مازالت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تتداعي وتتطور رغم محاولات اقامة السدود والمصدات امام الاعصار الاقتصادي الذي يدمر كل شيء.
علماء الاقتصاد الاسلامي يؤكدون ان المنهج الاسلامي راعي مثل هذه المشكلات ووضع من وسائل الحماية ما يمنع مثل هذا السقوط بدليل ان محاولات علاج الازمة تدخل في اطار ما وضعه الاسلام من حلول.
والسؤال هل ستسعي مؤسساتنا الاقتصادية الي التخلص من كل ما من شأنه ان يحدث سقوطا مدويا ومفاجئا لكيانات اقتصادية عظيمة مثلما حدث في الغرب. وهل سيقنع الذين لا يؤمنون بالقواعد والمنهج الاقتصادي الاسلامي بما يثبته الواقع ويأخذون بمنهج هذا الاقتصاد ولو علي سبيل المصلحة وليس التدين.
الدكتور محمد عبدالحليم عمر مدير مركز الاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر يقول: ان المتابع لاسباب ما حدث يكتشف ان اسبابه هو أمور محرمة شرعا اي الاسلام لا يقرها ويرفضها وكذلك الاقتصاد الاسلامي والغريب ان الحلول المقترحة هي المطلوبات الشرعية في الاقتصاد فعلي سبيل المثال فإن النظام الرأسمالي الذي يقوم علي الحريات المنفلته بدأ يتخلي عن هذا المنهج حيث تتدخل الحكومات الآن لضبط هذه الحرية التي احدثت هذا السقوط الهائل للكيانات الاقتصادية بشكل مدهش فها هي حكومات غربية تتدخل لضبط ايقاع السوق وهو ما دعانا المولي سبحانه وتعالي إليه في قوله تعالي: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراص منكم ولا تقتلوا انفسكم إن الله كان بكم رحيما”.
ويشير الدكتور عبدالحليم، بحسب جريدة ” الجمهورية” المصرية ، إلي أمر مهم وهو رفض المنهج الاقتصادي الاسلامي للبيوع المنهي عنها شرعًا كالغش والتدليس والجهالة وكذلك كان الاقتصاديون الغربيون يقولون ان الدين والاخلاق لا يمتان للاقتصاد بصلة وهانحن نجد الغربيين يدعون الآن إلي المنهج الاقتصادي الاسلامي فنجد ساركوزي رئيس فرنسا يقول يجب ان يكون هناك سياج اخلاقي يحمي التعاملات الاقتصادية.
كذلك من اسباب الازمة الاقتصادية العمل بمنهج البيع علي المكشوف اي ان يبيع الانسان ما ليس عنده وكذلك الشراء بالهامش اي الشراء دون دفع وهي امور محرمة في الاسلام وقد أكدت هذا التحريم مقررات مجمع الفقه الاسلامي وهانحن نجد امريكا تمنع هذه الطرق من التجارة وتتبعها في ذلك بريطانيا وقال: إن المشكلة لن تنتهي وستزداد ان لم تكن هناك حلول جذرية فقد ركز الغرب علي الاقتصاد المالي وليس الاقتصاد الحقيقي وهو مرفوض في الاسلام فالاسلام يقرر ان تكون كل حركة مال تقابلها خدمات لكن الغربيين ركزوا علي حركة المال وتوسعوا دون ان تكون مقابلها خدمات وانتقال سلع لذلك اصبح المنهج الرأسمالي هو منهج الاقتصاد المديون كل الناس فيه مديونه.
ودعا الدكتور محمد عبدالحليم عمر الغرب الي الاخذ بالمنهج الاسلامي ولو علي سبيل المصلحة ودعا الدول الاسلامية الي الاسراع بنفض يديها من الممارسات الاقتصادية غير الحقيقية في البورصة وغيرها وهي ممارسات محرمة وهي سبب الازمة الاقتصادية الحالية.
الدكتور سعد الدين هلالي الاستاذ بجامعة الازهر يقول ان الازمات الاقتصادية من اسبابها الخروج عن جوهر التعاملات التجارية بحيث تكون المضاربة في البورصة علي الربح وليس السلع اي انها تجارة مال بمال وهو ما لا يحقق مردودا واقعياً علي الناس فليس هناك نقل السلعة من مكان الوفرة الي اماكن الندرة كما هو الهدف من التعاملات التجارية الاسلامية التي تعتبر أن التجارة هي عملية نقل البضاعة من مكان لمكان لتحقيق مصالح الناس عن طريق العرض والطلب ومع ذلك فان الاسلام طالب اتباعه بالرفق في وضع هامش الربح فليس الامر مفتوحا ولا منفلنا. كما جعل الاسلام ان من الدين ان يكون هدف التاجر هو تلبية حاجات الناس وان يظهر عيوب السلعة اذا كانت بها عيوب لان الدين النصيحة ومن غشنا فليس منا. وإذا ثبت فساد السلعة كان من حق المشتري الرجوع في الصفقة.
وقال ان من الضمانات الفريدة في الاسلام هو مراعاة حق المشتري في المشاورة مع نفسه فاعطاه ما يسمي خيار المجلس والمقصود بذلك ان المشتري بعد ان يشتري يكون له الحق المطلق في ان يعود في الصفقة مادام في المجلس كل هذا يتعارض مع المنهج الاقتصادي الغربي وكذلك البورصة التي تعمل علي خدمة التاجر فقط وليس المشتري فهي تفتقد الرحمة والاخلاق فيما اشتراه اما في الاسلام فالقاعدة رحم الله امرءا سمحًا إذا باع واذا اشتري وإذا قضي وإذا اقتضي.