تقود تجارة الدولار في مصر إلى الثراء السريع الذي ربما لا يتجاوز الساعات، ولكن في نفس الوقت قد تقود إلى السجن لسنوات أيضاً.
كانت تجارة العملة في مصر تقتصر قديماً على بعض التجار المنتشرين في مناطق عشوائية، وكانت كل منطقة تحتوي على تاجر واحد فقط، ولكن مع الوقت أصبح قدامى التجار هم أصحاب شركات الصرافة المنتشرة في محافظات مصر والذي تجاوز عددها في بداية العام الجاري نحو 115 شركة، تمتلك كل شركة نحو 5 مكاتب موزعة في شوارع القاهرة الكبرى.
بسرعة كبيرة وبحلول منتصف العام الماضي تحولت تجارة العملة إلى مهنة، كل إمكانيات ومؤهلات أصحابها أنهم يعرفون أزمة شح الدولار والأرباح التي يحصدها تجار العملة، حتى إن بعض صغار التجار جمع مبلغاً من المال من أصحابه وأقاربه، ليحصل خلال أيام معدودة على لقب “تاجر عملة”.
“محمد” الذي لا يتجاوز عمره الثلاثين عاماً والذي رفض الإفصاح عن مزيد من بياناته الشخصية خوفاً من ملاحقة الأجهزة الأمنية في مصر، قال إنه يتاجر في العملة منذ أكثر من عامين، وقبل ذلك كان يعمل محاسباً بإحدى شركات الصرافة.
قال في حديثه لـ”العربية.نت”، إن أصحاب شركات الصرافة يحققون أرباحاً كبيرة خلال مواسم أزمة الدولار، وهذه المواسم معروفة للجميع، مؤكداً أن غالبية أصحاب شركات الصرافة كانوا قبل ذلك تجار عملة يعملون من منازلهم ومن الشارع وربما أيضاً من المقاهي، وبمرور الوقت أصبحوا من أصحاب شركات الصرافة الكبرى.
أشار إلى أن حجم تجار العملة قفز خلال العامين الأخيرين بسبب أزمة عدم وجود الدولار في السوق بنسبة تتجاوز 200 وربما 300%، حيث أصبح كل شارع بالقاهرة يحتوي على أكثر من تاجر عملة، إضافة إلى عدد من فروع شركات الصرافة.
أوضح أن غالبية التجار المنتشرين في الشارع يعملون مع شركات صرافة كبرى، حيث يقوم كل تاجر بتجميع الدولارات من السوق ومن الشارع، ثم يتوجه بها إلى شركة الصرافة التي يتعامل معها ويحصل على نسبة من الأرباح تصل إلى 50% مع وجود الثقة وحسب الكميات التي يقوم التاجر بتوريدها لشركة الصرافة.
وتابع: “حينما كنت أعمل في شركة صرافة كان راتبي لا يتجاوز ألفي جنيه تساوي نحو 180 دولارا، ولكن حالياً أحصل من تجارة العملة على ما يتراوح بين 25 و30 ألف جنيه شهرياً، أي ما يساوي أكثر من 2500 دولار تقريباً”.
ومع انتشار تجارة العملة غلظ مجلس النواب المصري عقوبة المتاجرة في العملة واعتبرها جريمة تصل عقوبتها إلى السجن والغرامة التي تتجاوز ملايين الجنيهات، ما تسبب في تضييق الخناق على غالبية التجار الذين يتحايلون على الرقابة بالتعامل فقط مع أصحاب الثقة والمعروفين لديهم.
وتسببت التشديدات والرقابة الأمنية في أن يتراجع حجم وعدد التجار، كما أغلقت الحكومة المصرية ما يقرب من نصف شركات الصرافة، ما تسبب في وجود أزمات كبيرة يواجهها تجار العملة الصغار الذين بالفعل تمكنوا من تحقيق أرباح قياسية قبل الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة المصرية مؤخراً.