تحدث في مؤتمر فلسطينيي أوروبا عن ثقافة العودة في ستينية النكبة
الجعيدي: مسيرة العودة تهتدي بالثقافة والاحتلال يتكئ على عصا القوة
اعتبر الأكاديمي الفلسطيني الدكتور محمد الجعيدي، أنّ مسيرة العودة الفلسطينية تهتدي في طريقها إلى الوطن بمعطيات الثقافة، بينما تتكيء استمرارية الاحتلال على عصا القوة كشرط لوجوده.
ورد ذلك في مشاركة الدكتور الجعيدي، المقيم في أسبانيا والذي يقوم بنشاط ثقافي موسوعي، في مؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس، الذي انطلقت أعماله في كوبنهاغن، السبت الثالث من أيار (مايو)، تحت شعار “ستون عاماً .. وللعودة أقرب”، بمشاركة عشرة آلاف فلسطيني حضرت وفودهم من شتى أرجاء أوروبا. ونظّمت المؤتمر الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، ومركز العودة الفلسطيني، والمنتدى الفلسطيني في الدانمرك، بالاشتراك مع المؤسسات الفلسطينية العاملة في الدانمرك وخارجها.
ففي ورقته عن “ثقافة العودة في ستينية النكبة، آفاق التطوير”؛ قال الجعيدي “تهتدي مسيرة العودة الفلسطينية، في طريقها إلى الوطن، بكل مقوماته المادية والمعنوية، بمعطيات الثقافة، بينما تتكيء استمرارية الاحتلال الصهيوفرنجي، غاصب وطننا، على عصا القوة كشرط لوجوده”.
ورأى الأكاديمي الفلسطيني أنّ “ثقافة العودة لن تكون بعد ستينية النكبة وليدة اجتهاد، في لحظة ما، وإنما هي فعل وحقيقة متجذرة في الأرض والإنسان”.
ولاحظ الدكتور محمد الجعيدي أنه “منذ اليوم الأول للنكبة، قامت مسيرة العودة الفلسطينية واستعادة الحقوق الوطنية، من مدارس مخيمات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وخيامها، في المنافي، على أركان التعلم والتثقف”، وأضاف “وقبل النكبة كانت مدرسة القسام الجهادية، في مسجد حيفا وفي أحراش يعبد، ولا تزال حتى اليوم، أنموذجاً متطوراً لفهم الثقافة فهماً متجذراً في تاريخ الإنسان الفلسطيني”.
ورأى الدكتور الجعيدي أنه “من أجل فهم أفضل وتفعيل أكبر لاستيعاب دور ثقافة العودة، يتوجب الحفاظ على الذاكرة الجماعية الوطنية الفلسطينية التي تدين المحتل القاتل، وتحمل الكيان الإسرائيلي المسؤولية الجنائية والأخلاقية عن جرائمها، منذ النكبة وحتى اليوم، باعتبار التأكيد على هذه المسؤولية ركيزة من ركائز العودة، مما يدفع للحفاظ على هذه الذاكرة الجماعية وتنشيطها، بجمع المعلومات عنها وتوثيق مصادرها، بمختلف فنونها، الأدبية والتراثية والجغرافية والتاريخية، وسير شخصياتها الجهادية والعلمية، وتوثيق الشهادات الحية ممن بقي على قيد الحياة، من الناجين الفلسطينيين من تلك المحارق الصهيونية”.
وشدّد الجعيدي على أنّ “أجدى وسائل التمسك بالحياة والحق والكرامة والأمن والتعايش، هي تلك المستمدة روحها وممارستها من هذه الثقافة الأزلية المنزّلة المحفوظة، الداعية للتعاطي مع الأمور بالحسنى، في حدود الحق والعدل، وإلا فلتؤخذ الحقوق غلابا، بالتصدي والمقاومة والدفاع عن الأمة والوطن والهوية”.
واعتبر الدكتور محمد الجعيدي أنّ “القوة لا تلزم صاحبها مفتقد الثقافة الإنسانية بأي أخلاق، فتقوده بذلك إلى الخسران، في حين تلزم الثقافة صاحبها بامتلاك القوة والتمسك بالأخلاق، لتتكامل عنده عناصر الفوز، وإن جاء بعد امتحان وصبر واحتساب”.
وخلص الأكاديمي الفلسطيني إلى أنّ “آفاق التطوير في التعاطي مع ثقافة العودة لا تكون إلاَّ بالتبصر في معطيات العودة في ثقافتنا الأم، وتربية النفس على آدابها الإنسانية السامية، بدون مداهنة أو أنانية، أو خوف، أو مداراة أو وجل”، وفق قوله.