“”إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ”.. كان هذان أهم شرطين للذبح وضعهما لنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، ورغم ذلك فإن البعض يسيء معاملة الأنعام ولا يحسن تذكيتها؛ فيؤدي ذلك إلى تراجع كبير في جودة لحمها وسرعة تلفه، بل وأضرار صحية جسيمة.
هذا ما أكدته الأبحاث العلمية؛ حيث إن توتر الحيوانات قبل ذبحها يؤدي إلى انخفاض ضغط دمها بدرجة ملحوظة؛ وهو ما يؤدي إلى تدفق دمائها عند شق القصبة اللهائية بصورة أكثر بطئا، فضلا عن بقائها واعية وعلى قيد الحياة لفترة أطول، كما أن معدل نزفها حتى الموت يكون أسوأ كثيرًا. ويؤدي توتر الحيوانات قبل ذبحها إلى الإضرار بالعديد من العمليات الكيماوية الحيوية في جسدها؛ فتتحول لحومها إلى لون أغمق، وتكون أكثر جفافًا وتيبسًا فيما يعرف باسم اللحم الداكن.
وقد تضمن تقرير أصدرته جمعية الرفق بالحيوان الدولية مؤخرًا العديد من الممارسات المخزية التي تمثل إخلالا بتعاليم الإسلام فيما يتعلق بمعاملة الحيوانات في مزارع الإنتاج، وخلال عمليات النقل إلى الأسواق والمجازر، بالإضافة لما تلاقيه أثناء عملية الذبح من ممارسات نهى عنها الإسلام.
معاملة غير حيوانية
ويذكر التقرير الذي أعدته الدكتورة “بيترا ماريا سيدهم” مستشارة جمعية ملائكة الرحمة بالحيوان الدولية من بين تلك الممارسات التي تضر بالحيوانات والإنسان على السواء.. أنه عادة ما يتم إتباع إجراءات جماعية في علاج الحيوانات بالمزارع ومحطات التسمين، ولا يهتم أحد بمتابعة ما إذا كان يتم الالتزام بفترات الانتظار المقررة بعد معاملتها بالمضادات الحيوية وأنواع أخرى عديدة من الأدوية أم لا؛ وهو ما يؤدي إلى ترسيب بقايا هذه المضادات والأدوية داخل اللحوم؛ لتشكل السبب الرئيسي لانتشار الحساسية المتزايدة التي تصيب الكثير من الناس.
كما تحدث التقرير عن حرمان المستوردين للحيوانات من شرب الماء لتجنب الزيادة في أوزانها لتوفير بعض المال حتى في قيظ الصيف لفترات تصل في بعض الأحيان إلى 36 ساعة، على الرغم من أنه من المعروف دوليا أن قدرة تحمل الحيوان للحرمان من الماء لا تزيد على 6 ساعات.
وكثيرًا ما يتم إنزال الحيوانات من على متن السفينة على نحو لا يخلو من القسوة الشديدة؛ حيث يقوم العمال غير المؤهلين بضرب الحيوانات دونما داع بكل ما تصل إليه أيديهم من آلات غير ملائمة كالعوارض الخشبية المثبتة في آخرها مسامير صدئة والمطارق الغليظة، كما يتم نقل الحيوانات في شاحنات غير مجهزة، أرضيتها زلقة بفعل البول والبراز، ونادرًا ما يتم فرشها بالقش، ويتم تكديس الحيوانات في الشاحنات بكثافة مرتفعة؛ وهو ما يجبرها على الوقوف متلاصقة ببعضها على نحو لا يسمح لها حتى بإدارة رؤوسها بشكل مستقيم إلى الأمام، وعندما تصل إلى المجازر بعد رحلة العناء تؤوي في أماكن غير مسقوفة حتى يحين ذبحها، ولا تقدم لها ولو رشفة ماء إذا كان مقررًا ذبحها في نفس اليوم.
