“شو لسه ابني ما طلع من الغرفة، صارله نص ساعة عند العروس، أبصر شو مال بنتك، يلا رجعيلنا مصرينا…، وأخذت تدق على باب الغرفة، وصاحت على ابنها العريس: شو يما خيبت رجاي فيك وما طلعت زلمه، اطلع من عند العروس خسرنا مصرينا على الفاضي، واستمر صراخها ودقها على باب الغرفة: اطلع شكله العروس مش بنت، افتح الباب بدي اشوف البشكير، وكانت أم العروس تبكي بحرقة بسبب ما فعلته أم العريس في ليلة دخلة ابنتها، واتهام أم العريس لابنتها بأنها غير شريفة.
وهذه صورة أخرى لإحدى مربيات الأجيال التي قالت:”بتعرفي بعد ليلة الدخلة قامت جارتنا بنشر بشكير ليلة الدخلة في الصباحية على حبل الغسيل، لأنها إذا لم تفعل ذلك، كيف ستثبت أنها شريفة، وأنها كانت عذراء قبل لليلة الدخلة”.
وخلال عرضي لفكرة المقال على صديقة لي من إحدى الدول العربية، وهي حاصلة على شهادة الدكتوراه، والتي صدمتني هي الأخرى عندما أكدت لي أنها استخدمت البشكير في ليلة دخلتها، ولكنها لم تدري في حينها لماذا استخدمته، لان العائلة أجبرتها على استخدامه، لكي يثبتوا للجميع أن ابنتهم عذراء، علما أن مهنة زوجها هي الطب.
وعندما استفسرت عن استخدم عادة البشكير في ليلة الدخلة في عدد من المناطق في الضفة الغربية أو قطاع غزة، كان هناك إشارة إلى وجود هذه العادة ولكن ليس في كل المناطق، و تختلف من مكان إلى آخر في طريقة التصرف معها، لأنها تعتبر حساسة وحاسمة بالنسبة لشرف المرأة واستمرارها في الحياة.
وبشكير ليلة الدخلة هو عبارة عن فوطة أو منشفة بحجم صغير جدا، تجبر المرأة على استخدامه من قبل أهلها وعائلة الزوج، لكي تثبت من خلال هذا البشكير أنها كانت بنت بكر وعذراء، وأنها أصبحت امرأة في تلك الليلة.
ويجب أن يحمل البشكير عند من يستخدمونه موصفات معينة، وان لا تتعدد ألوانه فهو فقط يحمل اللون الأبيض، وهو ذو حجم صغير جدا، وتنعدم الوسيلة أحيانا في الوصول إلى البشكير لأنه قد يكون غير موجود في الأسواق، وقد يؤخذ عوضا عنه البشكير الذي يستخدم للأطفال مع التأكيد على أن يحمل اللون الأبيض.
وفي بعض المناطق وتحديدا في ليلة الدخلة يختلي العريس بالعروس، وتتكدس العديد من نساء عائلتي العروس والعريس وبعض الجارات الفضوليات، بانتظار خروج البشكير الذي يثبت من وجهة نظرهم شرف العروس، وما أن يتم إخراج البشكير من غرفة الزوجين بعد الدخلة، حتى تقوم النساء بإطلاق الزغاريد، أم العريس في إعلان أن ابنها ذكر ممتاز، وأم العروس في إعلان أن ابنتها شريفة وعذراء.
وتحتفظ تلك الزوجات بهذا البشكير في عادة متوارثة على مدار أجيال، وذلك في اعتقادهن أنهن يثبتن شرفهن عند وقوع مشاكل تتعلق بسمعتهن مع الزوج أو أهله حيث تقوم الزوجة، ولو قارب عمرها على الخمسين عاما بإخراج بشكير ليلة الدخلة لكي تثبت لهم أنهم أخذوها عذراء، وإنها شريفة.
وبعض أمهات الأزواج قد يشهرن البشكير امام بعض الزائرات اللواتي قدمن إلى من اجل المباركة، وتقول لهن ” أخذناها شريفة وابني فحل”.
