مازالت قضيه تمكين المرأة سياسيا وتعزيز مشاركتها الفعالة في العمل السياسي منقوصة بشكل ملحوظ، ولا تحظى بمكان لائق على أجندة الأحزاب السياسية الحكومية أو المعارضة بشكل عام في العالم.
فهل تعد مشاركة المرأة في الحياة السياسية مؤشراّ ومقياساّ على تقدم مجتمع ما وتحضره؟ وهل يلزم لتعزيز تواجد المرأة في العملية السياسية داخل المجتمع تطوير مشاركتها في الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني التي تهتم بمختلف قضايا المجتمع أو تسعى إلى فتح الطريق أمام مشاركة المرأة السياسية وإبراز دورها؟ وما كانت المرأة بمعزل عن السياسة مع الألتزام بتعاليم دينها الإسلامى، وأنّى لها الانعزال وهي التي تتلو وتسمع مثل قول الله جل شأنه: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً.. فبايعهن واستغفر لهن إن الله غفور رحيم) الممتحنة
ولكن أذكر فقط وأقول أن النساء فى عهد رسول الله كانت لهن صولات وجولات، وكان لهن دور في الشورى والبيعه…وهذا مالا يستطيع أحد إنكاره. فالإسلام لم يمنع أي امرأة مسلمة من بيعة أو حضور معركة. والبيعة والهجرة مصطلحان ذوا صلة بالسياسة، فهي الآمرة بالمعروف، الناهية عن المنكر، الداعية إلى خير المجتمع، والناقدة المصلحة، الوطنية ذات الغيرة، قال الله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) التوبه
أمينه بولات بجوار والدها أثناء اللقاء
وفي محاولة للاقتراب أكثر من دور المرأة المسلمة داخل مجتمعها كان هذا اللقاء مع أول سياسية محجبه بالنمسا؛ الأستاذة أمينه بولات عضوة الحزب الأشتراكى الديمقراطي الأجتماعي (SPÖ) وممثلة الحزب بمجلس الحي العشرين (برجيتناو) بفيينا.
المولد والمنشاة
أمينه بولات من مواليد مدينة قونيه التركية عام 1982، وقدمت إلى النمسا بصحبة أسرتها وعمرها ست سنوات. وعن قدومها للنمسا تقول بولات: “والدي يعيش فى النمسا منذ أكثر من 30 سنة، كما أن جدي عاش هنا أيضاّ..أما سبب مجيئ أسرتي إلى النمسا فقد كان اقتصاديا بحته، شأنها في ذلك شأن موجات هجرة الأجانب لألمانيا والنمسا في فترة الستينات من القرن الماضي من عدد من الدول الأوربية ومن تركيا والذين عرفوا بالعمال الضيوف.. وبعد استقرار أوضاع والدي هنا بالنمسا قرر اصطحابنا معه إلى هنا، وبدأت أنا التعليم ابتداء من الصف الأول الابتدائي”.
أمينه بولات عضو برلمان الحى العشرون بفيينا
وتواصل بولات: “مع استمرار إقامتي بالنمسا تولدت لدي الرغبة في مواصلة الدراسة الجامعية، وقد شجعتني أسرتني كثيرا للإقدام على هذه الخطوة..فالتعليم بالنسبة للمرأة مسئولية؛ فنحن مسئولون عن مجتمعنا، كما أن النساء مسئولات عن تربية الأطفال، وكلما اتسعت معارف المرأة كلما تحسنت مستويات التربية”. أمينة تدرس بجامعة فيينا في معهدي التاريخ واللغة الانجليزية بجامعة فيينا.
وتقول بولات: “إننى أشعر –وللأسف- أن أحوال الشباب المسلم فى هذا البلد لاتسير بشكل جيد، فهم يعانون من مشاكل ثقافية مختلفة، إلى جانب المشاكل التعليمية أيضاّ.. ومما يؤسف له أن عددا من الشباب لايحمل أهدافا أو رؤى مستقبلية، لأنهم لايفكرون فى هذا المستقبل الذي ينتظرهم، ومن يعطي جانبا من فكره لأبعاد مستقبلية يكون متوجها إلى تحقيق أهداف أو طموحات شخصية بعيدا عن الجماعة.