على أن أفظع ما تضمنه التقرير هو مدى القسوة والعنف الذي اعتاده بعض الجزارين لكبح جماح الحيوانات الهائجة من أجل السيطرة عليها، والتمكن منها لإتمام عملية الذبح؛ حيث يقوم الجزارون بفصل أربطة الأرجل الخلفية وأحيانا الأمامية أيضا حتى تنهار الحيوانات وتخور قواها؛ فلا تقوى أرجلها على حملها، كما يلجئون أحيانا إلى “خزق” عيونها واقتطاع أجزاء منها كاللسان وهي لم تسلم الروح بعد، وطعنها في أجزاء متفرقة من جسدها لدفعها إلى مكان الذبح، وكذلك البدء في سلخها قبل اكتمال موتها، إلى غير ذلك من الممارسات التي تؤدي إلى موت الحيوانات عند ذبحها، وهي في حالة من الصدمة -من وجهة النظر الطبية- المخالفة لتعاليم الدين الإسلامي التي ترفض تعمد إيلام المخلوقات البريئة.
الإحسان.. واجب
وفي مواجهة هذا التقرير يوضح الدكتور عبد الحليم عويس أن الإنسان والحيوان والنبات شركاء في هذه الأرض، وكل عضو يأخذ من الآخر ويعطي له، وقد كرم الله الإنسان وسخر له الشريكين الآخرين، وأمره في مقابل ذلك بالحب لهما والإحسان إليهما. وأن القرآن الكريم يشدنا بقوة إلى ضرورة تأصيل الود والرحمة والإحسان، وإذا كانت العناية الإلهية قد سلطت واحدًا منها على الآخر فيجب أن يكون كريما رحيما، لا سيما في تلك اللحظات التي يسلبها فيها أغلى ما لديها وهو الحياة؛ فيجب أن يكون ذلك بأكرم الطرق وأفضلها.
وأضاف الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر بالقاهرة أن معاملة الحيوانات بطريقة غير إنسانية ليس بها رحمة، أو ذبحها دون إنهار دمها بالكامل يؤدي إلى سرعة تلف اللحوم؛ وهو ما يعد إهدارًا للثروة الحيوانية.
وطالب بالتمسك بأحكام الشريعة الإسلامية في رعاية الحيوانات وذبحها؛ لما يحققه ذلك من طيب اللحم وجودته. وأشار إلى ضرورة العمل على التوعية المكثفة المستمرة للمواطنين عبر وسائل الإعلام، والاعتماد على الدور المهم للدعاة وأئمة المساجد في إشاعة الوعي بالأحكام الشرعية للذبائح والآداب المرتبطة بعملية الذبح، وإحسان معاملة الحيوانات والمخاطر التي يمكن أن تترتب على تجاوز هذه الآداب.
أهم الوصايا.. للمضحي
وفي النهاية نقدم لك عزيزي المضحي أهم الوصايا التي يجب عليك مراعاتها عند ذبح أضحيتك.. يجب أن يكون الذبح بسكين حاد ليقطع الزور على الفور بدون أن يتسبب ذلك في أي ألم للحيوان، بل ولا ينصح بشحذ السكين أمام الحيوان حتى لا يتوتر، كما لا يجر الحيوان على الأرض إلى مكان الذبح، ولا يذبح أمام الحيوانات الأخرى إذا كان هناك أكثر من حيوان سيتم ذبحه.
يوضع الحيوان بهدوء على الأرض في راحة تامة مع السيطرة عليه دون استخدام العنف غير المبرر أو القسوة المفرطة، ويتم تقييد 3 قوائم فقط مع بعضها. والذبح يجب أن يكون فوريًا بمجرد وضعها على الأرض دون إبطاء، ويترك الحيوان يتحرك بحرية بعد الذبح لاستكمال نزف الدم؛ ليكون كاملا قدر الإمكان، ولا ينصح بفصل الرأس عن الجسد أو وصول السكين إلى النخاع الشوكي.
نقلاّ عن إسلام اون لاين
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة “رمضان الإخباريه” تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة للإعفاء من المسؤولية..
مواضيع ذات صلة
دليلك المفيد فى شراء خروف العيد – رفقا بالحيوان وآكله.. اذبحه!
دليلك المفيد فى شراء خروف العيد – آداب ينبغي مراعاتها عند الذبح
دليلك المفيد فى شراء خروف العيد – أكرم أضحيتك.. بإحسان ذبحها