لقد فوجئ المسلمون في السويد وأوروبا، ومعهم أصوات الحكمة والاعتدال في هذه القارة والعالم الإسلامي، بنشر رسم مسيئ للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في وسيلة إعلامية سويدية. وما لا شكّ فيه؛ أنّ امتهان المعتقدات الدينية والنيل من المقدسات يبعثان برسالة خاطئة، في الوقت الذي ينبغي أن تتضافر فيه الجهود لتشجيع ثقافة الحوار والتفاهم المتبادل.
وما زاد الأسف بهذا الشأن، أنّ الإساءة الجديدة جاءت هذه المرة في السويد، الدولة التي تتميّز بعلاقاتها الجيدة بالمسلمين، والتي استطاعت بسياستها الحكيمة أن تنهج سياسة أكثر اعتدالاً في تعاملها مع المسلمين والعالم الإسلامي، كما كانت من البلدان التي سبقت إلى تشجيع التواصل الثقافي وإطلاق مبادرات الحوار بين الحضارات.
إننا في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وإزاء هذا التطوّر المؤسف، لنرى أنّ هذه الإساءة المدانة لا تخدم سوى حمى التشويه التي تحاول النيل من الإسلام ومقدّساته، وتعمل على تقطيع وشائج التفاهم والصلة الحسنة بين السويد من جانب ومسلميها والعالم الإسلامي من جهة أخرى. كما تلك الإساءة تمثل انتهاكاً لقيم الاحترام المتبادل والتفاهم، التي نعلي جميعاً، من شأنها ونرى أنها لا ينبغي أن تكون موضع تساؤل.
إنّ حملات التشويه والتحريض ضد الإسلام والمسلمين من هذا النوع، تشكل خروجاً صارخاً على متطلبات احترام التنوّع الإنساني والتعايش الودي بين الأديان والثقافات في عالمنا، وهي دعوة مفتوحة لإيقاظ نوازع الكراهية المتبادلة وإيغار الصدور بما لا يخدم المصلحة الإنسانية المشتركة.
ولا يخفى في هذا الصدد ما تسبّبت به موجة الإساءة البالغة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم التي جرت في السنوات الأخيرة، من جرح بالغ لمشاعر 1.4 مليار مسلم حول العالم، وبضمنهم مسلمو أوروبا ومعهم الكثير من أصوات الحكمة والاعتدال، الذين فجعتهم حملات الإساءة المتصاعدة هذه وأثارت قلقهم.
ولقد أظهرت أزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي نشبت قبل قرابة سنتين (2005 ـ 2006)، الوتيرة التي يمكن أن تتسارع فيها التطوّرات المؤسفة في “قريتنا الكوكبية”، وكيف تتسبّب المواد الإعلامية غير المسؤولة في اندلاع أزمات تخيم على العلاقات داخل الأسرة الإنسانية الواحدة في عصر العولمة بكل ما يتخلل ذلك من تجاوزات غير مقبولة.
لقد لمس الجميع كم تسببت حملة الإساءة المتواصلة للدين الإسلامي ومقدساته وأحكامه، من انعكاسات سلبية وتدهور مؤسف وردود أفعال غير منضبطة، خاصة مع الانطباع الذي تشكّل لدى قطاعات واسعة من المسلمين من أنّ بعض المستويات الحكومية في أوروبا بدت وكأنها توفر الذرائع لما يجري من تجاوزات جارحة أو حتى تشجعها، وهو ما نعتقد أنه لا يسري على السويد التي يُنظر إليها باعتبارها تبقى نموذجاً في السعي إلى التفاهم وتكريس التسامح والتقارب، كما كان لحكومتها موقفا منددا لما قامت به الصحيفة متمثلا في رفض الحكومة إعطاء أي حماية لمن يقف وراء هذا الرسم أو يقوم بنشره.