وأنا أود أن أكون قدوة للآخرين من أبناء جيلي من الشباب والفتيات من خلال العمل الفاعل لدعم طموحات الجماعة بجانب الطموحات الشخصية. فيجب علينا منح الثقة للشباب ويجب أيضاّ إقامة علاقات جيدة مع الشباب حتى لاينحرفوا ويسيروا فى الطريق الأعوج وترى بولات التي تمارس مهنة التدريس بإحدى مدارس الحي العاشر أن مهنة التدريس هامة للغاية، فالمدرس يقف يومياّ لمدة أربع ساعات أمام الأطفال، ولذا فيجب عليه أن يكون قدوة لهم. وأنا أضع الحجاب على رأسي ولا أواجه أية مشاكل مع الأطفال النمساويين أو الأتراك أو الأطفال المسلمين والحمد الله .
تركيا والنمسا
وعبرت أمينة بولات (الحاصلة على الجنسية النمسا) عن الرأي بأن النمسا دولة ديمقراطية، وأن الحالة الاقتصادية بها جيدة مقارنة بتركيا. وأشارت بولات إلى أن الدولة النمساوية تقدم دعم اجتماعي يمكن للمواطن به أن يحيا حياة كريمة فى حالة عدم وجود عمل له (معونات البطالة).. كما أن المواطن النمساوي أو الأجنبي المقيم بالنمسا يتمتع بمظلة تأمين صحي ممتازة إذا ماقورن بالوضع في تركيا. والفرق الأخير بين الدولتين النمسا وتركيا يكمن في عدد السكان؛ حيث أن عدد السكان بالنمسا يبلغ 8 ملايين نسمة فقط، وهو الأمر الذي يمكن من سهولة إلقاء نظرة على كافة الأوضاع التي تمر بها البلاد، أما تركيا فيبلغ عدد سكانها 70 مليون نسمة، ومن الصعب إلقاء نظرة على كافه المشاكل التى تعانى منها المجموعات العرقية الكثيرة والمختلفة هناك. ورغم تفوق النمسا في المقارنة السابقة إلا أن بولات أعربت عن رأيها بأن الأمور تسير فى تركيا إلى الأفضل رغم السير ببطء نوعاّ ما
الاندماج
وتطرقت بولات خلال الحوار إلى أهم قضية تشغل الأقليات بالدول الأوربية؛ وبخاصة الأقليات المسلمة، ألا وهي قضية الاندماج؛ حيث تقول: “مبدئياّ الاندماج يعني المشاركة بإيجابية في المجتمع مع الاحتفاظ بالهوية الثقافية لكل عرق وطائفة.. ويجب إيجاد توازن بين تحقيق الاندماج الإيجابي وبين العادات والتقاليد التي يصطحبها كل من موطنه الأصلي”. وترى أمينة بولات أنها اندمجت فى المجتمع النمساوي؛ “لأنني أحمل الجنسية النمساوية وأعيش هنا منذ أكثر من 16 سنة، والنمسا تعجبني وهى بلدي وأشعر هنا بالطمأنينه رغم وجود بعض نقاط ضعف؛
كان حوار صادقاّ وهادئاّ
مثل مظاهر العنصرية والأحزاب والتيارات اليمينية التى تؤيدها.. وليس لدى النية فى الرجوع إلى تركيا للإقامة الدائمة؛ ولكن أتوجه إليها بصفة دورية لزيارة الأهل..فأنا قررت هنا وبنيت مستقبلي هنا وهذا لايمنعني بالاتصال بتركيا فأنا أتحدث التركيه والألمانية، بجانب اللغة الإنجليزية وأحاول الآن تعلم اللغة العربية إن شاء الله”.