وفي بعض المناطق سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة يتم استقدام إحدى العرافات، وذلك إذا لم يفلح الزوج في الليلة الأولى من زواجه ولم يخرج البشكير، وتبدأ العرافة في تلاوة التمائم في المكان، وذلك بحجة أن العروس بها مس أو جن، وهذا ما يزيد الحالة النفسية سوءا لدى العريس والعروس، حيث لا تتم الدخلة إلا بعد فترة.
وقد تصل الأمور في بعض المناطق إلى قتل العروس، وذلك بسبب عدم إثبات عذريتها على ذلك البشكير، وغالبا ما يكون السبب في ذلك سبب طبي، ويثبت الطبيب الشرعي عذرية العروس لدى بعض العائلات التي تتفهم لتلك الأمور، أما عائلات أخرى فإنهم يقومون بأخذ العروس إلى بيت أهلها ومن ثم يقومون بذبحها هناك.
ومهما تكن ثقافة بعض الأزواج أو مستوى تعليمهم، فإنهم في موضوع البشكير تحديدا يخضعون للعادات والتقاليد، وينتظرون أن يروا إثبات شرف المرأة على بشكير ليلة الدخلة، وخلال نقاشي مع احد الكتاب حول هذا الموضوع قال لي” يعني المرأة كيف بدها تثبت شرفها، الدين بحكي اتقوا الشبهات، فقلت له: هل استخدمت نساء النبي البشكير في ليلة الدخلة؟ فأجاب: نساء النبي حالة خاصة وهن منزهات!؟.
ولا أجد حرجا في ان اطرح مثل هذا الموضوع عليكم، لان هناك مواضيع خاصة بالمرأة تطرح من ناحية دينية على المنابر في خطبة الجمعة، ولا أجد عيبا في ذلك، لان ديننا يرشدنا إلى فعل ما يليق بالآدمية البشرية، ولكن الموروث الاجتماعي والثقافي، على ما يبدو انه أقوى في بعض المناطق من الدين نفسه.
ولا أنسى ان أشير إلى ان هناك بعض المناطق والعائلات التي تترفع عن استخدام البشكير في ليلية الدخلة وتعتبر ذلك امتهان لحقوق المرأة.
واطلب من بعض المؤسسات الأهلية العاملة في فلسطين، والتي ترفع شعارات دعم وتأييد المرأة والدفاع عنها، ان تكون صادقة وحقيقية في طرح ما تحتاجه المرأة الفلسطينية على وجه التحديد، وأقول لهم يكفي بيع وشراء في حقوق المرأة، حسب طول وعرض التمويل، كن حقيقيات في طرح معاناة المرأة، فلا تقتصر معاناة المرأة على الضرب، أو القتل سواء على شرف العائلة أو لأنها امرأة و ضلع قاصر، ولكن هناك استلاب قديم جدا ومتوارث لحقوق المرأة، وأقول عندما تنتهك حقوق المرأة منذ الليلة الأولى في زواجها ، إذن عن أي حقوق تتحدثن بالله عليكن؟
أخواتي وأخوتي، ممن يؤمنون بفكرة استخدام البشكير في ليلة الدخلة، أنا لم اكتب مقالي هذا من اجل مهاجمة جزء من عاداتنا وتقاليدنا ولا بقصد التهكم، اوالتطرق إلى مواضيع تثير الأحاسيس، فما سردته لكم هو أمر تعيشه ويعيشه العديد من الأزواج في ليلة زواجهم الأولى، فمنهم من يصرحون بذلك، ومنهم من يبقون الأمر في طي الكتمان، وهنا أسألكم هل هناك نص ديني واحد أو إشارة أو تلميح، يشير إلى وجوب استخدام البشكير في ليلة الدخلة، وأقول لكم كفاكم امتهان لكرامتكم، لان هذا فيه امتهان لحقوق الرجل والمرأة سويا، واذكر لكم جمله قالتها إحدى النساء لي بعد أن علمت بمقتل إحدى الفتيات في ليلة دخلتها بحجة أنها فاقدة لعذريتها ” خسارة قتلوها وطلعت عذراء”.