وعليه؛ فإننا في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا:
أولاً ـ نعرب عن استيائنا البالغ إزاء هذا الرسم المسيء لشخصية إسلامية مقدسة، والتي تمثل خروجاً على تقاليد الانفتاح والاحترام للتعددية التي تميّزت بها السويد، وهي الرسوم التي تعكس روحاً تحريضية ومثيرة للضغائن لدى القائمين عليها، لا تخدم التفاهم المتبادل أو روح التواصل والحوار في فضائنا المجتمعي.
ثانياً ـ نطالب الجهة القائمة على تلك الإساءة بالتراجع عن خطوتها المدانة تلك، والوقوف عند مسؤولياتها المهنية والتزاماتها الأدبية والأخلاقية في هذا الشأن، مع تنصّلها الواضح من ذلك المساس السافر والاعتذار عنه.
ثالثاً ـ نؤكد أنّ هذه الإساءة الجديدة لا يمكن أن تعبِّر عن السويد، دولة وشعباً وثقافة، ولا يمكن تعميمها، ونتابع موقف السويد حكومة وشعبا التي تعتزّ بقيمها ومبادئها المعلنة في الانفتاح والاعتدال ورفض الكراهية والذي قام بالاستهجان هذا العمل.
رابعاً ـ نهيب بالمسؤولين والمثقفين وعلماء الدين ورجاله، وكذلك بالإعلاميين وقادة الرأي، بأن يقوموا بدورهم الأدبي في التصدي لموجة كراهية الإسلام والمسلمين الراهنة، وتشجيع الوفاق والتفاهم المتبادل على شتى الأصعدة، لافتين الانتباه إلى فعالية المبادرات الإيجابية المتجددة في في احتواء مساعي الإساءة والتشويه والتحريض.
خامساً ـ نرفض المحاولات التي من شأنها أن تيقظ النزعات البدائية السلبية، أو إذكاء الشقاق والخصام والعداوات المتبادلة، كما نحذِّر من الانجرار إلى ردود أفعال مسيئة للمسلمين ودينهم، مشددين على أنّ أي تصرّف من هذا الشأن لا يخدم سوى الصور المشوّهة عن الإسلام والمسلمين ويمثل إذكاء لتلك الصور النمطية الكريهة.
سادساً ـ نؤكد أننا شركاء لكل المساعي الحكيمة وسنداً لكافة الخطوات الرشيدة؛ الرامية لكبح جماح حالة الكراهية المتصاعدة، وموجة النيل من الدين الإسلامي والاحترام المتبادل، معربين عن حرصنا على كل ما يحقق الصالح العام لخير المجتمعات الأوروبية وعالمنا التعدّدي.
سابعاً ـ نرى أنّ حملات الإساءة والتشويه والتحريض ومحاولات إثارة الضغائن والأحقاد؛ إنما تتغذى على الجهل والافتقار إلى المعرفة الحقة وشيوع الأحكام السلبية المسبقة، ومن هنا تتجدّد الحاجة إلى التعرّف على الدين الإسلامي وعلى شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرته الكريمة من المصادر العلمية والمعرفية البعيدة عن الإثارة أو التشويه أو التحامل.
4 سبتمبر 2007
اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا
تصريح رئيس وزراء السويد بخصوص الموضوع T
Uttalande av statsminister Fredrik Reinfeldt
Uttalande av statsminister Fredrik Reinfeldt med anledning av diskussionen om den i Sverige publicerade karikatyren, vid möte i Stockholms moské med företrädare för muslimska organisationer i Sverige.
– Sverige är ett land där människor av olika tro kan leva tillsammans sida vid sida. Grunden för denna vår samhällsmodell är ömsesidig respekt och förståelse, men också en vilja till gemensamt avståndstagande mot såväl kränkande handlingar som våldsdåd eller aggressioner. Grunden för vår samhällsmodell är också att politiken inte ska sätta sig till doms över tryck- och yttrandefriheten, som är en omistlig del av vårt land och vår demokrati.
– Viljan till provokation får inte ta över viljan till dialog. Då riskeras möjligheten till förståelse och möten mellan olika kulturer eller religioner. Att människor nu tagit illa vid sig eller känner sig kränkta är jag den första att beklaga. För egen del skulle jag aldrig medvetet agera på ett sätt som uppfattas provocera eller kränka andra religioner.
