وثيقة الستينيّة البيان الختامي لمؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس المنعقد في كوبنهاغن، في الثالث من أيار/ مايو 2008
تحت شعار “ستون عاماً .. وللعودة أقرب”
في الذكرى السنوية الستين، لنكبة شعبنا الفلسطيني، وبكل ما تستدعيه هذه الذكرى من آلام عاشها الشعب الفلسطيني عبر تلك الكارثة التي جرى إيقاعها عليه، وبكلِّ ما جرّته عليه النكبة من محن متلاحقة ومآسٍ متواصلة؛
وتأسيساً على ما ورد في مقرّرات مؤتمرات فلسطينيي أوروبا، التي انعقدت بحضور مؤسّساتهم وجمعيّاتهم واتحاداتهم وجماهيرهم في لندن (2003)، وبرلين (2004)، وفيينا (2005)، ومالمو (2006)، وروتردام (2007)؛
وانطلاقاً من المداولات والمشاورات التي تخللتها أعمال مؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس، الذي انعقد بنجاح كبير في كوبنهاغن، اليوم السبت، الثالث من أيار/ مايو 2008، والذي نظّمته الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، ومركز العودة الفلسطيني، والمنتدى الفلسطيني في الدانمرك، بالاشتراك مع المؤسسات الفلسطينية العاملة في الدانمرك وخارجها؛
وتمثّلاً للشعار الذي رفعه مؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس، في الذكرى السنوية الستين للنكبة الفلسطينية: “ستون عاماً وللعودة أقرب”؛
فقد خلص فلسطينيو أوروبا في مؤتمرهم السادس، الذي حضره ما يقارب عشرة آلاف مشارك يتوزّعون على وفود جاءته من شتى أرجاء القارة الأوروبية، وبحضور شخصيات وقيادات فلسطينية بارزة وفاعلة من الوطن المحتل وخارجه؛ إلى المقررات التالية:
1/ يشدِّد الفلسطينيون في أنحاء القارة الأوروبية، على أنّهم جزء من الشعب الفلسطيني بعمقه التاريخيّ وإرثه الحضاريّ وبهويّته العربية والإسلامية، وعلى أنّ الشعب الفلسطيني في شتى مواقع انتشاره هو وحدةٌ واحدة، لا تنفصم عراها ولا تقبل التجزئة.
2/ يعلن الفلسطينيون في أوروبا، استمرارَهم في التشبّث بهويّتهم الوطنية الفلسطينية، وخصوصيّتهم الثقافية، وأنهم يعايشون الهمّ الفلسطيني المشترك، وينافحون عن الحقوق الفلسطينية العادلة التي لا تقبل التفريط أو التجزئة، ولا المساومة أو الإرجاء.
3/ يواصل الفلسطينيون في أوروبا، شأنهم شأن أبناء شعبهم جميعاً، التشديد على حقِّهم في العودة إلى أرضهم وديارهم التي هُجِّروا منها، مؤكدين رفضهم لكل المحاولات الرامية إلى المساس بهذا الحق، أو تجاوزه، أو المساومة عليه، ومشددين على أنهم لن يتنازلوا عن حق العودة ولم يخوِّلوا أحداً للتنازل عنه.
4/ يطالب الفلسطينيون في أوروبا، المجتمع الدولي بالمسارعة إلى تفعيل حق العودة، بتمكين أبناء الشعب الفلسطيني أينما كانوا من العودة إلى أرضهم وديارهم التي هُجِّروا منها قسراً، مع التعويض إلى جانب ذلك عن كافة الخسائر والأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بهم وبأجيالهم جراء ذلك التهجير وطوال سنوات اللجوء والشتات وما تخللها من معاناة مركّبة وأضرار جسيمة.
5/ يستهجن الفلسطينيون في أوروبا، بأقصى العبارات، الخطوات التي اتخذتها بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية في أوروبا، في التساوق مع الاحتفال بتأسيس دولة الاحتلال، رغم ما تعنيه هذه الاحتفالات من استخفاف جسيم بالنكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني سنة 1948؛ وبكل ما تضمنته من مجازر جماعية وتطهير عرقي وطرد منهجي للسكان وتدمير لمئات القرى وتزوير لهوية الأرض الفلسطينية وتاريخها.
6/ يلاحظ الفلسطينيون في أوروبا، بإكبار واعتزاز، أنّ حلول الذكرى السنوية الستين للنكبة يأتي بينما يواصل الشعب الفلسطيني التمسّك بحقوقه الوطنية والتطلّع إلى تحقيق آماله المشروعة، رغم التضحيات الجسيمة والمتواصلة التي ما زال يتكبّدها هذا الشعب المصابر على هذا الدرب، وإنّ هذا الصمود وذاك الإصرار، إنما يعزِّز البشرى بقرب تمكّن الشعب الفلسطيني من حقوقه ونيل حريّته وتحقيق مطالبه المشروعة أسوة بشعوب العالم.
7/ يثمِّن الفلسطينيون في أوروبا، باعتزاز كبير، صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته الكبيرة التي قدّمها عبر قرابة قرن من الزمن، من الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين، دفاعاً عن وطنه ودياره ومقدّساته، وذوْداً عن حقوقه وحريّته وكرامته، وهو ما مكّن هذا الشعب الذي تمسّك بحقه المشروع في مقاومة الاحتلال؛ من العبور بقضيّته إلى آفاق تنفتح على عودته الكريمة وتقريره لمصيره، والخلاص من الاحتلال والسيادة على أرضه الفلسطينية.
