عشنا في بلادنا منذ القدم علي ثقافة انتظار المخلص وهو القائد البطل الفذ الذي ينقذ البلاد والعباد من ظلم وجور الملوك والأمراء أو حتى الرؤساء
مع أن فكرة الخلاص والمخلص لاتتمشي أبدا مع عقيدتنا وثقافتنا ولكن هانحن دائما نعتقد بطريقة ونفكر ونحلم بطريقة أخري
وانتقلنا للعيش في أوروبا وانتقلت معنا ثقافتنا فها نحن في النمسا ننتظر رجل المرحلة الذي ينتشل الجالية ومدرسيها ومريديها من كمين- العداء للديمقراطية –
دائما مانعقد تحقيق كل آمالنا وطموحاتنا علي فرد أو نظام ونظل ننتظر الذي يحقق لنا النصر والتقدم والرقي وننتظر وننتظر ولكنه أبدا لايجئ وأبدا لانمل الانتظار
العربي في أوربا وفي النمسا بشكل خاص كان ومازال حائرا بين واقع يرفضه ولكنه مرغم على العيش فيه، وبين حلم يتعلق به ولكنه عاجز عن تحقيقه.ما من عربي يصرح لك بخلجات نفسه الا ويقول ويتمني و يعيش علي حلم العودة إلي بلاده وانه لن يكمل حياته أبدا هنا إلا إذا كان مضطرا اضطرار سياسي مثلا
وتمر الأيام ولا يعود العربي إلي بلاده وربما توافيه المنية هنا وهو غير مضطر للبقاء سياسيا ولكنه اضطر لأسباب كثيرة جدا وعلي رأسها أن أولاده- الأجيال الجديدة- لا تحب هي الاخري العودة لبلاده ولا تستطيع العيش فيها
وأصبح الشعور الداخلي لكل منا يتأرجح بين الشعور بالإحباط بسبب تشبثه بغربة لا مفر منها وبين شعور بالتحدي بسبب رغبته في إخضاع ظروفه لإرادته.
ويمكن ملاحظة خصال للعرب في أوربا-النمسا- بما يلي:
الشرنقة
فانه يبني لنفسه أو لعائلته بيتا معزولا قويا يقيه شر العواصف ولا يفكر بالخروج منه إلا للمتطلبات الحياتية، فيكون ذلك كالشرنقة التي تلتف حوله فتخنقه بدلا من حمايته كما أراد.
الازدواجية
يتبع المهاجر العربي سلوكين متناقضين احدهما للتظاهر والاستهلاك الخارجي يتصف بالكياسة والانصياع-التحضر-، والآخر للقمع الداخلي ويتصف بالتقليدية والنمطية في العادات والتقاليد و بالعنف احيانا, وبين السلوكيين تتكون شخصية فريدة في تناقضها وعدم اندماجها وتصالحها مع نفسها قبل مع ما حولها, تقفز من تطرف إلى تطرف مضاد دون توقف, دون مبرر اللهم إلا بعض الحجج الواهية- وهي من باب مش حالك-
فقد البوصلة
يحاول المغترب أن يقلص من إمكاناته بشكل ارادى, كأنه يعاقب نفسه على ذنب لم يقترفه, ويضخم من إمكاناته كأنه يعاقب الآخرين على موقفهم منه، وهذه الحركة من التقليص للتضخيم تنعكس على أنماط سلوكه اليومي حتى يصعب التعرف على حقيقته. وحتى عندما يخرج من الشرنقة وينتقل إلى ترف النخبة ويصبح قادرا على المشاركة مخترقا المحرمات النفسية أمامه وخلفه يحمل معه في عملية الانتقال الخصال الثلاث تلك كالوشم على جبينه ويفشل في تجاوزها وهو بريء منها ويفقد حينئذ بوصلته بل كل البوصلة
إنها الضريبة التي لابد له من دفعها مكرها إذا أراد البقاء غريبا والفدية التي يفتدي بها نفسه حين يقع في المحن والمآزق
فالغرب ليس وعاء العلم، ولقمة تقيم الأود فحسب، بل إنه مصنع اتخاذ القرارات، ويخطي من يظن أن مصير أمتنا مرهون فقط بها في ظل عالم هيمنت فيه العولمة والرأسمالية السياسية على تاريخه و جغرافيته.
وقد نقلت الجاليات العربية في الغرب بيئتها معها، لتخيم هنا محاولة الحفاظ على هويتها، ولم تفكر مثلما فكرت الجاليه اليهودبه في أن يتجذروا في هذه المجتمعات، بالرغم من وقوف الغرب لهم- داخليا- وليس كما يبدو لنا من محاباة وتعاطف
والجاليه اليهودبه تدرك ذلك جيدا،ولكنهم حموا أنفسهم ليس فقط من العداء ولكن أيضا من حتي التصريح به – بقانون- العداء للسامية- ليستطيعوا في النهاية أن يتخلصوا قوانين لحمايتهم في الغرب وفي الشرق-دولتهم-.