Statement by Prime Minister Fredrik Reinfeldt concerning the discussion of the cartoon published in Sweden
“Sweden is a country where people of different faiths can live together side by side. The foundation of this, our social model, is mutual respect and understanding, but also a desire for joint repudiation of offensive acts as well as acts of violence or aggression. Our social model is also based on the premise that politicians must not pass judgement on freedom of the press and expression, which are inalienable components of our country and our democracy.
“The will to provoke must not overpower the will to engage in dialogue. Should it do so, it would jeopardise the potential for understanding and meetings between different cultures and religions. Let me be the first to express regret that people have now been upset or offended. Personally, I would never consciously act in a way that is perceived as provoking or offending other religions.”
Stockholm 4 September 2007
كيف نتعامل مع الإساءة للإسلام والمقام النبوي الشريف؟
(في أعقاب الإساءة التي جرت في السويد)
لقد كان لتجربة الدانمرك آثارا واضحة على العلاقة بين الاسلام والمسلمين وأوربا سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. وقد خرج الجميع من هذه التجربة أن الصراع بين الاسلام والغرب لا يخدم البشرية ومصالحها سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، وأن وما ترتب على ذلك من توتر في العلاقات سواء على المستوى الرسمي والشعبي في أوروبا وفي العالم الاسلامي ليس مجديا. ولذك وجب علينا جميعا سواء كمسلمين في أوروبا أو خارجها، وعلى المستوى الرسمي والشعبي أن نعاج هذا الموضوع بشيء من الحكمة بعيدا عن الانفعالية والترسع. ولهذا الغرض فإن اتحاد المنظمات الاسلامية في أوروبا يتقدم بهذا التصور راجين منكم أن تأخذوه بيعن الاعتبار في اجتماع هيتئتنا الموقرة.
تصور اتحاد المنظمات اسلامية في أوروبا في التعامل مع هذا الملف:
نريد بهذه الرسالة أن نضع تصورا يتم التعامل من خلاله مع هذه –الظاهرة- ظاهرة النيل من رسولنا الكريم، والتي قد تتكرر في أكثر من مكان، بأسلوب آخر غير الذي اعتمد في الدانمرك، نستطيع من خلاله أن نطوق الأزمة ونفوت الفرصة على الذين يصطادون في الماء العكر ويريدون أن يزرعوا بذور الفتنة بين المسلمين وغيرهم، وتكون رسالة واضحة لهم أن هذا الأسلوب لم يعد مجديا. ولذلك يجب علينا أن نستثمر هذا الحادث بشكل أفضل نستطيع من خلاله أن نخدم الاسلام والمسلمين على المستوى الأوروبي والعالمي.
وبناء على ما ذكر فإننا نقترح اعتماد الحوار كوسيلة أساسية لمعالجة هذه الأزمة، وخاصة أن الحكومة السويدية لها موقف رافض لهذه الرسوم سابقا وحاليا، عبرت عنه من خلال زيارة رئيس الوزراء لمسجد الشيخ زايد في استكهولم ولقاءه بممثلي المسلمين في السويد. كما رفضت وزيرة الثقافة تبني حماية لمن يقف من وراء هذه الصورة.
هذا ومن خلال هذا الأسلوب فإننا سنظهر نموذجا آخر في التعامل مع مثل هذه القضايا في أوروبا قد تكون آثاره الايجابية على الاسلام دعويا وسياسيا ويحقق نتائج أفضل.
كما نريد بهذا الصدد أن نذكر بأن واقع السويد يختلف عن الدانمرك جوهريا. فالحكومة السويدية لها موقف واضح من الرسومات، كما أن علاقتها بالاسلام والمسلمين سواء على المستوى المحلي أو العالمي إيجابي ومشجع. أضف إلى ذلك إلى أننا في أوروبا نريد إبراز النموذج السويدي الرسمي في التعامل مع الاسلام والمسلمين ليأخذ مواقع متقدمة على مستوى الأوروبي كبديل عن التيارات المناهضة للاسلام والداعية إلى المزيد من محاصرته في أوروبا بذرائع مختلفة .