وشددت بولات على ضرورة احترام الأجانب وأهل البلاد على حد سواء لقوانين ودستور النمسا، مشيرة إلى أن ذلك أحد مظاهر الاندماج الناجح. وأضافت أنه لابد أن نكون على اتصال؛ حيث أن الاندماج يعني حق المشاركه فى اتخاذ القرار، “وإذا كنا نرغب فى الاندماج فيجب السماح لنا بالمشاركة فى اتخاذ القرار”. حسب رأي بولات.
ومن أهم أسس الاندماج أيضا – والكلام لبولات- : “الإلمام بلغة البلاد..فاللغة تعد عاملا هاما فى التوصل إلى تحقيق الاندماج..كما أن تعلمنا للغة الألمانية وتمكننا منها يساعدنا دون شك على مناقشة مشاكلنا مع الجهات المعنية، وأمكننا توصيل ثقافتنا للآخرين بصورة صحيحة. ومن هنا يجب دعم تعليم اللغة الألمانية، ويجب النظر بجدية فى تنظيم دورات تعليم اللغة.
ومن جهة أخرى أكدت أمينة بولات على ضرورة إيجاد نوع من التوازن بين منظومة الاندماج وبين العادات والتقاليد، وذلك لا يتأتي إلا من خلال مشاركتنا الإيجابيه فى المجتمع… وتقول: “إن المجتمع النمساوي وحكومة البلاد يعترفون بنا وهناك وضع قانوني متميز فيما يتعلق بحجاب المرأة المسلمة، ولذلك
فأنا على استعداد للتدريس فى مدرسة حكومية نمساوية…فهذا يعني أننا نشارك فى الحياة النمساوية العامة فالاندماج يعني أيضاّ حق الحصول على فرص عمل، ويمكن للمرأة المسلمة سواء ارتدت الحجاب أم لا أن تشارك فى الحياة العامة وأن تمارس عملها والذهاب إلى المدرسه لتتعلم اللغة أو البقاء فى البيت لتربية أطفالها”.
الانخراط في العمل السياسي
وعن نشاطاتها في مجال العمل السياسي تقول أمينة بولات: “بدأت حياتي السياسية منذ الانتخابات البلدية الأخيرة التى جرت بفيينا فى شهر أكتوبر 2005، وقبل ذلك كنت أهتم دائماّ بالسياسة، خاصة وأني درست السياسة والاقتصاد لفترة ما لأنى كنت أفكر فى دخول العمل السياسي..و قد تكللت طموحاتي السياسية بالنجاح عندما تأهلت لأكون عضوة في مجلس الحي العشرين عن الحزب الاشتراكي النمساوي SPÖ الذي انضممت إليه منذ سنة واحدة تقريباّ.وعن التوافق بين السياسه والدراسه قالت : القرار كان صعباّ بين أن أكون طالبه وأن أكون سياسيه معاّ و لابد أن
هل نرى فى المستقبل وزيرة نمساويه محجبه
أعمل قليلاّ للمساهمه فى مصاريف دراستى مع الخدمات التى أقدمها لبعض أفراد الجاليه التركيه ولكن أن لم أقبل على هذة الخطوة فلن يقبل عليها احد من الأخوة والأخوات المسلمين ويجب التحلى بالشجاعه والصبر واود أن أشق طريقاّ صعباّ لاكون قدوة للأخرين من النساء المسلمات وما سرنى عندما أتو الناس إلى للتهنئه بالفوز وخاصه كبار السن وأرتياحهم على الخطوة التى أقدمت أليها أنها كانت مفاجئه لى ، مع العلم كان هناك أربعه زكور غيرى مرشحون فى فيينا . وعند سؤالها هلى تصبحين مثلاّ وزيرة نمساويه محجبه قالت الأبواب مفتوحه لمن يريد أن يصل إلى هذا المنصب ولكن أنا شخصياّ لاأود ذلك