأنه مذنب، وسيطالب هيئة المحلفين بالعفو؛ لأنه تراجع عن تصريحاته التي أنكر فيها وقوع محرقة اليهود، وأنه لم يَعُد هناك أي تهديد للديمقراطية في النمسا.

وقال المحامي: إن موكله غير آراءه في عام 1992 بعد أن اكتشف رسالة تم نقلها عبر الراديو، وتتحدث عن إبادة ملايين اليهود في أحد معسكرات النازي.

تجنب السجن

ويرى مراقبون أن تراجع إرفينج عن آرائه التي شكك من خلالها في عدد ضحايا محرقة النازي يأتي كمحاولة لتجنب دخول السجن.

وقال الدكتور دينا بوريت رئيس “معهد دراسات معاداة السامية والعنصرية المعاصرة” بجامعة تل أبيب في إسرائيل: إن الموقف الجديد لإرفينج يرجع إلى خوفه من إدانته والحكم عليه بالسجن.

وأردف في تصريحات لصحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية: “ليس من الممكن أن يكون إرفينج قد غير معتقداته في عام 1992 دون أن يقول أي شيء عن المحرقة في خطابه أمام المحكمة في قضية التشهير والقذف التي رفعها عام 2000”.

وكان المؤرخ البريطاني قد خسر دعوى تشهير أقامها أمام محكمة بريطانية عام 2000 ضد الكاتبة الأمريكية المتخصصة في الهولوكوست ديبورا ليبستادت والتي وصفته بأنه “معاد للسامية” و”عنصري”، و”منكر الهولوكوست” بسبب آرائه.

آراء إرفينج

وكان ديفيد إرفينج قد اعتقل خلال إلقائه محاضرة في النمسا في عام 2005 بموجب مذكرة صادرة بحقه في عام 1989؛ نظرا لقوله قبل 16 عاما: إنه “لا يوجد على الإطلاق أي دليل يثبت لجوء الألمان النازيين إلى الحل الأخير وهو إبادة اليهود على ذلك النطاق الواسع”.

وأضاف أن “معظم الذين ماتوا في معسكرات الاعتقال النازية مثل معسكر أوشفيتز لقوا حتفهم بسبب أمراض مختلفة مثل التيفود، وليس بسبب إبادتهم بالغاز”.

كما قال إرفينج في بعض كتبه: “إن أدولف هتلر لم يكن يعرف إلا النزر اليسير عن الهولوكوست. هذا إن كان يعرف عنها شيئا من الأساس”.

يُشار إلى أنه إضافة إلى إسرائيل فإن القانون في 10 دولة أوروبية يجرم إنكار محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية، وهي النمسا وبلجيكا وسلوفاكيا والتشيك وألمانيا وليتوانيا وبولندا وسويسرا وألمانيا وفرنسا.

وكانت محكمة فرنسية قد قضت بسجن جان بلانتين، وهو محرر في مجلة تُدعى “أكربيا”؛ بسبب نشره أعمالا اعتبرتها المحكمة تشكك في المحرقة. كما سبق أيضا أن خضع للمحاكمة المفكر الفرنسي روجيه جارودي بسبب آرائه حول المحرقة

 

Check Also

تفاصيل نص العرض الذي سُلّم لحماس لوقف إطلاق النار في غزة – مكوّن من 3 مراحل

خلال ساعات، يتوقع أن تسلم حركة حماس ردّها على العرض الذي نقله إليها الجانب المصري …