وإزاء ذلك؛ فإنّ “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” يودّ لفت الانتباه إلى الأبعاد الهامة التالية:
أولا ـ إنّ التطاول على الدين الإسلامي ومقدّساته، والتعدِّي على المقام النبوي الشريف، مما يشي بروح عنصرية ذميمة، وينطوي على انتهاك سافر للقيم والمبادئ والأخلاقيات المرعية، علاوة على أنها محاولة تقويض خطيرة لفضاءات التفاهم الإنساني المشتركة. إنّ ذلك يقتضي بكل تأكيد الإدانة الواضحة لتلك الإساءات وشجبها بأقصى العبارات والتنبّه لمراميها وعزل القائمين عليها.
ثانياً ـ لا غنى عن الحوار والتواصل لاحتواء نزعات التحريض والتشويه، التي ترمي إلى عزل المسلمين ودينهم عن المشهد العام التعددي. ومن الخطأ الجسيم تمكين محاولات التحريض والتشويه تلك من قطع وشائج الصلة بين المسلمين وغير المسلمين، أو تغييب دور المسلمين الإيجابي والفاعل في مجتمعهم ودولتهم، سواء في السويد أم في أوروبا ككل.
ثالثاً ـ إنّ مسلسل الإساءات المتكرِّرة للرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، يبرز أهمية إيلاء عناية فائقة، للتعريف بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وبالرسالة التي جاء بها من عند الله جلّ وعلا. فهذا المسلسل المستهجن من الإساءات لخير البرية، عليه الصلاة والسلام؛ إنما يستدعي من المسلمين بعامة، ومن المسلمين في أوروبا على وجه الخصوص، ومن العلماء والخبراء المنصفين؛ وقفة جادة ومسؤولة، تعريفاً بهذا الرسول الكريم، الذي بعثه الله رحمة للعالمين. ولا يخفى ما عبّرت عنه المجتمعات الأوروبية من رغبة جامحة في الفهم والتعرّف على الإسلام والثقافة الإسلامية إثر أزمات السنوات الماضية، وهو ما يقتضي توفير أعمال مقروءة وبرامج إعلامية وثقافية تتجاوب مع ذلك بشكل رشيد ومثمر.
رابعاً ـ إنّ مكافحة التشويه والتحامل، وإبراز الحقائق والتعريف بها هما الردّ الأبلغ، من ضمن جملة الردود الأخرى، على رسالة التشويه والإساءة التي حملتها رسوم الكراهية تلك. ذلك أنّ المعرفة هي التي تقطع الطريق على مثيري المزاعم الباطلة، وهي التي تنير ظلمات الجهل بالحقائق في عصر العلم والمعلومات. ولا يخفى أنّ محاولات الإساءة للمقام النبوي الشريف؛ إنما تستهدف ضمناً النيل من رسالة الإسلام السامية، والتطاول عليها، والتحريض ضدها، في الوقت الذي يتيقّن فيه الجميع، أنّ هذا الدين الحنيف، قادرٌ على جذب العقول والقلوب إليه، رغم زخم التشويه المتزايد.
خامساً ـ لقد اتضح أنّ هناك من يلجأ إلى هذه الإساءات المدانة ومثيلاتها، من أجل دقّ الأسافين وإثارة الضغائن المتبادلة بين المسلمين ومجتمعاتهم الأوروبية، وكذلك بين أوروبا والعالم الإسلامي. وبهذا فإنّ المسؤولية تُملي على كافة الأطراف المعنيّة أن تتنبّه لما يُحيكه الحالمون بصراع الثقافات، وأن تتداعى لعزل تلك الإساءات وتفويت الفرص على مشعلي الحرائق في فضائنا الإنساني المتنوِّع.