8/ يحذِّر الفلسطينيون في أوروبا من خطورة التهديدات المتعاظمة التي تحدق بمدينة القدس الشريف، عاصمة فلسطين وقلبها النابض، جراء سياسات التهويد المنهجيّ، وتبعاً لمحاولات طمس هويتها والتعدي على معالمها التاريخية وخصوصيّتها الحضارية والثقافية، وينبِّهون إلى خطورة المساس بالمسجد الأقصى المبارك أو انتهاك حرمة المقدّسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية في المدينة.
9/ يجدِّد الفلسطينيون في أوروبا، إدانتهم الشديدة لنهج الحصار الجائر المفروض على أبناء شعبهم في قطاع غزة، ويعتبرون استمرار الحصار جريمةً منهجية، بكل المقاييس الإنسانية والأخلاقية، وتعبيراً فاضحاً عن حالة مهيمنة من غيبة الضمير تستمرئ قطع شرايين الحياة عن مليون ونصف مليون إنسان. ويطالب الفلسطينيون في أوروبا بالرفع الفوري، بدون إبطاء أو تلكؤ، لهذا الحصار، ووقف العدوان المتواصل على مدن وقرى فلسطين من رفح حتى جنين، ونطالب الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف أكثر حزماً لرفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، ويعتبرون وقف الحصار اختباراً جدِّياً للموقف الأوروبي من حقوق الإنسان، فضلا عن مطالبتنا للعالم العربي والاسلامي بالوفاء بالتزاماته وفي مقدمته جمهورية مصر العربية بضرورة العمل باتجاه كسر الحصار وفتح معبر رفح.
10/ يؤكد الفلسطينيون في أوروبا إدانتهم الشديدة للاحتلال الإسرائيلي ولسياساته المتفاقمة على الأرض، كالاستيطان المتعاظم، وإقامة جدار الفصل العنصري الذي يلتهم الأرض الفلسطينية، واستهداف الأراضي سواء منها المحتلة سنة 1948 أو سنة 1967 بالنهب والمصادرة، ومواصلة هدم البيوت بذرائع شتى، فضلاً عن إقامة مئات الحواجز وإغلاق المعابر وتقطيع أوصال التجمعات السكانية الفلسطينية.
11/ يحذّر الفلسطينيون في أوروبا، من المرامي الكامنة في التلويح المتزايد بتعبير “الدولة اليهودية”، مما يعني تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، خاصة وأنّ ذلك يجري في ظلّ التهديدات الإسرائيلية بتصعيد الحملات العنصرية الرسمية بحق الفلسطينيين الذين يعيشون فوق الأرض المحتلة سنة 1948، ومحاولات المساس الدؤوبة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم.
12/ يبعث الفلسطينيون في أوروبا، برسائل الإكبار والاعتزاز، إلى قرابة اثني عشر ألف أسير قابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يقاسون فيها صنوف التعذيب والبطش اليومي، ويلفت الفلسطينيون في الشتات الأوروبي أنظار كافة الأطراف إلى خطورة تجاهل هذه القضية بكل ما تنطوي عليه من مظالم جسيمة وانتهاكات بالغة، وهو ما يفرض التدخّل الدولي لإنهاء معاناة الأسرى وذويهم بدفع سلطات الاحتلال إلى إطلاق سراحهم والكف عن الزجّ اليومي بالفلسطينيين في سجونها.
13/ يؤكد الفلسطينيون في أوروبا، أنّ الوحدة الوطنية هي خيار الشعب الفلسطيني ومطلبه المتجدِّد، وأنها مرتكزه في مواجهة الظروف القاهرة المسلّطة عليه، وأنّ هذه الوحدة هي رصيد لهذا الشعب في مواجهة الاحتلال وحماية ثوابته الوطنية ورعاية مصالحه العليا، وأنّ الحوار الجاد هو الآلية الوحيدة التي ينبغي أن تسود البيت الفلسطيني في معالجة كل المسائل الداخلية المطروحة.
14/ يؤكد الفلسطينيون على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للفلسطينيين على أساس إعادة تشكيلها على أسس ديمقراطية وانتخابات حرة بمشاركة كافة شرائح الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات. كما ويطالب الفلسطينيون في أوروبا بتحقيق جاد لكشف ملابسات جريمة اغتيال الرئيس ياسر عرفات.
15/ يذكِّر الفلسطينيون في أوروبا، بأنّ قضية الشعب الفلسطيني، في العودة وتقرير المصير والتحرّر من الاحتلال؛ تبقى في الذكرى الستين للنكبة جديرةً بإسناد كل الواقفين في خانة العدالة، وكل المدافعين عن الحق، وكل المناصرين للإنسانية، ويعربون عن تثمين الشعب الفلسطيني لكافة المواقف التضامنية مع قضيّته في الساحة الأوروبية، واعتزازه بها، بكل ما تمثله من أهمية وتأثير.
وفي الختام؛ يبعث الفلسطينيون في أوروبا، بتحيّاتهم إلى أبناء شعبهم الفلسطيني في شتى مواقع الانتشار، داخل الوطن؛ من المنزرعين في الأراضي المحتلة سنة 1948 وسنة 1967، وخارجه من الموزّعين على مخيمات اللاجئين ورقاع الشتات، مؤكدين لهم جميعاً، وللعالم بأسره أنّ الشعب الفلسطيني بإرادته العملاقة وعزيمته الشامخة؛ قد أصبح بجدارة في ستينية النكبة؛ للعودة أقرب.