كلما حل شهر رمضان حلت البركة والاطمئنان في قلوب المسلمين. وكذلك الحال مع المسلمين بالنمسا؛ حيث يكون الشهر الكريم فرصة سنوية للتجمعات واللقاءات بين أبناء الأقلية المسلمة حول موائد الإفطار التي تعمر بها النمسا طوال شهر الصيام. ناهيك عن الأجواء الروحانية التي تهب نفحاتها على نفس المؤمن فتعمل على تصفية القلوب.
وتختص النمسا دون غيرها من دول أوروبا بعادات وتقاليد في شهر رمضان تميزه عن بقية الاشهر. ففي هذا الشهر تتوالى الدعوات الرسمية والحكومية لموائد الإفطار، حتى أصبحت هذه الدعوات جزء لا يتجزأ من التقاليد النمساوية تجاه الأقلية المسلمة خلال هذا الشهر الكريم.
فمما يزيد الشعور ببهجة شهر الصيام في بلدنا النمسا أننا نجد من قيادات البلاد من يسارعون إلى مشاركتنا فرحة الإفطار بدعوات تعبر عن حقيقة أن المسلمين أصبحوا جزءا من المجتمع النمساوي يفرح لأفراحه ويهتم لأتراحه.
ففي يوم الأربعاء 29-6-2016 فتحت بلدية فيينا أبوابها ليواصل عمدتها ميخائيل هويبل تقليدا بدأه سنوات طويلة؛ حيث استقبل نحو 300 شخص من ممثلي المسلمين بالنمسا على مائدة إفطار أقيمت بقبو مبنى البلدية العتيق المحلى بزخارف وطرز معمارية أضفت بهاء ووقارا وبهجة على المكان.
توافد المدعوون من الساعة الثامنة والنصف مساء إلى المبني الأثري بوسط العاصمة فيينا وسط ترحيب من مضيفيهم عمدة فيينا وعضو البرلمان المسلم مهندس عمر الراوى صاحب ومهندس فكرة تواجد المسلمين في الاحتفالات السياسية ومشاركة المسؤولين مناسباتهم وأعيادهم الدينية ، وبعض من أعضاء برلمان فيينا.
بدء عمدة فيينا دكتور ميخائيل هويبل فى كلمته الترحبيه بالوقوف دقيقة حداد على ضحايا مطار كمال أتاتورك فى مدينة أسطانبول بعدها أعرب عن رفضه للأرهاب بكل أنواعة ومهما كانت أسبابة ,
وأكد هويبل على رفضه استخدام العداء للأجانب أو المسلمين كدعاية انتخابية رخيصة مؤكداّ على سعادته وفخره بوجوده وسط مسلمين نمساويين داعياّ فى الوقت نفسه على التعايش معا وليس بجانب البعض حسب قول هويبل.
وأشاد هويبل في هذا الإطار بمستوى الوعي لدى ممثلي وأبناء الأقلية المسلمة بالبلاد، وحرصهم الشديد على التعايش والتعاون مع معتنقي بقية الأديان والطوائف داخل المجتمع النمساوي، وعدم الانجرار وراء الاستفزازات التي تصدر من قبل بعض الجهات التي تريد تعكير صفو التسامح الديني بالنمسا.
ومن جهته توجه إبراهيم أولعون 34 سنة رئيس الهيئة الدينية الإسلامية الجديد الذى تم أنتخابة يوم الأحد الموافق 19 من يونية الحالى 2016 (الممثل الرسمي لمسلمي النمسا) بالشكر لعمدة فيينا على حرصه على الالتقاء بالمسلمين في المناسبات الدينية المختلفة، وهو الحرص الذي يعكس أجواء التعايش المتميزة التي يحظى بها مسلمو النمسا على مستوى القارة الأوروبية مع التنويه على أن الأفطار أصبح تقليدا متبعا فى كل عام ، كما أكدد أولعون على أن أنتخابات الرئاسة التى جرت يوم 22 من مايو الماضى وتوجه الناخب المسلم بأنتخاب الأنسانية من خلال تأيدة للرئيس ألكسندر فان دير بللن ضد مرشح حزب الحرية اليمينى المتطرف نوربرت هوفر .
بعدها تم رفع أذان المغرب بواسطة مبعوث الأزهر الشريف الدكتور فرج الله الشاذلى وسط الحضور وفى قاعة جانبيه خصصت للصلاة تناول الصائمون حبات من التمر والماء أعقبها إقامة الصلاة، وأعقب الصلاة طعام الإفطار الذي استغرق نحو الساعتين ويزيد.
ويشار ألى أن عدد من المسئولين النمساويين يوجهون الدعوات للمسلمين لمشاركتهم حفلات الإفطار والأعياد، وعلى رأسهم رئيس النمسا الدكتور هانز فيشر رئيس البلاد ومستشار النمسا كرستيان كيرن ووزير الخارجية سبستيان كورتس ورئيس البرلمان.
أدركنا بفضل الله هذا الشهر الكريم كل أمانينا ، ونسأل الله عز وجل أن يتم علينا وعلى هذا البلد نعمة الأمن والأمان، وأن تتمتع الأقليات المسلمة في بقية دول القارة الأوروبية بنفس الامتيازات والحقوق الدستوريه التي يتمتع بها مسلمو النمسا في ممارسة الشعائر الدينية وإقامة المؤسسات والمنظمات التي تدير شؤونهم وكذلك حرية إقامة المساجد والتي يصل عددها الآن نحو أكثر من 300 مسجد ومصلى، منها نحو 90 مسجدا بالعاصمة فيينا وحدها .
وحصل المسلمون بالنمسا على هذه الحقوق منذ ما يقرب من قرن من الزمان عندما أصدر القيصر فرانس يوسف إمبراطور النمسا عام 1912 قانون الإسلام لاستيعاب المواطنين المسلمين (من إقليم البوسنة والهرسك) الذين انضموا للإمبراطورية النمساوية-المجرية فى تلك الأيام.