سادساً ـ يبدو واضحاً أنّ رسوم الكراهية هذه؛ إنما ترمي إلى الإساءة البليغة إلى السويد وقيمها وتجربتها الإيجابية. فقد عبّر هذا البلد طويلاً عن إرادة الحوار وروح الوفاق مع المسلمين والعالم الإسلامي، وانتهج مسلك التواصل الحميد مع الثقافة الإسلامية، بما حاز تقدير المسلمين الذين يشكلون اليوم مكوِّناً فاعلاً من المجتمع السويدي التعدّدي والمتناغم. وإنّ ذلك يفرض على كافة الأطراف أن تعمل على تعزيز تجربة الوفاق والتواصل الإيجابي هذه، وعزل نزعات التحريض والكراهية التي تشي بها الرسوم المسيئة.
سابعاً ـ إنّ المسلمين، وبخاصة في القارة الأوروبية، مطالبون اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بأن يعملوا على عزل مشعلي الحرائق بين أبناء المجتمع الواحد والنافخين في نار الأحقاد والمحرِّضين على الكراهية، وهو ما يستلزم الحذر من تعميم الأوزار، كما يقتضي حثّ العقلاء واستنهاض الحكماء من غير المسلمين أيضاً، من المؤسسات والتجمعات وقوى المجتمع المدني والمسؤولين والأفراد، كي يساهم الجميع وبشكل مشترك في قطع الطريق على المتربصين بثقافة الوفاق والساعين إلى الخصام والشقاق.
ثامناً ـ إنّ المسؤولية إزاء محاولات الإساءة هذه؛ تقتضي الحذر من الانجرار إلى ردود أفعال تذكي تلك الإساءات وتفاقمها، وتحقق للمحرِّضين ضد الإسلام بعض ما يَصبُون إليه من الخصام والتباعد بين المسلمين وغير المسلمين، وإظهار الثقافة الإسلامية لصيقة بإرادة العنف والنزوع إلى الغضب الجامح. إنّ محاولة استلاب وعي الجمهور في السويد، وأوروبا والغرب عموماً، لصالح التشويه والتحامل؛ يقتضي تبصرة العقول وكسب القلوب؛ لا شحن النفوس والإلقاء بها إلى مرتع الخصام والتنابذ.
تاسعاً ـ لا يخفى أنّ هذه النزعة المتطرِّفة من التحامل والإساءة بحق الإسلام، التي أطلّت من نافذة رسوم الكراهية هذه، سبق وأن عبّرت عن نفسها في التاريخ الأوروبي الحديث بصور شتى في حقل الإعلام والفنون ورسوم الكاريكاتير. وقد اكتشفت أوروبا خطورة ذلك المنحى العنصري ومآلاته، وما أفضت إليه ثقافة الكراهية والأحقاد تلك من عواقب وخيمة وانتهاكات خطيرة وفظائع، مثل ما جرى في النصف الأول من القرن العشرين. ولذا فإنّ دروس التاريخ القريب وعِظاتِه تقتضي عدم التساهل مع أعمال التحريض والكراهية التي تستهدف المسلمين هذه المرّة، والعمل على تطويقها بمزيد من التماسك المجتمعي وتجسير الفجوات، مع تجريم تلك التجاوزات والإساءات.
عاشراً ـ إنّ المسؤولية الذاتية للإعلاميين ووسائل الإعلام، وكذلك للفنانين والقطاعات الفنية، تقتضي الحذر من أن تتسلل مساعي الإساءة وإثارة الأحقاد ونشر الكراهية، ولا شكّ أنّ التذرّع بحرية التعبير يبقى واهياً أمام تلك المحاولات المدانة، لأنّ الحرية تقتضي المسؤولية، وهذه المسؤولية لا تتجزّأ. ومما يتوجّب التحذير منه؛ أن يتحوّل التذرّع بحرية التعبير إلى وصفة لإثارة الأحقاد والكراهية وملجأ يغتنمه العنصريون وغير المتسامحين. وإنّ ذلك مما يتعيّن كذلك تأكيده في مواثيق الشرف التي تتنّباها قطاعات الصحافة والإعلام والفنون، وتفعيله في التزاماتها الأدبية وممارساتها العملية.
