د.منى مينا، وكيل النقابة العامة للأطباء، فجرت مفاجأة صادمة، عندما قالت فى برنامج لفضائية محلية، إن تعليمات شفهية للأطباء بإعادة استخدام السرنجات للمريض الواحد، وتعليمات أخرى بتخفيض المستلزمات الطبية للمستشفيات!. يوم أمس السبت 3/12/2016، استدعت النيابة العامة د.منى للتحقيق معها!! بعد أن تلقت الأولى عدة بلاغات ضدها!. ولا أحد يعرف ما هى الجهات التى بلغت ضد مينا!!..
المهم أنه تم “جرجرتها” إلى النيابة.. وقبلها تعرضت لحملة تحريض وتعريض وشتائم.. واتهامات أخرى.. ولولا أنها مسيحية لاتهموها بأنها من خلايا الإخوان النائمة.
المدهش فى الأمر أن الجهات الرقابية بالدولة لم تتحرك بعد تصريحاتها التى أثارت فزع الرأى العام.. لم نسمع أن النيابة الإدارية حققت، ولا أن الرقابة الإدارية داهمت مستشفيات.. وما أعلن رسميًا هو “إرهاب” منى مينا و”بهدلتها” والتعامل معها بوصفها “متهمة”.. رغم أن ما قالته كان بمثابة “بلاغ” إلى السلطات التنفيذية والقضائية.
محنة منى مينا.. تتطابق تمامًا مع محنة المستشار هشام جنينة، فالأخير عندما كشف الفساد المروع فى قطاع أراضى الدولة، والذى بلغ 600 مليار جنيه خلال أربع سنوات فقط، دخلت جيوب وكروش باشاوات الدولة الكبار، وذوى النفوذ السيادى المخيف.. جرجروه إلى النيابات والمحاكم، وحبسوه وتعمدوا إهانته فى قسم الشرطة، ونكلوا بعائلته وطردوا ابنته من النيابة الإدارية.. فيما تُرك الفاسدون يرفلون فى نعيم السلطة ويتقلبون فى دفء النفوذ والترقى فى المناصب.
مشكلة منى مينا، ليس فقط فيما أعلنته من كوارث فى قطاع الصحة، وإنما بسبب سيرتها ونضالها النقابي، كواحدة من أفضل النقابيات فى مصر.. كشفت فسادًا أوسع، ودافعت عن كرامة المهنة، ضد التوحش الأمني، وحققت أفضل مظلة تأمين صحى للأطباء، وتمتلك من الشجاعة، ما يجعلها شوكة فى حلق مافيات الفساد فى القطاع الصحي، ودافعت عن حق كل مواطن فى تلقى خدمات طبية محترمة، تليق بآدميته وإنسانيته.. وتتصدى للانتهاكات اللإنسانية التى يتعرض لها المرضى الفقراء داخل المستشفيات الحكومية المهترئة.
منى مينا.. وهشام جنينية، نموذجان يشيران إلى أن الدولة ليست جادة فى مكافحة الفساد، ولا فى تكريم الناجحين ولا فى حماية الشرفاء من المسئولين.. وأنها لا تريد مسئولاً عنده ضمير.. وإنما بلا ضمير، يسمع ويطيع بلا تردد.. ولا يرى ولا يسمع ولا يتكلم إزاء وقائع الفساد.. لا تريد إلا كل من يقبل بأن “يقلب رزقه” مع اللصوص الكبار. تحية إجلال وإكبار للطبيبة منى مينا.. وللقاضى النبيل والشجاع هشام جنينة.. لأن التصدى للفساد فى هذه الأيام، بطولة نادرة لا يقدم عليها، إلا النبلاء الحقيقيون وإذا كان ما حدث معهما، قد يعزز مشاعر الإحباط.. إلا أنه فى واقع الحال، يبعث أكثر على التفاؤل.. لأنه يشير ضمنيًا إلى أن الجماعة الوطنية المصرية لا زالت عفية ونقية وشريفة.