إن العرب والمسلمين الموجودون في الغرب لايستطيعون التجذر مثلما تفعل أي شعوب برماجتيه أخري لأننا نحن العرب والمسلمون أمامنا عوائق هي التي تجزرت
ولا اعني هنا العوائق الشرعية مع انه لاينكر عاقل مدي واقعيتها
ولكن هناك ملاحظة مهمة جدا ألاهي التباين الواضح بين المسلمين العرب والمسلمين الأعاجم
– وأتحدث هنا عن صديقة مسلمة صينية الكل يري فيها سماحة وعالمية الإسلام وتطبيقه وحضارة الغرب وتطبيقاته وهي مسلمة فقط منذ خمسة عشر عام وربما اقل
فهل نحن نفهم الغرب وثقافته وبالتالي حتي الاندماج معه وليس التجذر فيه؟؟؟؟؟؟؟؟
الثقافة في اللغة العربية أساسا هي الحذق والتمكن،- وثقف الرمح أي قومّه وسواه- ويستعار بها للبشر فيكون الشخص مهذباً ومتعلماً ومتمكناَ من العلوم والفنون والآداب فالثقافة هي إدراك الفرد والمجتمع للعلوم والمعرفة في شتى مجالات الحياة ؛ فكلما زاد نشاط الفرد و مطالعته و اكتسابه الخبرة في الحياة زاد معدل الوعي الثقافي لديه، وأصبح عنصراً بناءً في المجتمع
ووفق المفهوم الغربي تشير معني الثقافة انها ثقافة المجتمعات الإنسانية، وهي طريقة حياة تميز كل مجموعة بشرية عن مجموعة أخرى. والثقافة يتم تعليمها ونقلها من جيل إلى آخر؛ ويقصد بذلك مجموعة من الأشياء المرتبطة بنخبة ذلك المجتمع أو المتأصلة بين أفراد ذلك المجتمع، ومن ذلك التقدم العلمي ،النظام والترتيب، الموسيقى، الفنون الشعبية ، التقاليد المحببة، بحيث تصبح قيما تتوارثها الأجيال ومثال ذلك الكرم عند العرب ، الدقة عند الأوروبيين , أو رقصات أو مظاهر سلوكية أو مراسم تعبدية أو طرق في الزواج
نفهم من التعريفين أن أوجه التشابه كثيرة وبلا حدود إذا أردنا أن ننظرالي – الجزء المملوء من الكوب – بمعني هيا بنا ندعم من الأشياء المشتركة في ثقافتنا ولنبدأ بأولها وأهمها علي الإطلاق وهي التقدم العلمي بمعني تدعيم ثقافة العلم والتعليم وأهميته لكل أبناء الجالية
والتعليم في المدارس الأوروبية-النمساوية- له طريق واحد وهو إتباع المدارس في كل شئ من ثقافة احترام الآباء والأبناء لكل قواعد النظام في المدارس وثقافة عمل الواجبات والعمل داخل الحصص بما يمليه المدرسون بل والتمتع باللهو واللعب في التعليم الخ ………..
هناك نسب لا بأس بها من أولاد العرب في المدارس المهنية أو بالتعليم المتوسط دون الجامعة وهذا يكون مقبول جدا إذا كان واقعي بمعني أن يكون هذا هو مستوي تحصيلهم وليس بمعني أن يكون نتاج لاستهتارهم بالعلم وأهمية الحصول علي قدر عال وكاف من التعلم وبالجدية التي يستحقها العلم الذي نلمس جميعا في- بلادنا الأم- مدي التردي الذي وصل إليه وأن الله عز وجل سيحاسبنا علي مدي اجتهادنا في استغلال هذه الفرص في التعليم الممتاز كما ونوعا والتي يحسدهم عليها في بلادنا القاصي والداني
ففي النهاية العلم والتعلم قيم وثقافة أساسية من أسس عقيدتنا و حضاراتنا وثقافتنا العربية والإسلامية ولابد أن نجدد التشبث بهم والي الأبد فلن تقوم لنا قائمة إلا بالعلم
وإذا انتقلنا من ثقافة التواكل والاعتماد علي من يحقق لنا تطلعاتنا وبدأنا فقط بأنفسنا فقط ببيوتنا فقط بأولادنا سيعوضنا بهم الله خيرا و سيجئ منهم من ننتظره منذ عشرات السنين ولا يجئ
وللحديث بقية
الكانبه .. فاطمة حنفي .. فيينا
مقالات أخرى للكاتبه
إمبراطورية الأميين
في انتظار مالا يجئ