حادي عشر ـ إنّ الأطر الجامعة والمؤسسات الإسلامية الكبرى، أوروبياً وعالمياً، مطالبة بأن تتداعي إلى التوافق على السبل الأنجع للتعاطي الواعي مع موجة الإساءة والتشوية، وحملات الاستعداء والتحريض، وأن تضع تصوّرات مشتركة ترقى لأهمية هذه التطوّرات المقلقة ولكيفية قطع الطريق عليها واحتوائها بشكل حكيم.
ثاني عشر ـ يتوجّب العمل على استنهاض الجهود الرامية لتجريم هذه الإساءات البليغة وحمى التشويه التي تستهدف الإسلام ومقدساته، على المستويات الأوروبية والدولية، وتطوير ما تحقق حتى الآن من تحركات ومقررات في هذا الجانب، مع الإشارة إلى الأدوار والمسؤوليات الملقاة على عاتق المستويات الرسمية والجهات المختصة في هذه الشؤون.
اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا
5 سبتمبر 2007
زيارة رئيس الحكومة السويدية لمسجد الشيخ زايد في استكهولم P
قام رئيس الحكومة السويدية السيد فردريك رانفلد بزيارة لمسجد الشيخ زايد في استكهولم اليوم الثلاثاء الرابع من سبتمبر 2007. وكان في استقبال رئيس الحكومة السيد محمود خلفي رئيس الرّابطة الإسلاميّة في السويد والسيدة هيلينا بن عودة رئيسة المجلس الإسلامي السويدي.
وتأتي هذه الزيارة تماشيا مع التصريحات السابقة للسيد رانفلد والوعد الذي قطعه على نفسه بالعمل ما في وسعه للسيطرة على أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والحيلولة دون تطورها بحيث تؤثر على التعايش السلمي بين مختلف فئات المجتمع السويدي من مسلمين وغير مسلمين.
وبعد جولة داخل المسجد، التقى رئيس الحكومة ممثلي الجمعيات الإسلاميّة في السويد ورئيس اتحاد المنظمات الإسلاميّة في أوروبا السيد شكيب بن مخلوف.
وشاهد رئيس الحكومة عرضا مختصرا يعرّف بالرّابطة الإسلاميّة في السويد وبالمجلس الإسلامي السويدي ثم دار حوار مفتوح مع الحضور.
وقد أوضح السيد رانفلد أنه مضطر للتعبير عن موقفين متلازمين، فهو يتعاطف مع المسلمين نظرا لتعرضهم ورسولهم لإهانة كبيرة، ويعتبر من غير المناسب نشر تلك الرسوم وفي نفس الوقت هو رئيس حكومة منتخب وملتزم بالقانون والأعراف السويدية ومن بينها حرية النشر والتعبير. فهو كرئيس حكومة لا يتحكم في ما تنشره الصحف السويدية.
وقد عبّر ممثلي المؤسسات الإسلامية عن شكرهم وتقديرهم للخطوة التي قام بها رئيس الحكومة، وهي تشد أزرهم في التمشي الذي اختاروه وهو التعبير عن سخطهم وغضبهم من نشر الرسوم المسيئة في نفس الوقت الذي يحرصون فيه على حصر القضية داخل السويد. فالسويد كحكومة وشعب غير مسؤولة عن نشر الرسوم، فمن غير المناسب تحميل كل الشعب جريرة شخص أو صحيفة. فكما اعترض المسلمون عن تعميم شبهة الإرهاب بكل المسلمين في أوروبا على إثر اعتداءات مدريد ولندن، ينأون بأنفسهم عن التعميم.
كما أكد ممثلو الجمعيات الإسلامية الحاجة لإدارة حوار جدي داخل المجتمع عن حرية النشر والتعبير وعلاقتها باحترام الأديان والمقدسات.
وفي نهاية اللقاء كان لرئيس الحكومة جلسة مع مسؤولي الجمعيات الإسلامية الشبابية تبادل معهم أطراف الحديث.
تمام الإصبعي
الرابطة الإسلامية في السويد
قسم الإعلام